إذا أردنا «تجاوز تحدي الدولار»، يجب علينا تصنيع نسبة كبيرة من المنتجات داخل مصر.. بهذه الكلمات توجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الشعب المصري على هامش افتتاح أحد المشروعات بمدينة الجيزة إلى الغرب من العاصمة المصرية القاهرة.
واستخدام رئيس الجمهورية لفظ «تحدي الدولار» يثير بلا شك مخاوف الجميع من تكرار الأزمة الاقتصادية التي عصفت بمصر لمدة تقترب من عامين، حيث فقد خلالها الجنيه المصري نحو 68 في المئة من قيمته في 4 تخفيضات متتالية، لتُباع كل ورقة خضراء تحمل صورة جورج واشنطن بنحو 49 بدلاً من 15 جنيهاً و60 قرشاً.
وقال أستاذ التمويل في جامعة القاهرة هشام إبراهيم في اتصال مع (CNN الاقتصادية)، إن «لفظ تحدي الدولار دقيق ويعبّر عن الوضح الحالي، حيث إن فاتورة الاستيراد تبلغ 45 مليار دولار.. وهذا يعني أننا نعتمد على الخارج أكثر من قدراتنا الداخلية.. ما تتم ترجمته في صورة عجز كبير في الميزان التجاري».
وبحسب آخر البيانات المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد صعد عجز الميزان التجاري في مصر خلال يوليو تموز الماضي بنسبة 60.3 في المئة إلى 4.6 مليار دولار، بعدما كان قد سجل 2.870 مليار دولار في يونيو حزيران 2024.
واستعرض الرئيس السيسي بعض السلع التي تستورد بمبالغ كبيرة، قائلاً إن مصر تستورد سنوياً هواتف محمولة بـ9 مليارات دولار، وأدوية بـ23 مليار دولار، وسيارات بمبلغ 25 مليار دولار، ولوحات توزيع تحكم كهربائي بنحو ملياري دولار، وعطوراً ومزيلات عرق بـ440 مليون دولار، ومستحضرات تجميل بـ500 مليون دولار، وحقائب يد بـ200 مليون دولار، وبعض أنواع الشوكولاتة بنحو 400 مليون دولار، وسيراميك بـ235 مليون دولار، وورق فويل بـ500 مليون دولار، وبعض المستلزمات الأخرى التي يمكن تصنيعها في الداخل.
وأضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي أن بعض المستوردين والتجار يفضّلون شراء هذه السلع على تصنيعها محلياً، وهذا يسبب أزمة في الدولار، واستنكر بالعامية المصرية «وبتلوموني إن الدولار بيرتفع ليه؟».
وعانت مصر شحاً كبيراً في معادلة العملة الصعبة والاحتياجات الكبيرة لسكانها.. كانت مظاهرة فرض البنك المركزي المصري مجموعة من الإجراءات شلت حركة الاستيراد بشكل شبه كلي لفترة اقتربت من عامين، ما نتج عنه تكدس بضائع بمليارات الدولارات في الموانئ المصرية ونقص كبير في البضائع في السوق المحلية وموجة من ارتفاع الأسعار.
ويستبعد إبراهيم أن يقفز الدولار مجدداً بقدر مماثل لما حدث في عامي 2022 و2023 «إذ يتبنى البنك المركزي سياسة سعر صرف مرن ولن يتبنى مجدداً جموداً مماثلاً في سعر الصرف»، ولكنه يخشى من تسارع «التوترات الجيوسياسية في المنطقة وتأثر إيرادات السياحة مثلما تأثرت إيرادات قناة السويس بالصراع في الشرق الأوسط».
وكان البنك المركزي المصري قد أعلن الأسبوع الماضي منع تدبير الدولار لاستيراد 13 سلعة وصفها بالترفيهية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة منه.
ووفقاً لحسابات البنك المركزي انخفض الدين الخارجي بنهاية يونيو حزيران الماضي بنحو 4.8 في المئة، ما يعادل 7.722 مليار دولار، ليصل إلى 152.885 مليار دولار، مقابل 160.607 مليار دولار بنهاية مارس آذار الماضي. وينتظر مصر، التي لم تتأخر أبداً عن الوفاء بالتزاماتها في العصر الحديث، جدول سداد ممتلئ في السنوات المقبلة.