يصارع سكان غزة للبقاء بين أكثر من 42 مليون طن من الحطام الناتج عن حرب استمرت على مدار عام مضى، وتركت مئات الآلاف يعيشون في خيم وعلى أنقاض الصروح المحطمة والمباني المسطحة بالأرض.
بدأت هذه الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023 بهجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس على المستوطنات الإسرائيلية، ليشن الجيش الإسرائيلي قصفاً جوياً مستمراً ويبدأ عمليات عسكرية واسعة على قطاع غزة، كل هذا أسفر عن دمار للمنازل والطرق والبنية التحتية للقطاع متسبباً في عشرات آلاف القتلى والمصابين وتاركاً البقية بين ملايين الأطنان من الحطام.
وقالت الأمم المتحدة إن هذا الحطام يعادل 14 ضعف كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين عام 2008 و7 أكتوبر 2023، كما أنه يعتبر أكثر من خمسة أضعاف الكمية التي خلفتها معركة الموصل في عامي 2016 و2017 بالعراق.
وإذا كدست هذه الكمية من الحطام، فإنها ستملأ الهرم الأكبر في الجيزة بمصر 11 مرة، بحسب الأمم المتحدة، بينما تستمر في الارتفاع يومياً مع تواصل القصف الإسرائيلي للقطاع.
وتخطط مجموعة عمل لإدارة الحطام بقيادة الأمم المتحدة لتنفيذ مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط غزة للبدء في إزالة الحطام على جانب الطريق هذا الشهر.
وقال مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، أليساندرو مراكيتش، الذي يشارك في رئاسة مجموعة العمل، إن «التحديات ضخمة.. ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن».
خيام وسط الأنقاض
يقول يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لنصب خيمة «من سيأتي إلى هنا ويزيل لنا الأنقاض؟.. لا أحد، لذلك فعلنا ذلك بأنفسنا».
وتعرضت ثلثا المباني التي كانت موجودة قبل حرب غزة، أي أكثر من 163 ألف مبنى، لأضرار أو سويت بالأرض بينها مئات آلاف المباني الشاهقة، وفقاً لبيانات الأقمار الصناعية التابعة للأمم المتحدة.
وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور بأن إزالة عشرة ملايين طن من الحطام ستتكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار لإزالة جميع الحطام الموجود إذا توقفت الحرب الآن.
في غضون ذلك، تشير تقديرات الأمم المتحدة الصادرة في أبريل نيسان 2024 إلى أن إزالة الأنقاض ستستغرق 14 عاماً.
مخاطر صحية متفاقمة
ذكر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام قد تكون ملوثة، مستشهداً بتقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في غزة، التي تعرض بعضها للقصف، ويمكن أن تُسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.
وسجلت منظمة الصحة العالمية ما يقرب من مليون حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة في غزة خلال العام الماضي، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.
فيما قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، بسمة أكبر، إن الغبار «مصدر قلق كبير»، ويمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.
ويخشى الأطباء من ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان والعيوب الخلقية بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة، وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والالتهابات الجلدية الناجمة عن ذبابة الرمل تشكل مصدر قلق.
نقص الأراضي والمعدات.. تحدٍ آخر
استخدمت أنقاض غزة في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية، وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء من شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.
لكن يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن غزة، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 2.3 مليون نسمة يعيشون في منطقة يبلغ طولها 45 كيلومتراً وعرضها 10 كيلومترات، تفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من الأنقاض.
وقال مراكيتش إن المزيد من إعادة التدوير يعني المزيد من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية، وسيتعين عليهم الدخول عبر نقاط العبور التي تسيطر عليها إسرائيل.
وأفاد مسؤولون حكوميون بوجود نقص في الوقود والآلات بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود التطهير، وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن عمليات الموافقة المطولة كانت بمثابة «عائق كبير».
كما لفت برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أنه يحتاج إلى إذن المالكين لإزالة الأنقاض، إلا أن حجم الدمار أدى إلى عدم وضوح حدود الملكية، وفقدت بعض سجلات الملكية خلال الحرب.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة طلب عدم نشر اسمه لتجنب تقويض الجهود الحالية «الجميع يشعر بالقلق بشأن ما إذا كان سيستثمر في إعادة بناء غزة إذا لم يكن هناك حل سياسي».
(رويترز)