في ظل موجة بيع عاتية اجتاحت الأسواق المالية العالمية وخلفت مخاوف شديدة من احتمالية حدوث أزمة مالية عالمية جديدة، تبرز بعض الأصول والملاذات الآمنة للاستثمار باعتبارها الأقل خطراً في الوقت الحالي.
ويقول محللون اقتصاديون تحدثوا إلى CNN الاقتصادية إن المحافظ الاستثمارية حول العالم تعيد توازنها في الوقت الحالي بعد انهيارات كبيرة وسريعة، بسبب حالة عدم اليقين من أداء الاقتصاد العالمي وتحديداً الأميركي.
ويظل الاحتفاظ بالأموال في صورة «نقد» أمراً محبباً في الوقت الحالي، أو اللجوء لاستثمارات تبدو أقل خطراً مثل السندات الحكومية أو الذهب والعقارات، بحسب ما يقوله المحللون.
وأدت بيانات الوظائف الأميركية الأسبوع الماضي التي جاءت أضعف من المتوقع، إلى جانب الأرباح المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا الكبرى والمخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد الصيني، إلى موجة بيع عالمية في الأسهم والنفط والعملات ذات العائد المرتفع.
اتبع وارن بافت أينما كان
تقمص الملياردير الأميركي والمستثمر الشهير، وارن بافت، شخصية زرقاء اليمامة عندما تخلص من نحو نصف حصته في شركة أبل العالمية بنهاية يونيو حزيران الماضي، ليخرج قبل أن تبدأ موجة بيع الأسهم ويحتفظ بأمواله سائلة.
دفعت هذه المبيعات السيولة النقدية لشركة بيركشاير، المملوكة لبافت، إلى مستوى قياسي بلغ 277 مليار دولار.
ويلقب بافت بحكيم أوماها ويعد مثالاً يتتبعه كل من يريد الاستثمار بصورة آمنة ومربحة، إذ اعتاد أن يقتنص الصفقات بأسعار منخفضة ويبيعها بأسعار أعلى.
ويقول أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة VI Markets في مصر، لـCNN الاقتصادية إن سلوك بافت، الذي يعد واحداً من أكبر مستثمري وول ستريت يعني أن الاحتفاظ بالأموال سائلة هو الحل الأمثل حالياً، حتى تتضح الرؤية في الأسواق المالية.
وينصح أحمد عزام، المحلل المالي الأول في مجموعة إكويتي، بالابتعاد عن سوق الأسهم في الوقت الحالي، إذ يبدو شراء الأسهم محفوفاً بالمخاطر مع موجة الذعر الحالية بجانب موسم أرباح الشركات والتي تؤثر على أداء الأسهم.
ويضيف معطي «عندما يعود بافت للاستثمار في الأسهم مرة ثانية وقتها يمكن النظر إلى السوق».
الاستثمار في العقارات أم السندات؟
تختلف آراء المحللين حول الاستثمار الأمثل والآمن في الوقت الحالي، ففي وقت يرشح البعض التوجه نحو السندات الحكومية والعملات وتحديداً الين الياباني، يرى البعض الآخر أن العقار يمكنه الاحتفاظ بالأموال حالياً.
ويقول معطي: «العقار يمكن أن يكون مناسباً في الوقت الحالي، إذ إنه قادر على امتصاص الصدمات والاحتفاظ بقيمة الأموال».
لكن عزام يرى أن المستثمرين قد يتجهون في ظل حالة الذعر والتشاؤم إلى أسواق السندات، فرغم أن عوائد السندات قد تسجل انخفاضات جراء البدء في خفض الفائدة عالمياً وتوقع تراجع النمو الاقتصادي، فإن السندات تحافظ على قيمتها في وقت المخاوف الاقتصادية مثل الركود.
ويضيف أن سعر السندات قد يرتفع مع الخفض المتوقع لسعر الفائدة والمخاوف من تحقيق نمو اقتصادي متواضع.
وخلال جلسة أمس هبط عائد السندات لأجل 10 سنوات خلال تعاملات بواقع 5.5 نقطة أساس عند 3.735%، كما انخفض عائد السندات لأجل عامين بنحو 10 نقاط أساس عند 3.772%، بعدما تراجعت العوائد بأكثر من 12 نقطة أساس منذ اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي.
وتلوح في أفق الملاذات الآمنة حالياً التوجه نحو العملات وتحديداً الين الياباني، وفقاً لعزام ويقول إن مع توقع الركود في الاقتصاد الأميركي و خفض الفائدة المنتظر قد يبتعد البعض عن الاستثمار في الدولار الأميركي ليتجه نحو الين الياباني.
وقبل أيام تحول بنك اليابان المركزي من سياسته النقدية التسهيلية المعتادة لسنوات طوال، واتجه للسياسة النقدية المتشددة ورفع الفائدة لأول مرة منذ عام 2007.
ويقول عزم إن هناك إمكانية أن يتبنى عمليات رفع فائدة أكثر في الفترة القادمة مع ارتفاع التضخم في اليابان بأعلى من المستهدف، لذا فإن الين الياباني قد يلمع كأحد الملاذات الآمنة في ظل حالة الذعر في الأسواق.
الاستثمار في الذهب
يبرز الذهب دائماً بأنه أحد أبرز الملاذات الآمنة في وقت الأزمات، إذ يعرف بأنه مخزن للقيمة ومُحافظ جيد على قيمة الأموال في وقت الأزمات.
لكن أداء الذهب في الفترة الأخيرة وإن كان قد وصل لمستويات قياسية كان متذبذباً ويقول معطي «الذهب يسجل ارتفاعات ثم تراجعات رغم التوقعات بأنه سيرتفع أكثر مع بدء خفض الفائدة عالمياً».
وبحسب عزام فإن الذهب قد يواجه تحركات سعرية عرضية خاصة مع موازنة مخاطر الركود التي تدفع المستثمرين لبيع السلع والمعادن، ومخاوف توسع حدة التوترات الجيوسياسية التي قد تدفع المستثمرين في الوقت ذاته لشراء الذهب.
وفي كل الأحوال سيكون انتظار انتهاء هدوء موجة البيع الحالية في الأسواق العالمية أمراً جيداً إذ ينصح عزام المستثمر بـ«ألا يلتقط سكيناً ساقطاً» فمهما رأيت من فرص في سوق الأسهم للشراء انتظر حتى يصل إلى مرحلة الركود، ثم اشترِ ما شئت.