بعد تقرير الوظائف الشهري المتباين لأغسطس آب، كان من المتوقع أن تساعد بيانات التضخم الأميركي في تسوية الجدل بشأن ما إذا كان من المتوقع خفض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس أو 50 نقطة أساس في قرار سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.

لكن جاءت بيانات التضخم لشهر أغسطس 2024 لتثير حالة عدم يقين بشأن مقدار الخفض المتوقع بشأن أسعار الفائدة، في حين يميل معظم المحللين وتوقعات السوق إلى خفض قدره 25 نقطة أساس فقط.

وتباطأ مؤشر أسعار المستهلكين السنوي، مقياس التضخم الرئيسي، إلى 2.5 في المئة خلال أغسطس 2024، مسجلاً أدنى مستوى منذ فبراير شباط 2021، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، ويواصل الانخفاض منذ ذروة يونيو 2022، عندما بلغ التضخم السنوي مستوى 9.1 في المئة.

ومع ذلك، استقر معدل التضخم الأساسي السنوي -الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة- عند 3.2 في المئة دون تغيير عن الشهر السابق، ما يشير إلى أن التضخم لا يزال عنيداً، ويخفض آمال السوق بشأن اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، وبدلاً من ذلك اختيار مقدار أقل.

وقال المدير التنفيذي لشركة VI Markets في مصر، أحمد معطي «تسارع معدل التضخم الأساسي بنسبة 0.3% على أساس شهري، ما يشير إلى أن الضغوط التضخمية ما زالت موجودة، ويحد من الآمال باتجاه الاحتياطي الفيدرالي لخفض كبير في الفائدة».

وأضاف معطي في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية»، «عقلية رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المتعارف عليه هو تفضيله أخذ القرارات على نحو تدريجي بدلاً من أخذ خطوات كبيرة، لذلك توقع السوق مباشرة اتجاهه لخفض أصغر».

ويرى المتداولون على أداة فيدووتش، احتمالية بنسبة 85 في المئة لخفض قدره 25 نقطة أساس، مقابل احتمالية قدرها 15 في المئة فقط لخفض قدره 50 نقطة أساس، بعدما استقرت أسعار الفائدة عند النطاق 5.25-5.5 في المئة على مدار الاجتماعات الثمانية الماضية.

لماذا من المستبعد خفض 50 نقطة أساس؟

شهدت أسواق الأسهم تراجعات قوية منذ بيانات التضخم، وقال خبير الأسواق المالية أحمد معطي «انخفاض السوق يؤكد التوقعات بخفض قدره 25 نقطة أساس، لأنها كانت ترغب في خفض أكبر، ثم فاجأتها بيانات التضخم الأساسي».

وتابع قائلاً «نحن نتجه لتيسير نقدي ولكن ببطء، وهذه تعد مشكلة بالنسبة للأسواق لأنه حتى بعد خفض الفائدة 25 نقطة أساس، ستظل المعدلات عند مستويات مرتفعة وتضغط على الاستثمارات المباشرة والخاصة، وتضغط على المستهلك».

وهبط مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 450 نقطة أو 1.11 في المئة، بعدما تراجع بأكثر من 500 نقطة فور صدور البيانات، كما تراجع مؤشر إس آند بي 500 بنحو 0.82 في المئة، وانخفض مؤشر ناسداك بنسبة 0.2 في المئة أو 34 نقطة.

ومع ذلك، أوضح معطي أنه من المستبعد اتجاه الفيدرالي لخفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس لأن هذا الخفض الكبير مرة واحدة من شأنه إعطاء إشارة للمستثمرين بوجود مشكلة حقيقية تواجه الاقتصاد الأميركي، وهو ما يحاول الاحتياطي الفيدرالي تجنب حدوثه.

توقعات البنوك بخفض محسوم

أظهر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد يومي 30 و31 يوليو تموز أن مسؤولي البنك يميلون بقوة لخفض سعر الفائدة خلال اجتماع سبتمبر أيلول المقبل، قائلين «إنه إذا استمرت البيانات في الظهور كما هو متوقع، فمن المرجح أن يكون من المناسب تخفيف السياسة في الاجتماع المقبل».

تتماشى هذه التعليقات مع تأكيد رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول الأخيرة في قمة جاكسون هول، على ثقته في انخفاض التضخم قائلاً «حان الوقت لتعديل السياسة النقدية».

لذلك فإن بيانات التضخم الأخيرة لشهر أغسطس ساهمت في حسم قرار أسعار الفائدة في سبتمبر، وأصبح الجدل الآن حول تقييم البيانات ومقدار الخفض المتوقع من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

ويتفق بنك مورغان ستانلي مع توقعات المتداولين على أداة فيدووتش وتوقعات الأسواق، مرجحاً بدء أول عملية خفض للفائدة بواقع 25 نقطة أساس في سبتمبر 2024، لكنه يرى ثلاثة تخفيضات بدلاً من التخفيضين المتوقعين من الأسواق.

كما يؤيد سيتي بنك اتجاه الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع نقطة أساس ثماني مرات متتالية بدءاً من سبتمبر 2024 حتى يوليو 2025، ما يمثل انخفاضاً بمقدار 200 نقطة أساس عن المستويات الحالية لتهبط إلى النطاق 3.25-3.5 في المئة.