يواجه الاقتصاد الإسرائيلي خطراً جديداً يلوح في الأفق، بعدما دعا رئيس أكبر نقابة عمالية في إسرائيل إلى إضراب عام اليوم الاثنين للضغط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين لا تزال حركة حماس تحتجزهم في غزة.
وبالفعل خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع يوم الأحد، وسط دعم واسع النطاق لدعوة الإضراب المقرر لمدة يوم واحد، وتأييد من قبل كبار المصنعين ورجال الأعمال في إسرائيل في قطاع التكنولوجيا الفائقة.
ويعكس تحالف بعض أقوى الأصوات في الاقتصاد الإسرائيلي حجم الغضب الشعبي بشأن إعلان مقتل ست رهائن يوم الأحد من بين نحو 250 شخصاً احتجزتهم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي.
وقال بار دافيد ممثل اتحاد الهستدروت، الذي ينتمي إليه مئات الآلاف من العمال، في مؤتمر صحفي نقلته وكالة رويترز «يجب التوصل إلى اتفاق بشأن عودة الرهائن الباقين على قيد الحياة.. الاتفاق أهم من أي شيء آخر، نحن نحصل على أكياس الجثث بدلاً من الصفقة».
دخل الإضراب حيز التنفيذ صباح يوم الإثنين، وبعد بضعة ساعات قضت محكمة العمل في تل أبيب بإنهاء الإضراب العام في نفس اليوم الساعة 2:30 ظهراً بالتوقيت المحلي.
وكان قد أبلغ بار دافيد محكمة العمل اللوائية في مدينة بات يام، أن الإضراب سيستمر لمدة يوم واحد حتى الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي، بعدما كان مقرراً أن ينتهي عند السادسة من صباح الثلاثاء.
ويأتي قرار الهستدروت بتقليص مدة الإضراب في محاولة لتجنب قرار يمنع الحدث من قبل النائب العام، وهذا من شأنه فرض عقوبات وغرامات على الشركات والموظفين في حالة إقرار المنع.
الأسواق المالية في المنطقة الحمراء
أدت هذه الاضطرابات إلى الضغط على الأسواق المالية في البلاد، إذ سجلت العملة الإسرائيلية ( الشيكل) تراجعاً بنسبة 0.9 في المئة إلى 3.6584 مقابل الدولار، متأثرة بمخاوف تداعيات الإضراب على الاقتصاد.
وتزامن انهيار الشيكل مع انهيار في بورصة تل أبيب أيضاً، إذ هبطت معظم المؤشرات في ختام تعاملات جلسة يوم الأحد، وسجل مؤشر «تي إيه 125» انخفاضاً بنحو 0.75 في المئة، مع تراجع مؤشر «تي إيه 35» بنسبة 0.88 في المئة، وإغلاق مؤشر «تي إيه 90» متراجعاً 0.44 في المئة.
وجاء تراجع مؤشرات البورصة وهبوط الشيكل الإسرائيلي ليعيد المخاوف إلى المستثمرين، بعدما حققت الأسهم والعملة تعافياً ملحوظاً ومستويات مرتفعة على مدار الأسبوع الماضي عقب إعلان إسرائيل إطلاق ضربة استباقية ضد إيران.
كيف يتأثر الاقتصاد الإسرائيلي بالإضراب؟
قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش إن الإضراب من شأنه الإضرار بالاقتصاد، ودعا النائب العام لتقديم أمر قضائي ضد الإضراب، وفقاً لرسالة أُطلعت عليها وكالة رويترز مكتوبة إلى النائب العام.
وبسبب الإضراب في البلاد، من المقرر إغلاق مطار بن جوريون، مركز النقل الجوي الرئيسي في إسرائيل، بدءاً من الساعة الخامسة صباحاً بتوقيت غرينتش يوم الاثنين، كما ستغلق الخدمات البلدية في المركز الاقتصادي لإسرائيل تل أبيب لفترة خلال اليوم، بحسب ما ذكره سموتريش.
من جانبها قالت جمعية المصنعين الإسرائيلية إنها تؤيد الإضراب واتهمت الحكومة بالفشل في «واجبها الأخلاقي» في إعادة الرهائن إلى الحياة، قائلة «بدون عودة الرهائن لن نتمكن من إنهاء الحرب، ولن نتمكن من إعادة تأهيل أنفسنا كمجتمع، ولن نتمكن من البدء في إعادة تأهيل الاقتصاد الإسرائيلي».
ولا يزال نحو 101 رهينة محتجزين في غزة، رغم أن إسرائيل تعتقد أن ثلثهم لم يعودوا على قيد الحياة، وتوقع أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، في تصريحات سابقة لـ«CNN الاقتصادية»، أن استمرار الحرب من شأنه التسبب في إغلاق 60 ألف شركة خلال السنة الحالية.
وعلقت عدة شركات في إسرائيل أعمالها بعد منع 140 ألف عامل فلسطيني من العمل بها منذ بداية الحرب، كما غادر العديد من العمال الأجانب الذين يعملون في هذه المواقع، وفي حالة استمرار الإضراب، قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الخسائر الحادة للشركات العاملة داخل البلاد.
ويأتي هذا الإضراب ليضيف إلى مزيد من الضغوط على الاقتصاد الذي يعاني بالفعل من استمرار الحرب في غزة، إذ خفض بنك إسرائيل من توقعاته لنمو الاقتصاد مع مستوى مرتفع من عدم اليقين الجيوسياسي، وسط سيناريوهات بمزيد من التصعيد على الجبهتين في غزة وجنوب لبنان.
كذلك رصد مكتب الإحصاء تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بأكثر من النصف في الربع الأول من 2024 إلى 1.1 مليار دولار، وفي المقابل، تجاوز الإنفاق الحكومي 300 مليار شيكل أو 81.72 مليار دولار منذ بداية 2024.