قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الثلاثاء إن الاقتصاد الأميركي في وضع قوي وإن «عدم إحراز تقدم» بشأن التضخم يعني أن البنك المركزي على الأرجح لن يخفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة القادم المقرر عقده بعد أسبوعين فقط.
وقال باول، خلال فعاليات منتدى واشنطن التابع لمركز «ويلسون»، «من الواضح أن البيانات الأخيرة لم تمنحنا ثقة أكبر» في أن التضخم يحرز تقدماً نحو مستهدف البنك المركزي البالغ 2 في المئة، وقال إنه بدلاً من ذلك هناك مؤشرات «على أنه من المرجح أن يستغرق الأمر وقتاً أطول من المتوقع لتحقيق تلك الثقة».
وأضاف رئيس الاحتياطي الفيدرالي «في الوقت الحالي، نظراً لقوة سوق العمل ومعدل التضخم، من المناسب السماح للسياسة التشديدية بالاستمرار والسماح للبيانات والتوقعات الجديدة بإرشادنا».
وتبلغ أسعار الفائدة حالياً أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً، بعد أن أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي حملة قوية لرفع أسعار الفائدة قبل عامين، وانخفض التضخم بشكل كبير عن ذروة أربعة عقود التي وصل إليها في صيف عام 2022، لكن تقارير التضخم الأخيرة أظهرت ضغوط أسعار مستمرة في الخدمات والإسكان.
وكان ارتفاع تكاليف الاقتراض، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، قد أجبر العديد من الأميركيين على تقليص استهلاكهم. وبالرغم من قوة وزخم الاقتصاد الأميركي وسوق العمل، فإن ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري كان سبباً في ركود سوق الإسكان.
لكن أحدث تقرير لمبيعات التجزئة أظهر أن المستهلكين استمروا في الإنفاق الشهر الماضي، ويمثل أحدث دليل على أن الاقتصاد لا يزال قوياً، ما يجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة.
وعادة ما يقوم البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة عندما يضعف الاقتصاد بشكل حاد لأنه مكلف أيضاً من قبل الكونغرس بتحقيق أقصى قدر من التوظيف، بالإضافة إلى استقرار الأسعار، ولا يوجد حالياً أي مؤشر على أي تراجع في سوق العمل.
تعثر التقدم بشأن معدل التضخم
تعليقات باول يوم الثلاثاء لا تشكل مفاجأة وهي تعكس إلى حد كبير ما قاله مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الآخرون في خطاباتهم الأخيرة، وهو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يفكر في خفض أسعار الفائدة حتى الآن.
لكن ملاحظة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه لم يكن هناك «مزيد من التقدم» بشأن التضخم هي نقطة تغير محورية مقارنة بتعليقه الشهر الماضي، الذي أفاد بأن تقارير التضخم الأخيرة ربما كانت أكثر ثباتاً من المتوقع ببساطة بسبب «التقلبات الموسمية».
وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 3.5 في المئة في شهر مارس آذار مقارنة بالعام السابق، وفقاً لأحدث مؤشر لأسعار المستهلك، وهي زيادة كبيرة عن الارتفاع المسجل في شهر فبراير شباط بنسبة 3.2 في المئة وأعلى مما قدره الاقتصاديون في استطلاع أجرته شركة (فاكت سيت)، وكان هذا هو الشهر الثالث على التوالي الذي يفاجئ فيه مؤشر أسعار المستهلك في الاتجاه الصعودي.
وقد أدى ارتفاع أسعار الوقود في الآونة الأخيرة إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل عام، ولكن تكاليف الإسكان والتأمين ارتفعت أيضاً، لقد أثبتت بيانات أسعار المستهلك في قطاع الخدمات ثباتها على نطاق واسع، كما أن مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، لم يمنح مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي قدراً كبيراً من الطمأنينة بأن التضخم تحت السيطرة.
ومن الممكن أن يمنع النمو الاقتصادي القوي المستمر التضخم من الانخفاض، ويتبقى أيضاً أن نرى ما إذا كان نمو الإنتاجية، الذي يمكن أن يساعد في إبقاء التضخم تحت السيطرة، سيستمر في الزيادة كما حدث في العام الماضي.
إذ عادة كلما كان العمال ينتجون المزيد بموارد أقل، فمن الممكن أن يستمر الاقتصاد في النمو من دون التأثير على معدلات التضخم أو المساهمة في زيادة الأسعار.
ويتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول معدلاً سنوياً قوياً يبلغ 2.9 في المئة.
هل سيكون الخفض الأول لسعر الفائدة هذا العام في الصيف؟
لم تكن وول ستريت تراهن بالفعل على خفض أسعار الفائدة في شهر مايو أيار، لكن بعض المحللين يتوقعون أن الخفض الأول قد يأتي في وقت ما في الصيف. ويتوقع المحللون في غولدمان ساكس وجي بي مورغان ونومورا أول خفض لأسعار الفائدة في يوليو تموز.
وفي الوقت ذاته، يتوقع المحللون في ويلز فارغو وبنك أوف أميركا وباركليز ودويتشه بنك حالياً أن يأتي أول خفض لأسعار الفائدة بعد الصيف، في أواخر ديسمبر كانون الأول.
وقال نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي فيليب جيفرسون في خطاب الثلاثاء «توقعاتي الأساسية لا تزال هي أن التضخم سوف ينخفض أكثر، مع بقاء سعر الفائدة ثابتاً عند مستواه الحالي، وأن سوق العمل ستظل قوية، مع استمرار إعادة التوازن بين الطلب والعرض في العمالة».
وأضاف «بالطبع، لا تزال التوقعات غير مؤكدة تماماً، وإذا كانت البيانات الواردة تشير إلى أن التضخم أكثر ثباتاً مما أتوقعه حالياً، فسيكون من المناسب الإبقاء على الموقف التقييدي الحالي للسياسة لفترة أطول».