يشكّل اليوم الوطني للإمارات فرصة للاحتفاء بالإنجازات الأيقونية التي حققتها الدولة على مدار أكثر من خمسين عاماً.

فمنذ الإعلان عن تأسيس الاتحاد في عام 1971، لم تتوقف الإمارات يوماً عن تطوير اقتصادها وتأسيس بنية تجارية قوية قائمة على التكنولوجيا الحديثة ومنفتحة على جميع دول العالم، بما يضمن تدفق البضائع والخدمات عبر الحدود دون عوائق.

ولتحقيق هذا الهدف، أطلقت الدولة مبادرة ( اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة) التي تهدف لزيادة الانفتاح التجاري، والوصول بحجم التجارة الخارجية إلى 4 تريليونات دولار، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية.

لكن بدايةً، ما هي (اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة) وكيف تخدم الاقتصاد الوطني للإمارات؟

ما هي اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة وما فوائدها؟

اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة هي مجموعة من الاتفاقيات التجارية التي تبرمها الإمارات مع عدد من الدول لتعميق علاقاتها التجارية حول العالم.

وتهدف لتسهيل الوصول إلى الأسواق، وخفض (أو إلغاء) التعريفات، وتبسيط الإجراءات الجمركية، ووضع قواعد واضحة وشفافة لتنظيم المنافسة.

وكانت أولى الاتفاقيات التي وقعتها الإمارات ضمن هذه المبادرة مع الهند في 18 فبراير شباط 2022، والتي تبعتها اتفاقيات مماثلة مع تركيا وإندونيسيا وإسرائيل.

وتخطط الدولة لتوسيع المبادرة لتشمل المزيد من دول العالم في عام 2024.

الهند

كانت أول اتفاقية من نصيب الهند، وهدفت إلى زيادة وصول الصادرات الإماراتية إلى السوق الهندية عبر خفض أو إلغاء الرسوم الجمركية على أكثر من 80 في المئة من المنتجات، وتأسيس قناة تجارية مفتوحة عبر الحدود الهندية.

كما أتاحت وصول شركات الخدمات الإماراتية لـ11 قطاعاً رئيسياً وأكثر من 100 قطاع فرعي، مع إزالة الحواجز الفنية غير الضرورية للمصدرين الإماراتيين والهنديين، واعتماد المعايير الدولية أساساً لتنظيم الجوانب الفنية بين الجانبين.

وبموجب الاتفاقية، حصلت الشركات الإماراتية على فرصة أفضل للمشاركة في مناقصات المشتريات الحكومية الهندية، مع منحها أفضلية سعرية بنسبة 10 في المئة في مناقصات المشتريات الحكومية الإماراتية.

ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة الاقتصاد الإماراتية، يمكن للمصدرين الإماراتيين اليوم الاستفادة من سهولة الوصول إلى الأسواق الهندية بفضل الميزات الجمركية الحصرية التي تشمل خفض الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات أو إلغاءها بالكامل، ومن المتوقع خفض الرسوم على منتجات أخرى بمرور الوقت.

وقد وفرت الوزارة منصة بحث على موقعها الإلكتروني لتمكين التجار من مراجعة منتجاتهم ومعرفة الرسوم الجمركية التي تنطبق عليها وفقاً لاتفاقية الشراكة الشاملة.

إندونيسيا

وُقعت اتفاقية الشراكة والتعاون الاقتصادي بين الإمارات وإندونيسيا في الأول من يوليو تموز 2022، ودخلت حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر أيلول 2023.

وتتيح الاتفاقية للدولتين المزايا السابقة نفسها، مع تغطية المزايا الجمركية لأكثر من 90 في المئة من خطوط التعريفة الجمركية، ونحو 94 في المئة من قيمة التجارة بين الجانبين.

وأوضح ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، أن الاتفاقية تهدف لزيادة حجم التجارة غير النفطية بين الدولتين إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون 5 أعوام.

الإمارات وتركيا

تتمتع الإمارات بروابط تجارية واستثمارية قوية مع تركيا، وتُوجت تلك العلاقات بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين في يوليو تموز 2023 قبل أن تدخل حيز التنفيذ في سبتمبر أيلول الماضي.

وشملت الاتفاقية البنود والمميزات السابقة نفسها، مع تغطية المزايا الجمركية لأكثر من 83 في المئة من خطوط التعريفة الجمركية و93 في المئة من قيمة التجارة الثنائية.

ووفقاً للزيودي، تهدف الاتفاقية لزيادة التجارة البينية غير النفطية مع تركيا لأكثر من 40 مليار دولار خلال 5 أعوام.

.

الإمارات وإسرائيل

في سبتمبر أيلول 2020 وتحت رعاية أميركية، وقّعت الإمارات -إلى جانب البحرين- على اتفاقية مشتركة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بهدف فتح آفاق جديدة للاستقرار والتعاون في منطقة الشرق الأوسط، فيما يُعرف باسم (الاتفاقيات الإبراهيمية)، والتي وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حينها باللحظة التاريخية في تاريخ العالم.

وظهر ذلك بشكل واضح في نمو حجم التجارة البينية بين الدولتين لتصل إلى 1.4 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لموقع وزارة الاقتصاد الإماراتية.

وامتداداً لهذا التعاون، تم توقيع اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة بين الجانبين ودخولها حيز التنفيذ في أبريل نيسان الماضي، وتغطي الشراكة 96 في المئة من خطوط التعريفة الجمركية و99 في المئة من قيمة التجارة البينية بين الدولتين، وتفتح فرصاً استثمارية في العديد من القطاعات الاقتصادية أبرزها الزراعة والتكنولوجيا والاتصالات والفضاء.

كما تحدد قواعد التجارة الرقمية لضمان حماية المشترين الإلكترونيين، وتمكين التدفق الحر للبيانات، وحماية حقوق الملكية الفكرية.

المزيد من الاتفاقيات في المستقبل

وكشف الزيودي، خلال قمة التجارة العالمية وسلسلة التوريد في دبي في سبتمبر أيلول الماضي، أن الإمارات تستعد لإبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع ست دول أخرى خلال الربع الأخير من عام 2023، لتحسين التدفقات التجارية والاستثمارية.

ووضعت الإمارات بالفعل اللمسات النهائية على اتفاقيات الشراكة الخاصة بباكستان، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، لتتبعها اتفاقيات مع كوستاريكا وتشيلي وفيتنام، كما بدأت مفاوضات مع صربيا لتوقيع اتفاقيات مماثلة، حسبما ذكرت وزارة الاقتصاد الإماراتية.

ومن المتوقع دخول اتفاقية الشراكة مع تايلاند حيز التنفيذ بحلول منتصف عام 2024.

كما يُتوقع بدء تنفيذ اتفاقية مماثلة مع جورجيا بحلول الربع الأول من عام 2024، والتي من شأنها إضافة ما لا يقل عن 4 مليارات دولار للناتج المحلي الإجمالي الإماراتي بحلول عام 2031.