شهدت سوق العمل في أميركا حالة ازدهار خلال السنوات الثلاث الماضية، قد تكون أفضل من أي وقت مضى، لكن يمكن أن تتغير هذه الحالة بشكل طفيف، إذ رجح الاقتصاديون إمكانية تراجع المكاسب القوية التي شهدتها السوق في الربع الأول.
وقالت جوليا بولاك، كبيرة الاقتصاديين في موقع التوظيف (زيبركروتر)، لشبكة CNN في مقابلة إنه كلما كانت أسعار الفائدة مرتفعة زاد الضغط على الاقتصاد، مرجحة إمكانية التباطؤ تدريجياً في سوق العمل، حتى تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض.
وحتى الآن هذا العام، أضاف الاقتصاد 276 ألف وظيفة شهرياً في المتوسط، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، وهذا يعني زيادة بنحو 25 ألف وظيفة شهرياً عن العام الماضي، و111 ألف وظيفة إضافية شهرياً مقارنة بعام 2019.
بالنسبة لتقرير يوم الجمعة، يتوقع الاقتصاديون أن يضيف أصحاب العمل 232.5 ألف وظيفة في أبريل نيسان، وهو ما سيكون أقل من صافي الوظائف المضافة المقدرة بنحو 303 آلاف وظيفة في مارس آذار، وفقاً لتقديرات فاكتسيت المتفق عليها، على أن يبقى معدل البطالة عند 3.8 في المئة.
إذا صدقت هذه التوقعات، سيكون هذا هو الشهر الأربعين على التوالي من التوسع في التوظيف -وهي خامس أطول فترة على الإطلاق- والشهر السابع والعشرين على التوالي، الذي ظل فيه معدل البطالة أقل من 4 في المئة.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتكس، في مقابلة إن سوق العمل جيدة كما كانت من قبل.
التوسع في سوق العمل الأميركية
ترجع قوة سوق العمل في أميركا إلى التوسع الذي تشهده، فقد ارتفعت معدلات المشاركة في قوة العمل بين الأفراد في سن العمل الأساسي، وخاصة النساء، كما استفادت من طفرة العمال المهاجرين.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل أنه بدءاً من شهر مارس آذار، سجل عدد العمال المولودين في الخارج رقماً قياسياً جديداً بلغ 31.1 مليون شخص.
وبلغ معدل مشاركة هؤلاء العمال في القوى العاملة 65.9 في المئة، أي ما يقرب من 4 نقاط مئوية أعلى من معدل العمال المحليين في الشهر الماضي.
ويقول الاقتصاديون إن صافي الهجرة القوي من المرجح أن يزيد أيضاً من مكاسب الإنتاجية، ما يسمح للاقتصاد بالنمو دون ارتفاع التضخم.
قال نيك بنكر، مدير الأبحاث الاقتصادية لأميركا الشمالية في مختبر التوظيف الواقعي، لشبكة CNN، إن الإنتاجية هي الخلطة السرية للتوسع المستدام.
كان مكتب إحصاءات العمل، أصدر يوم الخميس مجموعة جديدة من بيانات الإنتاجية التي أظهرت ارتفاع نمو الإنتاجية في الربع الأول بنسبة 0.3 في المئة عن الربع الرابع من العام الماضي، وهو أقل من توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى زيادة بنسبة 0.9 في المئة.
من جهته، نشر الخبير الاقتصادي، غريغوري داكو، على حسابه الرسمي بموقع إكس للتواصل الاجتماعي إن نمو إنتاجية العمل في قطاع الأعمال غير الزراعية كان أضعف في الربع الأول، لكنه يأتي بعد ثلاثة مكاسب ربع سنوية متتالية تزيد على 3 في المئة، وهو إنجاز نادر حدث مرة واحدة في فترة ما قبل جائحة كوفيد-19.
تسريح الموظفين
أظهر تقرير مسح فرص العمل ودوران العمالة الذي صدر يوم الأربعاء أن هناك ما يقدر بنحو 1.53 مليون حالة تسريح خلال مارس آذار، وهو أقل إجمالي شهري منذ ديسمبر كانون الأول لعام 2022.
كما كانت إعانات البطالة الأسبوعية منخفضة، ففي الأسبوع الماضي، ظلت المطالبات الأولية لإعانات البطالة –التي تعتبر بديلاً لتسريح العمال– دون تغيير عند 208 آلاف طلب، وفقاً لبيانات وزارة العمل الصادرة يوم الخميس.
كما أظهر أحدث تقرير لتسريح العمال من شركة تشالنجر وغراي آند كريسماس للتوظيف الخارجي أن تخفيضات الوظائف المعلن عنها أقل بكثير في أبريل نيسان، مقارنة بأي شهر حتى الآن هذا العام.
ما علاقة التضخم؟
مع انتعاش سوق العمل الأميركية، مع مكاسب الأجور الأقوى من المعتاد، فإن الأمر لا يتفق مع رغبة بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) بكبح جماح التضخم إلى اثنين في المئة، وبالتالي، فإن تلك البيانات قد تؤثر على القرار بخفض سعر الفائدة.
وعلى الرغم من ذلك، قال جيروم باول، رئيس البنك، يوم الأربعاء، إن سوق العمل هي مثال على فاعلية السياسة النقدية التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي.
وأضاف في مؤتمر صحفي أن الطلب يظل قوياً، مع وضع سوق العمل القوي، على وجه الخصوص؛ إلا أنه انخفض عن مستواه المرتفع للغاية الذي كان عليه قبل عامين.
ولفت إلى انخفاض فرص العمل إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، وتراجع التوظيف واستقالة عدد أقل من الأشخاص من وظائفهم، وفقاً لمسح فرص العمل ودوران العمالة الذي أجراه مكتب إحصاءات العمل لشهر مارس آذار.
(أليسيا والاس – CNN)