أبقى البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، على أسعار الفائدة الرئيسية كما هي دون تغيير للمرة الخامسة، عند 4.5 في المئة، بما يتماشى مع التوقعات.
فقد جاء ذلك متماشياً مع استطلاع أجرته رويترز شمل 77 من خبراء الاقتصاد خلال الفترة من 25 إلى 28 مارس آذار، توقعوا أن يبقي البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع دون تغيير عند 4.00 في المئة في اجتماع 11 أبريل نيسان، كما توقَّع نحو 90 في المئة من 68 مشاركاً أن التخفيض الأول سيكون في يونيو حزيران المقبل.
وقبيل الاجتماع، استقرت الأسهم الأوروبية في بداية تعاملات يوم الخميس، إذ هيمن الحذر على أجواء التداول، فاستقر المؤشر ستوكس 600 الأوروبي، بينما ارتفعت قطاعات حساسة لأسعار الفائدة مثل العقارات التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المئة.
وتراجع قطاع المؤسسات المالية 0.1 في المئة، كما شهد قطاع الاتصالات تراجعاً نسبته 1.3 في المئة.
التضخم في منطقة اليورو
جاء الإبقاء على سعر الفائدة نظراً لمعدل التضخم في منطقة اليورو، إذ تباطأ في مارس آذار إلى أدنى مستوياته في أربعة أشهر، ما عزز التفاؤل بشأن خفض الفائدة.
وكشف مكتب الإحصاء الأوروبي، عن القراءة الأولية لمعدل التضخم التي أوضحت تباطؤ مؤشر أسعار المستهلكين إلى 2.4 في المئة في مارس آذار، من 2.6 في المئة في فبراير شباط، وهو أدنى مستوى للمؤشر منذ نوفمبر تشرين الثاني 2023.
وأظهرت البيانات أيضاً تباطؤ معدل التضخم الأساسي -الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة- إلى 2.9 في المئة في مارس، من 3.1 في المئة المسجلة في فبراير.
ومع تراجع الضغوط التضخمية على منطقة اليورو واستقرار الاقتصاد الأوروبي، انعكس الأمر على مؤشر ثقة المستثمرين في اقتصاد منطقة اليورو الذي ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ فبراير شباط 2022، الأمر الذي مهد لقرار يوم الخميس، إذ أوضحت بيانات معهد سنتيكس أن مؤشر ثقة المستثمرين العام صعد إلى -5.9 نقطة في أبريل نيسان، مسجلاً الارتفاع السادس على التوالي، وهو أعلى مستوى منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
متى يخفض المركزي الأوروبي سعر الفائدة؟
إن الأمر يسير وفقاً لمعدلات التضخم، فكلما أظهرت تباطؤاً انعكس ذلك على قرارات البنوك المركزية، ومع ارتفاع التوقعات الخاصة بوصول التضخم في منطقة اليورو إلى المعدل المستهدف البالغ اثنين في المئة بحلول عام 2025 فمن المتوقع أن يخفض المركزي الأوروبي الفائدة في يونيو حزيران المقبل، وهذا ما سبق أن أكدته رئيسة البنك كريستين لاغارد، في مؤتمر صحفي في فرانكفورت مؤخراً.
وتوقعت الأسواق أربعة تخفيضات لأسعار الفائدة الأوروبية خلال العام الجاري، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته وكالة رويترز، بدعم من تفاؤل أعضاء المركزي الأوروبي بشأن تباطؤ معدل التضخم في المنطقة.
من جهته، رجح عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي ومحافظ بنك اليونان، يانيس ستورناراس، أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بما مجموعه 100 نقطة أساس هذا العام كله، لكنه أوضح أنه لا يوجد حتى الآن إجماع داخل البنك المركزي لمنطقة اليورو على ذلك.
خطورة الإبقاء على سعر الفائدة مع تباطؤ التضخم
مع إبقاء البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة عند مستواه القياسي المرتفع البالغ 4 في المئة، للمرة الخامسة دون تغيير، بينما يحافظ على تكاليف الاقتراض عند مستويات مرتفعة قياسية منذ سبتمبر أيلول الماضي، فإن الأمر قد يحمل خطورة كبيرة في حالة استمرار التثبيت.
سابقاً، تماشى قرار تثبيت المركزي الأوروبي سعر الفائدة مع قرار الاحتياطي الفيدرالي في الوقت ذاته، الذي أبقى أسعار الفائدة كما هي، بينما شدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول على أن معدلات الفائدة ملائمة لسياسة التشديد النقدي التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع التراجع عن ضبط النفس في وقت ما من هذا العام في حالة تعاون المؤسسات الاقتصادية وتطور الاقتصاد على نطاق واسع.
لكن مع تسارع وتيرة التضخم في أميركا، إذ كشفت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي تسارع التضخم إلى 3.5 في المئة خلال مارس آذار، يبدو أن المركزي الأوروبي سيسبق الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة، خاصة أن التضخم في منطقة اليورو يشهد تراجعاً منذ أشهر مع هبوط أسعار الطاقة وركود اقتصاد منطقة اليورو المؤلف من 20 دولة للعام الثاني على التوالي، وهو الخيار المحتم الآن، حتى لا تقع منطقة اليورو في فخ الإبقاء على سعر الفائدة أكثر من اللازم.
فنظراً لإبقاء الفائدة كما هي، فالأمر الآن ليس اختيارياً للجوء إلى الخفض في يونيو حزيران المقبل، فإذا كان التضخم أقل من مستهدف البنك المركزي الأوروبي البالغ اثنين في المئة لفترة طويلة، قد يخاطر البنك المركزي الأوروبي بالاضطرار إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة.
وبالتالي، يمكن أن يواجه الحد الأدنى الفعال لخفض أسعار الفائدة التي لم تعد تحفز الاقتصاد، وفقاً لما قاله أحد صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي ومحافظ البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فيليروي دي غالهاو.
لذلك، فإن البدء في تخفيف السياسة النقدية سيكون بمثابة الحصول على وثيقة تأمين ضد الهبوط الاقتصادي الصعب.. وبالتالي، بعد الخفض المعتدل الأول للفائدة لن يكون البنك بحاجة بالضرورة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في كل اجتماع لمجلس محافظيه، رغم ضرورة إبقاء هذا الخيار مطروحاً.