قال مسؤول بوزارة المالية المصرية، إن اتفاقية تطوير منطقة رأس الحكمة بالشراكة مع دولة الإمارات، التي من المقرر أن تضخ نحو 10 مليارات دولار للحكومة المصرية خلال أسبوع، ستمهّد الطريق للتوصل إلى اتفاق خلال الشهر المقبل مع صندوق النقد الدولي واستكمال إجراءات المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
ونقلت وكالة رويترز أمس عن كريستالينا غورغيفا مديرة صندوق النقد الدولي، قولها إن الصندوق نجح في حل القضايا الأساسية مع السلطات المصرية فيما يتعلق بمراجعته برنامج قرض للحكومة المصرية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، متوقعة وضع اللمسات النهائية على حزمة تمويل إضافية في غضون أسابيع.
وبحسب تصريح خاص لـ«CNN الاقتصادية» للمسؤول المصري، فإن اتفاق تطوير منطقة رأس الحكمة يعد أحد خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، والذي يبدأ تنفيذ إجراءات إصلاحية تضمن من خلالها الحكومة المصرية الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، مع إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار أميركي تقريباً من شركائها الدوليين والإقليميين، شاملاً موارد تمويلية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء آخرين من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة.
رأس الحكمة وخفض الجنيه
وذكر تقرير لـ«بنك الكويت الوطني» أن اتفاقية تطوير منطقة رأس الحكمة ستكون بمثابة مساعدة للبنك المركزي المصري على تخفيض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ليتراوح ما بين 45 و50 جنيهاً مصرياً للدولار خلال الأسابيع المقبلة.
وبحسب التقرير، فإن «صفقة الاستثمار الإماراتية» تمثل إشارة قوية إلى أن عملية الإصلاح قد بدأت، والتي من المفترض أن تتبعها الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي في نهاية المطاف، ما يسمح بزيادة إضافية في سيولة العملات الأجنبية.
وجاء بالتقرير «صفقة الاستثمار الجديدة ضخمة في القيمة المطلقة، ولكن عند مقارنتها باحتياجات مصر التمويلية الإجمالية عام 2024، فهي بمثابة استراحة للحكومة المصرية».
واتفقت مصر في أكتوبر تشرين الأول 2022 على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع الصندوق، لكنها لم تحصل سوى على الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار، إذ تم تأجيل صرف الشرائح التالية بسبب عدم اجتياز المراجعتين.
وتضمّن اتفاق مصر مع الصندوق تعهداً من جانبها بتنفيذ عددٍ من الإصلاحات الاقتصادية الجذرية، من بينها تطبيق سعر صرف مرن «بشكل دائم» للمساعدة على تخفيف حدة الصدمات الخارجية، والإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى بيع حصص في شركات مملوكة للدولة وإفساح المجال للقطاع الخاص.
مصر واتفاق صندوق النقد
تقول رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في «فيتش سوليوشنز»، إن صفقة رأس الحكمة وما يرتبط بها من استثمار أجنبي مباشر بقيمة 35 مليار دولار أميركي ستكون بمثابة نقطة تحول بالنسبة لمصر، حيث ستمهّد الطريق أمام مصر للحصول على موافقة الصندوق على القرض.
وأضافت مبارك، «أن حصول مصر على الدفعة الأولى من صفقة رأس الحكمة خلال الأسبوع الحالي أو قبل بدء شهر رمضان ستؤثر على تعديل سعر الصرف، أمّا إذا تأخر وصول الدفعة فنتطلع إلى ما بعد شهر رمضان ومراسم أداء اليمين الرئاسية، على الأرجح في منتصف أبريل تقريباً».
وتُضيف مبارك، أن مصر ستبدأ طريقها للخروج من الأزمة المستمرة منذ عامين، وذلك مع حصولها على برنامج أكبر لصندوق النقد الدولي بقيمة تصل إلى نحو 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى صفقة رأس الحكمة، وتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وبدأت بعثة صندوق النقد الدولي خلال النصف الثاني من الشهر الماضي إجراءات المراجعتين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وذلك بعد تأجيل دام نحو 10 أشهر، حيث كان من المقرر إجراؤهما في مارس آذار وسبتمبر أيلول الماضيين على التوالي.
وتعمل مصر على حشد حلفائها الدوليين والإقليمين لدعم اتفاقها مع الصندوق، إذ أكدت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الشهر الماضي الدعم القوي لمصر ولبرنامج الإصلاحات الذي تنتهجه الدولة لتعزيز اقتصادها وتحقيق النمو الشامل والمستدام.
صفقة رأس الحكمة
أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، تفاصيل مشروع تنمية منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي، في إطار شراكة مع دولة الإمارات تدرُّ على الاقتصاد المصري 35 مليار دولار خلال شهرين، والذي يقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع أي أكثر من 40 ألفاً و600 فدان.
وتتضمن الصفقة شقّين، أحدهما مالي يسدد كمقدم وجزء آخر في شكل حصة من أرباح المشروع طول مدى المشروع، بحسب ما قاله مدبولي.
وبحسب مدبولي فإن «المقدم سيتضمن استثماراً أجنبياً مباشراً يدخل في ظرف شهرين بإجمالي 35 مليار دولار على دفعتين، الدفعة الأولى خلال أسبوع بإجمالي 15 مليار دولار، وهي عبارة عن 10 مليارات دولار سيولة من الخارج مباشرة بالإضافة إلى تنازل الإمارات عن جزء من الودائع الإماراتية لدى البنك المركزي المصري وهو 5 مليارات دولار”.
أما عن الدفعة الثانية فستكون بعد شهرين بقيمة 20 مليار دولار، وهي عبارة عن 14 مليار دولار سيولة ستأتي مباشرة بالإضافة إلى 6 مليارات باقي الودائع الإماراتية في البنك المركزي المصري، وقال مدبولي «سيقوم البنك المركزي المصري بتحويل تلك الاستثمارات إلى العملة المصرية لتمويل المشروع، وهو ما سيسهم في تحقيق استقرار لأسعار الصرف في السوق المصرية”.
وسيكون للدولة المصرية 35 في المئة من أرباح المشروع، ويتوقع الجانب الإماراتي استثمار ما لا يقل عن 150 مليار دولار سيتم ضخها طوال مدة تنفيذ المشروع.