خطا البنك المركزي المصري خطوة إضافية في طريق خفض سعر الجنيه مقابل الدولار، بقراره غير المتوقع رفع أسعار الفائدة في مصر نقطتين مئويتين نهاية الأسبوع الماضي، حسب ما يقول محللون تحدثوا مع «CNN الاقتصادية».
وخالف البنك المركزي المصري في اجتماعه نهاية الأسبوع الماضي أغلب التوقعات عندما قرر رفع أسعار الفائدة بنسبة هي الأعلى منذ مارس آذار الماضي لتصبح الفائدة على الإيداع 21.25 في المئة، والإقراض 22.25 في المئة.
وجاء قرار البنك المركزي في وقت اتسعت فيه الفجوة بين سعر الدولار الرسمي والسوق الموازية لتقترب من الضعف، فيما يرى المحللون أن هذا القرار يمهد لخفض وشيك لسعر الجنيه في السوق الرسمية وتنفيذاً لاتفاق أصبح قريباً بين مصر وصندوق النقد الدولي حول حزمة مساعدات جديدة.
أسعار الفائدة في مصر
يرى المصرفي والخبير الاقتصادي، محمد عبدالعال، أن مصر تسير في طريقها لخفض جديد لسعر عملتها، في إطار اتفاق وشيك مع صندوق النقد الدولي، لذلك بدأت في تنفيذ سياسات تدعم هذا الاتفاق.
وخلال الأسبوع الماضي أعلن صندوق النقد أنه توصل لاتفاق مع مصر على العناصر الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، فيما قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جهاد أزعور، إن عناصر برنامج مصر السابق مع الصندوق تتضمن مرونة سعر الصرف والسيطرة على التضخم في مصر وهي عناصر حتمية في البرنامج.
وبحسب عبدالعال فإن احتواء معدلات التضخم المرتفعة في مصر يتطلب اتباع سياسة تشديد نقدي ومالي، أي رفع أسعار الفائدة.
ويقول الخبير الاقتصادي، أحمد شوقي، إن البنك المركزي المصري يرى أن حجم السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفي كبير للغاية لذلك قرر رفع أسعار الفائدة لاستيعاب السيولة من السوق والسيطرة على التضخم.
ووفقاً لبيان المركزي فإن معدل نمو السيولة المحلية ارتفع على متوسطه التاريخي مؤخراً ليسهم في تصاعد الضغوط التضخمية.
وتشير بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري إلى أن معدل التضخم في المدن المصرية سجل 33.7 في المئة في ديسمبر كانون الأول الماضي، متراجعاً من أعلى مستوى له في سبتمبر أيار الماضي عندما سجل 38 في المئة.
ويقول البنك المركزي إن «التطورات الحالية تشير إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها على نمطها المعتاد، ومن المتوقع أن تستمر تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة وكذا تواصل الضغوط من جانب العرض».
ويتوقع شوقي أن يعاود معدل التضخم في مصر الارتفاع مجدداً خلال الشهر المقبل مع ظهور تأثير ارتفاع أسعار الكهرباء في مصر وبعض الخدمات والسلع.
رفع جديد لأسعار الفائدة مصاحب لخفض الجنيه
يتوقع عبدالعال أن يعود البنك المركزي المصري لرفع الفائدة استثنائياً مرة أخرى في حال قرر خفضاً أو تحريكاً في سعر صرف الدولار.
ويقول إن أي خفض أو تعويم لا بد أن يصاحبه رفع استثنائي لأسعار الفائدة حتى يعطي إشارة بدعم الجنيه، بجانب إصدار شهادات ادخارية بسعر فائدة مرتفع على الحالي.
لكن الخبير الاقتصادي أحمد شوقي يرى أن أي تخفيض أو تحريك لسعر الجنيه في الوقت الحالي بدون تدفقات دولارية توازن بين العرض والطلب من الدولار سيزيد الفجوة أكثر بين السعرين الرسمي والموازي للدولار.
ويضيف أن معدل التضخم في مصر سيبقى مرتفعاً في حال استمرت مصر في استيراد احتياجاتها من الخارج واستمر نقص الموارد الدولارية.
وجه آخر لرفع الفائدة في مصر
ورغم أن رفع الفائدة يُعرف كأداة ضمن أدوات السياسة النقدية المتبعة عالمياً للسيطرة على التضخم وهو ما اتبعته أغلب البنوك المركزية في العالم جراء ارتفاع التضخم عالمياً خلال العام الماضي، فإنه يزيد الضغوط على المالية العامة.
ويقول شوقي إن ارتفاع سعر الفائدة سيزيد من أعباء الموازنة العامة لمصر نظراً لارتفاع العائد على أدوات الدين المحلية.
ويقدر شوقي حجم الزيادة المتوقعة بأنها نحو 100 مليار دولار خلال موازنة العام الجاري.
وتقول وزارة المالية في مشروع موازنة العام المالي الجاري، إن ارتفاع أسعار الفائدة المحلية بنحو نقطة مئوية مقارنة بما هو مستهدف بمشروع الموازنة، يؤدي إلى ارتفاع فاتورة مدفوعات الفوائد بنحو 70 مليار جنيه، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على عجز الموازنة.