تحث روسيا مجموعة البريكس على إنشاء تبادل للحبوب بين دول التكتل، بهدف تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء، لكنَّ محللين يقولون إن الهيكل الجديد سيهدف إلى أن يصبح نظيراً لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» في سوق الحبوب العالمية، بهدف التأثير على آلية التسعير.

وكان الاتحاد الروسي لمصدري الحبوب (RUGE) أعرب لأول مرة عن فكرة إنشاء بورصة حبوب بين دول البريكس في ديسمبر 2023، في الفترة التي سبقت التوسع التاريخي للكتلة، في الأول من يناير كانون الثاني 2024، حيث انضم إلى التحالف الذي شكلته في البداية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، كلُّ من مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة، وتمت دعوة المملكة العربية السعودية للانضمام إلى التحالف، وتدرس أن تصبح عضواً.

أوبك لسوق الحبوب

قال ياروسلاف ليسوفوليك، رئيس مجموعة بريكس + أناليتكس، وهي مؤسسة بحثية مقرها موسكو، إن فكرة تنظيم أسعار السلع الزراعية تبدو جذابة، لكن لهذا الغرض تحتاج مجموعة البريكس إلى إنشاء ليس مجرد بورصة، بل اتحاد قطاعي مثل أوبك في سوق النفط العالمية.

واتفق فلاديمير تشيرنوف، المحلل في «فريدم فاينانس غلوبال» على أن «تنظيم الأسعار ببساطة عن طريق إنشاء بورصة لن ينجح؛ لأن هذا يتطلب توحيد المصدرين في منظمة مشابهة لـ(أوبك) حتى نتمكن بشكل مشترك من الحد من العرض في السوق».

أوبك هي مجموعة من الدول المنتجة للنفط تمَّ تشكيلها لتنظيم أداء الإنتاج والتأثير على أسعار سوق النفط العالمية، وكثيراً ما يصف الاقتصاديون أوبك بأنها مثال نموذجي للتكتل.

ومن الناحية النظرية، يتمتع أعضاء البريكس بالقدرة الكافية ليصبحوا نظائر لأوبك.

قدرات إنتاج الحبوب في البريكس

كانت وزارة الزراعة الروسية قدرت في ديسمبر كانون الأول أن إنتاج أعضاء دول البريكس في عام 2023، سيمثل 1.17 مليون طن من الحبوب سنوياً؛ أي 42 في المئة من الحجم العالمي، وبلغ الاستهلاك المجمع 1.1 مليون طن؛ أي 40 في المئة من الاستهلاك العالمي، وبعد توسع البريكس، وصلت الأرقام إلى 1.24 مليار طن و1.23 مليار طن على التوالي.

ومع ذلك، أشار المحللون إلى أنه في حين أن أوبك هي منظمة لمصدّري النفط، فإن معظم دول البريكس مستوردة صافية للحبوب، وتمثل روسيا والبرازيل فقط حصة كبيرة من سوق الحبوب العالمية، ويمكنهما الاستفادة من تنظيم الأسعار.

وفي روسيا، يُنظر إلى تبادل الحبوب في إطار مجموعة البريكس كوسيلة لتحدي النظام العالمي الغربي، تماماً كما تحدت منظمة أوبك التي تأسست في الستينيات احتكار القلة لشركات النفط الأنجلو-أميركية.

واليوم، تمثل روسيا ربع صادرات الحبوب العالمية، في حين يتم تحديد الأسعار العالمية من قِبل البورصات الغربية، مثل مجموعة «سي إم إي» الأميركية و«إم إيه تي آي إف» الفرنسية، ويتم التحكم في الإمدادات من قِبل كبار التجار الأوروبيين والأميركيين، مثل كارجيل وفيتيرا، وفقاً للمحلل الروسي المستقل ليونيد خزانوف، نقلاً عن ورلد جرين.

وقال خزانوف «بناءً على ذلك، علينا أن نأخذ في الاعتبار قواعد التسعير والتجارة التي يفرضها اللاعبون الغربيون»، «إن إنشاء بورصة حبوب البريكس سيسمح بإعادة تنظيم السوق العالمية لصالح أعضاء هذه المنظمة وتغيير اتجاهات التدفقات اللوجستية والمشاركين فيها».

خطوة بوتين نحو نظام بديل لتجارة الحبوب

أظهرت وثائق نشرها الكرملين، اليوم السبت، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر الحكومة بتقديم مقترحات لتسهيل تجارة الحبوب مع دول أخرى من بينها الهند والصين.

ويهدف مقترح تبادل الحبوب الذي يشمل أيضاً البرازيل وجنوب إفريقيا في إطار الدول التي تشكل مع روسيا مجموعة البريكس، إلى السماح للمشترين بالشراء مباشرة من المنتجين، وحظي المقترح الروسي بالفعل بتأييد بوتين، وذلك قبل قمة المجموعة التي تنعقد في أكتوبر تشرين الأول.

وطلب الكرملين من رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين ورئيسة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا تقديم المقترحات بحلول الأول من يوليو تموز.