فقدت قناة السويس 50.7 في المئة من إيراداتها منذ بداية 2024 حتى 26 فبراير شباط، هذا ما أعلنه الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس على هامش المؤتمر الدولي للنقل البحري واللوجستيات (مارلوغ) المنعقد في الإسكندرية.

وتُحدِث هذه النسبة صدمة للاقتصاد المصري الذي أتت رياح الحوثيين بما لا يشتهيه بعد اندلاع الحرب في غزة.. فمصر تعتمد على إيرادات الممر الملاحي الأهم في العالم للحصول على الدولار الأميركي للمساعدة على مكافحة الشح الكبير في توفير العملة الصعبة.

ماذا يعني فقدان مصر 5 مليارات دولار؟

يعني فقدان 5.249 مليار دولار من إيرادات القناة خسارة نحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و5.34 في المئة من إجمالي الموارد الدولارية لمصر.

وتشكّل كذلك المليارات الخمسة نحو 6 في المئة من ديون مصر الخارجية الواجب سدادها عام 2024، كما تمثّل المليارات الخمسة أيضاً ما يقارب 16 في المئة من أموال استثمارات صفقة رأس الحكمة.

ويقول هاني أبوالفتوح، الرئيس التنفيذي لشركة «الراية» للاستشارات المالية، في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، إنه «على الرغم من كبر حجم المبلغ المفقود، فإن مصر لن تشعر هذا العام بنقص بسبب ارتفاع إيرادات السياحة ودخول أموال صفقة رأس الحكمة إلى مصر، فضلاً عن اقتراب إتمام صفقة أرض مقر الحزب الوطني على كورنيش النيل مع مجموعة الشعفار السعودية بقيمة 5 مليارات دولار، ولكن مصر قد تشعر بتأثير هذا العجز بداية من العام المقبل إذا ما استمرت الاضطرابات في جنوب البحر الأحمر».

وكانت مصر تستفيد، قبل هجمات الحوثيين، بنحو 400 ألف دولار نظير عبور كل سفينة من قناة السويس، وتقوم شركات الملاحة العالمية بتسديد المبالغ بشكل مقدم عبر الموقع الإلكتروني الخاص بهيئة قناة السويس، وتورد هيئة قناة السويس نحو 70 في المئة من إيراداتها إلى خزانة الدولة وتحتفظ بالمبلغ المتبقي لعمليات تطوير القناة وتشغيلها.

وذكر عمرو عدلي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في القاهرة في اتصال مع «CNN الاقتصادية» أن «الشفافية التي تتعامل بها الدولة في ملف أزمة قناة السويس الراهنة تعكس إرادة الحكومة المصرية في الحصول على نوع من الدعم المالي الخارجي للمساعدة في أزمتها الاقتصادية التي زاد احتدامها منذ خروج نحو 22 مليار دولار مع اندلاع حرب أوكرانيا، كما أن التوترات في منطقة باب المندب قد تدفع أصحاب الاستثمارات من منطقة الخليج العربي إلى خارج منطقة مجلس التعاون الخليجي».

وتمر نحو 12 في المئة من التجارة العالمية من قناة السويس، وتسببت هجمات الحوثيين في اضطرابات كبيرة في قطاع النقل البحري العالمي، ما دفع شركات الملاحة العالمية في تحويل مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما يتسبب في ارتفاع كلفة إيجار السفن والوقود والتأمين على البواخر.

وبحسب ربيع، فقد ارتفعت كلفة نقل الحاوية الواحدة من الشرق الأقصى إلى شمال أوروبا إلى 2500 دولار مقارنة بـ740 دولاراً قبل الأزمة، بينما بلغت تكلفة شحن الحاوية الواحدة لأحد موانئ البحر الأحمر 6800 دولار مقارنة بـ750 دولاراً قبل الأزمة.

هجمات الحوثيين الأكثر ضرراً بالقناة منذ إعادة افتتاحها عام 1975

كانت قناة السويس قد أعلنت في يونيو حزيران الماضي أن القناة قد حققت إيرادات 9.4 مليار دولار في العام المالي 2022-2023، ولكن كلما زادت وتيرة الهجمات الحوثية في منطقة باب المندب وخليج عدن، انخفضت إيرادات المجرى الملاحي الحيوي. فرقم عبور نحو 90 سفينة في اليوم الواحد أصبح من الماضي، وغياب السفن عن القنال أصبح واضحاً وضوح الشمس لسكان المدن المتاخمة للقنال بعدما كان في بداية الأزمة ظاهراً فقط عبر تطبيقات مراقبة الملاحة العالمية وبيانات هيئة قناة السويس.

وقد أكد ربيع اليوم الاثنين أن مشروع ازدواج المجرى الملاحي لقناة السويس بالكامل لا يزال قيد الدراسة، وأن الدراسات ستشمل الجدوى الاقتصادية للمشروع والتربة وإمكانية الحفر والأثر البيئي ستستمر نحو 16 شهراً قبل أن تعرض على الحكومة، وأن المشروع سيتم تمويله من أموال هيئة قناة السويس دون اللجوء إلى خزينة الدولة.

وأضاف ربيع أن الازدواج الكامل للمجرى الملاحي يهدف إلى رفع تصنيف القناة العالمي وزيادة تنافسيتها وزيادة قدرتها الاستيعابية كي تتيح عبور سفن أكبر حجماً.

ولم تشهد قناة السويس أزمة مماثلة منذ إعادة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات افتتاح القناة عام 1975 بعد ثمانية أعوام من إغلاقها بسبب اندلاع حرب الأيام الستة واحتلال سيناء على خلفية أزمة المضايق بين إسرائيل ومصر عام 1967.