استبعد خبراء اقتصاديون تحدثوا لمنصة «CNN الاقتصادية» أن يفاجئ البنك المركزي المصري الأسواق يوم الخميس المقبل برفع أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير في عام 2023، مع تباطؤ وتيرة التضخم في الأشهر الأخيرة، متوقعين أن يواصل المركزي سياسة تثبيت أسعار الفائدة التي اتبعها خلال آخر اجتماعين،

في حين أكد آخرون أن مصر لا تملك رفاهية الوقت لتثبيت أسعار الفائدة، مع تأخر المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي.

وقررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها السابق يوم 2 نوفمبر تشرين الثاني، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 19.25 في المئة و20.25 في المئة على التوالي، وكان آخر رفع لأسعار الفائدة في مصر بواقع 100 نقطة أساس في أغسطس آب الماضي.

صندوق النقد الدولي

قال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار بشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية، إن كل المعطيات الحالية تشير إلى ضرورة رفع أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي يوم الخميس المقبل بصورة جذرية وحاسمة بنحو ثلاثة إلى خمسة في المئة.

وأكد أن الانتظار حتى أول اجتماع للمركزي في عام 2024، لرفع أسعار الفائدة، والذي من المرجح أن يكون في شهر فبراير شباط المقبل بعد اجتماع الفيدرالي الأميركي، سيكون قراراً متأخراً للغاية.

وأشار جنينة إلى أن مصر لا تملك رفاهية الوقت لتلبية اشتراطات صندوق النقد الدولي الذي يحث مصر على ضرورة تشديد السياسة النقدية لكبح جماح التضخم.

وتوقع جنينة أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس إلى 500 نقطة أساس في اجتماعه نهاية الأسبوع الجاري، أو قد يرفع أسعار الفائدة بنحو ثلاثة في المئة في الاجتماع الجاري، واثنين في المئة في اجتماع فبراير شباط.

وقال كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار بشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية، إنه في حال استمرار المركزي في سياسة تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، فمن المتوقع أن يعقد اجتماعاً استثنائياً مطلع العام الجاري قبل فبراير شباط لزيادة أسعار الفائدة.

وأكد هاني جنينة أن عدم اتخاذ خطوات فعلية في ملف زيادة أسعار الفائدة يزيد من صعوبة حصول مصر على الدفعات المتبقية من قرض صندوق النقد الدولي.

وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمية الصادر في أكتوبر تشرين الأول أن يسجل متوسط معدل التضخم السنوي في مصر 23.5 في المئة على مدار 2023، وأن يقفز إلى 32.2 في المئة في 2024.

وتتفاوض مصر مع الصندوق لزيادة قيمة القرض الحالي البالغ ثلاثة مليارات دولار، لمواجهة التحديات الناجمة عن حرب غزة وإسرائيل والتي فاقمت من معاناتها الاقتصادية.

واستلمت مصر أول دفعة من القرض في ديسمبر كانون الأول الماضي بقيمة 347 مليون دولار عقب موافقة مجلس إدارة الصندوق، ومن المقرر استلام الدفعات الباقية خلال شهري مارس آذار وسبتمبر أيلول من كل عام من 2023 إلى 2026.

وحدد الصندوق قيمة الشريحة بنحو 261.13 مليون وحدة سحب خاصة، وتقدر قيمة الوحدة -وهي العملة الخاصة بالصندوق- بنحو 1.33 دولار.

أسعار الفائدة في مصر

التضخم وأسعار الفائدة

وتوقعت هبة منير -محلل الاقتصاد الكلي بشركة (إتش سي)- أن يثبت البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماع الخميس المقبل، وسط توقعات باستمرار تباطؤ معدلات التضخم خلال ديسمبر كانون الأول الجاري، وانخفاض السيولة الدولارية.

وتراجع معدل التضخم الأساسي في مصر إلى 35.9 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر تشرين الثاني من 38.1 في المئة في أكتوبر تشرين الأول، بحسب بيانات البنك المركزي.

وتوقعت منير أن يسجل معدل التضخم للحضر 1.9 في المئة على أساس شهري و34.4 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر كانون الأول، بسبب نقص المعروض من السلع الرئيسية جراء انخفاض الواردات.

وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ديسمبر كانون الأول، معدلاً شهرياً بلغ 1.3 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني 2023 مقابل معدل بلغ 2.3 في المئة في الشهر ذاته من العام السابق.

ويستبعد التضخم الأساسي المُعد من قبل البنك المركزي السلع سريعة التغير مثل الخضار والفاكهة والسلع المحددة أسعارها إدارياً مثل البنزين والسولار والكهرباء والمياه والغاز الطبيعي.

وقالت محلل الاقتصاد الكلي في شركة (إتش سي)، إنها لا تستبعد إمكانية رفع سعر الفائدة في حالة حدوث تغيير في سعر الصرف؛ لكنها استبعدت أن يحدث ذلك في اجتماع اللجنة المقبل.

وتتسع الفجوة بين سعر الدولار في السوق الرسمية الذي يقترب من 31 جنيهاً وسعره في السوق الموازية الذي يتخطى حاجز 50 جنيهاً للدولار.

سعر صرف الجنيه

ويربط صندوق النقد الدولي صرف الدفعتين الثانية والثالثة من قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، حصلت مصر على دفعته الأولى في أواخر العام الماضي، بتبني سياسة مرنة لسعر صرف الجنيه.

وتوقع محمد سعيد الخبير الاقتصادي، أن تحرك مصر سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الربع الأول من العام المقبل 2024، وهو القرار الذي تأخر كثيراً بسبب إجراء الانتخابات الرئاسية خلال الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر كانون الأول الجاري.

وقال سعيد إنه من المرجح أن يؤجل البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة حتى تحريك سعر الجنيه أمام الدولار، مع الإبقاء على معدلاتها الحالية في اجتماع الخميس المقبل.

وأشار إلى أن العام المقبل قد يشهد تحركات عديدة في سعر صرف الجنيه وصولاً به إلى ما يقرب من 50 جنيهاً للدولار لتقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، وهي الخطوة التي سيصاحبها رفع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة لكبح جماح التضخم.

ويستهدف البنك المركزي المصري خفض معدلات التضخم إلى متوسط سبعة في المئة (اثنان± نقطة مئوية) خلال الربع الرابع من عام 2024، ومتوسط خمسة في المئة (اثنان± نقطة مئوية) خلال الربع الرابع من عام 2026.

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس منذ مارس آذار 2022 عندما خفض قيمة الجنيه.

وتتفق معهم نائب رئيس بنك مصر السابق سهير الدماطي، التي تؤكد أنه ليست هناك أي أسباب حالية قد تدفع البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، خاصة مع تباطؤ معدلات التضخم خلال شهرَي أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني.

وأشارت إلى أن أي زيادة في أسعار الفائدة ستكون لها آثار سلبية على جوانب عديدة من الاقتصاد، من بينها موازنة الدولة حيث ترتفع تكلفة خدمة الدين، وبالتالي سيسعى المركزي إلى تجنب تلك الخطوة حالياً ما دامت معدلات التضخم تتراجع.

وتوقعت الدماطي، أن يؤجل البنك المركزي خطوة تحريك سعر الصرف في الوقت الحالي، في ظل غياب السيولة الدولارية التي تمكنه من تلبية الطلب على العملة الخضراء وتساعده في تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، وهي الخطوة التي لم تنجح فيها ثلاثة تخفيضات لقيمة الجنيه على مدار عام ونصف تقريباً هبطت بقيمته بأكثر من 50 في المئة.