حذّرت رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين يوم الأربعاء من أن أوروبا «ليس لديها وقت لتضيعه» لتعزيز دفاعاتها وقدرتها التنافسية، إذ يستعد المشرعون الأوروبيون لإعطاء الضوء الأخضر لسلطتها التنفيذية الجديدة لبدء العمل.

وفي كلمتها أمام البرلمانيين في ستراسبورغ، قالت فون دير لاين إن فريقها مستعد للبدء في العمل على الفور في مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه الاتحاد، وأهمها حرب أوكرانيا «المستعرة على حدود أوروبا».

ودعت إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، وقالت «ليس لدينا وقت لنضيعه، ويجب أن نكون طموحين بقدر خطورة التهديدات».

من الحرب الروسية الأوكرانية إلى الحرب في الشرق الأوسط، والتهديد الاقتصادي المتزايد من الصين والعودة الوشيكة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن الاتحاد الأوروبي لديه الكثير من العمل.

وقالت فون دير لاين للمشرعين «حريتنا وسيادتنا تعتمدان أكثر من أي وقت مضى على قوتنا الاقتصادية، يعتمد أمننا على قدرتنا على المنافسة والابتكار والإنتاج».

إن ضمان التسليم السريع لقيادة الاتحاد المكونة من 27 دولة بعد الانتخابات الأوروبية في يونيو حزيران أمر بالغ الأهمية، ومن المقرر أن يبدأ الفريق الجديد تفويضه رسمياً يوم الأحد، بعد أن توصلت العديد من المجموعات الرئيسية في البرلمان إلى اتفاق لدعمه.

وافقت مجموعات اليمين والوسط ويسار الوسط الأسبوع الماضي على التصويت على المفوضية الجديدة المكونة من 27 عضواً ككل، بقيادة الألمانية فون دير لاين، البالغة من العمر 66 عاماً، لولاية ثانية.

جاء ذلك بعد الموافقة على جميع المرشحين الذين رشحتهم الدول الأعضاء -لأول مرة منذ عقود- بشكل فردي، وإن كان ذلك بعد نوبة من المقايضة السياسية.

وكان البرلمان استخدم في السابق هذه العملية لإظهار قوته ورفض بعض المرشحين.

الأسلحة والتعريفات الجمركية

تتحدث الأدوار العليا في المفوضية الجديدة عن أولويات السنوات الخمس المقبلة.

ومن المقرر أن تتولى رئيسة الوزراء الإستونية السابقة كايا كالاس زمام الأمور كأعلى دبلوماسية في الاتحاد، في حين حصل أندريوس كوبيليوس من ليتوانيا على دور جديد للإشراف على دفع الاتحاد الأوروبي لإعادة التسلح، وكلاهما من المنتقدين المتشددين لروسيا.

وقالت فون دير لاين، يوم الأربعاء، إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يزيد بسرعة الإنفاق الدفاعي لمنافسة المستويات الروسية، مشيرةً إلى أن هناك «خطأ ما» عندما تنفق موسكو ما يصل إلى 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع مقابل 1.9 في المئة للاتحاد الأوروبي.

وقالت في وقت سابق إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى استثمار 526 مليار دولار في الدفاع على مدى العقد المقبل إذا كانت تريد مواكبة روسيا والصين.

أصبح هذا الأمر أكثر إلحاحاً منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة هذا الشهر، وسط مخاوف من أنه قد يقلل من التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي ودعم أوكرانيا.

وعلى نحو مماثل، ارتفعت سياسة التجارة في ظل رئاسة ماروس سيفكوفيتش من سلوفاكيا إلى الواجهة، إذ سيتنافس الاتحاد مع رئيس أميركي محب للرسوم الجمركية قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى شراء المزيد من المنتجات الأميركية أو مواجهة رسوم جمركية أعلى.

من المقرر أن يتولى ستيفان سيجورن من فرنسا مسؤولية الاستراتيجية الصناعية في وقت يعاني فيه قطاع التصنيع في أوروبا وسط المنافسة من الصين، وارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الاستثمارات.

سيتعين على وزير الخارجية الفرنسي السابق العمل جنباً إلى جنب مع تيريزا ريبيرا الإسبانية، رئيسة المنافسة والتحول الأخضر الجديدة، للتوفيق بين النمو الاقتصادي وطموحات المناخ.

رئيسة «عملية»

ومع ذلك، ستكون فون دير لاين في المقدمة.

قال لويجي سكازييري، من مركز الإصلاح الأوروبي للأبحاث، إن وزيرة الدفاع الألمانية السابقة «عززت قوتها ومكانتها كفاعل سياسي» بشكل كبير على مدى السنوات الخمس الماضية.

كانت فون دير لاين استبعدت المفوضين الذين لم تكن تتفق معهم، مثل المفوض الفرنسي تييري بريتون، واستفادت من التوافق السياسي الذي جعل الدول تملأ فريقها الجديد بزملاء محافظين.

في ولايتها الأولى، دفعت كذلك حدود ما يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفعله وما هو متوقع منه، وهو ما يقول المراقبون إنه قد يكون مفيداً في المستقبل.

تحت قيادتها، قادت المفوضية الجهود لشراء لقاحات كوفيد-19، واستخدام الاقتراض المشترك لتمويل التعافي الاقتصادي بعد الجائحة، وشحن الأسلحة إلى أوكرانيا، وفصل أوروبا عن الغاز الروسي.

قالت إيلفا يوهانسون، مفوضة الشؤون الداخلية المنتهية ولايتها، إن المفوضية المقبلة «تواجه المزيد من التهديدات»، مشيرة إلى أن البيئة الجيوسياسية تغيرت بشكل كبير منذ عام 2019.

لكنها قالت إن السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي أصبحت الآن «أكثر تشغيلية مما كانت عليه قبل خمس سنوات»، وأضافت «هذا أيضاً بفضل شخصية أورسولا فون دير لاين لأنها عملية للغاية».