أصبح للعملة في مصر وجهان، أحدهما أخضر دولاري والثاني بلون الذهب؛ إذ يشهد كل من الدولار الأميركي والذهب صعوداً منذ بداية الأسبوع، فوصل سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى أرقام قياسية محطماً كل العتبات الرمزية التي تخطاها من قبل، فكل دولار يُباع في السوق الموازية بنحو 53 جنيهاً مصرياً، كما وصل سعر غرام الذهب في مصر إلى سعر غير مسبوق متجاوزاً 3800 جنيه لعيار 24 في معاملات الثلاثاء.

وقال رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، مصطفى شفيع في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن الأصل في هذا المشهد «النقص الحاد في الدولار وشدة الطلب عليه للأسباب التجارية ولرغبة أصحاب المدخرات في التحوط من تخفيض جديد لقيمة الجنيه المصري».

التحوط والسعر العالمي وراء ارتفاع سعر الذهب في مصر

يُرجع شفيع تحركات سعر الذهب كذلك إلى الرغبة في التحوط من التقلبات وارتفاع السعر العالمي للمعدن الأصفر، مشيراً إلى أن «الذهب في ارتفاع تدريجي مستمر منذ إعلان الفيدرالي الأميركي تثبيت الفائدة في الاجتماع الماضي، ما يُتوقع معه انتهاء سياسة التشديد النقدي في الولايات المتحدة وبدء النزول بسعر الفائدة، وكل هذه المؤشرات وجدت صدى واضحاً على أسعار الذهب التي تسجل اليوم رقماً قياسياً».

مؤشر على تخفيض جديد لقيمة الجنيه

بالعودة للدولار والذهب في مصر، قال الرئيس التنفيذي لشركة الراية للاستشارات المالية هاني أبوالفتوح في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إن الصعود الكبير للدولار والذهب يعتبر مؤشراً قوياً على الاقتراب من تخفيض جديد للجنيه المصري، وإن هذا قد يؤدي إلى رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة من جديد في مصر لجذب السيولة، ربما بإصدار شهادات ادخارية جديدة، ويضيف أبوالفتوح أن الشهادات الادخارية «فقدت بريقها؛ كونها تمنح المدخرين فائدة سلبية بسبب ارتفاع مستويات التضخم».

والفائدة السلبية هي انخفاض نسبة العائد الذي يحصل عليه مدخرو شهادات البنوك عن نسبة التضخم، حيث تصل فوائد بعض الشهادات الادخارية في مصر إلى 25 في المئة، بينما سجل التضخم في مصر على الرغم من تراجعه 34.6 في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

يضيف شفيع: كذلك لالتزامات مصر الخارجية «دور كبير في هذا التراجع، خاصة بعدما تخطت الديون والفوائد الواجب سدادها العام المقبل 32 مليار دولار بحسب البيانات الحكومية»، ويرى أنه ربما يجب على مصر السعي «لإعادة جدولة ديونها»، وبحسب وزير المالية المصري محمد معيط فقد سددت مصر 25.5 مليار دولار ضمن التزاماتها الدولية في النصف الأول من العام الحالي.

في النهاية شهدت سوق الذهب بعض الانخفاض في تعاملات يوم الأربعاء في السوق المحلية، وسجل غرام الذهب عيار 24 نحو 3623 جنيهاً، بينما سجل الذهب عيار 21 وهو الأكثر مبيعاً في مصر 3170 جنيهاً لكل غرام، وعالمياً شهد سعر الذهب ارتفاعاً مسجلاً 2082 دولاراً للأوقية وسط تعاملات الأربعاء، متجاوزاً المستوى التاريخي الذي سجله إبان الجائحة في صيف عام 2020 عندما قفز إلى 2080 دولاراً.

لكن ظل الدولار متحركاً صعوداً وهبوطاً في نطاق 53 جنيهاً في السوق الموازية، وكان الدولار قد شهد نزولاً في السوق الموازية خلال فترة الانتخابات الرئاسية مسجلاً نحو 46 جنيهاً للدولار.