مع أداء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليمين الدستورية يوم الثلاثاء إيذاناً ببدء ولايته الرئاسية الثالثة ومدتها 6 سنوات حتى 2030، يبدو أن شبح التضخم في مصر لا يزال هاجساً يطارد الحكومة في وقت تواصل فيه محاولات السيطرة عليه عبر السياسات المالية عن طريق إطلاق مبادرات لخفض الأسعار تارة وتارة أخرى عبر السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة.

وسجّلت معدلات التضخم في مصر مستويات غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية، مع اشتداد أزمة نقص الدولار واتساع الفجوة بين السعر في البنوك المصرية والسعر في السوق الموازية.

لكن مع خفض سعر الجنيه مقابل الدولار في الآونة الأخيرة، ورفع أسعار الفائدة بقوة الشهر الماضي، بدأت الحكومة المصرية إطلاق مبادرات لخفض أسعار السلع وتحديداً السلع الغذائية المغذي الرئيسي للتضخم في مصر.

ووصل معدل التضخم في مصر لأعلى مستوى له على الإطلاق في سبتمبر أيلول الماضي، إذ سجل 38 في المئة، قبل أن يتراجع خلال الأشهر التالية ثم يعود ليرتفع مرة أخرى خلال فبراير شباط الماضي إلى 35.7 في المئة.

هل يتراجع التضخم في مصر بعد خفض أسعار السلع؟

قبل أيام قليلة، اجتمع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مع عدد من التجار والصناع لحثهم على خفض أسعار السلع بنسب بين 15 و30 في المئة.

وتعول الحكومة المصرية على الإفراج عن السلع التي كانت عالقة في الجمارك المصرية بسبب أزمة نقص العملة، وتقول إنها تعمل حالياً على توفير السيولة الدولارية للإفراج عن السلع من الجمارك المصرية، وهو ما سيقود لخفض في أسعارها.

«الانفراجة التي حدثت في توفير النقد الأجنبي وتوافر السلع ومبادرات خفض الأسعار قد تسهم في اتخاذ التضخم في مصر مساراً هبوطياً»، حسب ما تقول منى بدير، الخبيرة الاقتصادية لـ«CNN الاقتصادية».

لكن هذه التوقعات تبدو هشة وعرضة لمخاطر كبيرة خاصة ارتفاع أسعار السلع عالمياً، بحسب ما تشير إليه بدير، التي تتوقع أن يبلغ متوسط معدل التضخم في مصر خلال العام الجاري 29 في المئة.

تتماشى هذه التوقعات مع ما ذكرته إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، خلال مؤتمر صحفي أمس بأن التضخم في مصر سيظل مرتفعاً في المستقبل القريب، متوقعة أن يبلغ متوسط 25.5 في المئة خلال العام المالي المقبل.

وبحسب مدير بعثة صندوق النقد إلى مصر فإن التوقعات للتضخم في مصر على المدى القريب جداً غير مؤكدة، نظراً لأنه من الممكن أن يكون تأثير انخفاض سعر الجنيه قد انتقل بالفعل لأسعار السلع وبالتالي لن تكون الضغوط على الأسعار قوية في المستقبل.

وأوضحت أن ارتفاع قيمة الجنيه مؤخراً قد يؤدي أيضاً إلى تقليل بعض ضغوط على أسعار السلع.

رفع أسعار الفائدة في مصر

مع هذه التوقعات، سيكون وصول البنك المركزي إلى مستهدفاته لمعدل التضخم هذا العام أمراً صعباً وهو ما قد يترتب عليه تعديل توقعاته، بحسب منى بدير.

ويستهدف البنك المركزي أن يبلغ التضخم 7 في المئة بزيادة أو نقصان اثنين في المئة خلال الربع الرابع من العام الجاري.

وتقول بدير إنه خلال العام المقبل قد نشهد تراجعاً في التضخم ليصل لمستهدفات البنك المركزي.

وتشير توقعات بدير إلى أن البنك المركزي لن يقدم على رفع أسعار الفائدة في مصر مرة ثانية خلال العام الجاري، إذ أن جذور أزمة النقد الأجنبي بدأت تتفكك لذلك سيكون من الصعب أن يقدم على رفع جديد.

وخلال الشهر الماضي رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة ست نقاط مئوية ثم أقدم البنك على خفض كبير في سعر الجنيه.

لكن مديرة بعثة صندوق النقد إلى مصر تقول إن البنك المركزي المصري يجب أن يكون مستعداً فعلياً لتشديد السياسة النقدية إذا استمرت الضغوط التضخمية.