سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد صباح اليوم الأحد، إذ أعلن التلفزيون الرسمي نهاية حكمه، ووعد رئيس وزراء البلاد بالتعاون مع المتمردين.
وفي حين لا يزال مكان الأسد، الذي حكمت عائلته سوريا أكثر من خمسة عقود، غير معروف، على غرار مستقبل سوريا السياسي، تحول الاهتمام إلى سؤال مهم آخر: ما القيمة الصافية الحقيقية لثروة عائلة الأسد؟ وكيف جمعت هذه الثروة الهائلة؟ يستكشف هذا التقرير الثروات الخفية والأصول الغامضة لواحدة من أكثر السلالات الحاكمة ثباتاً وإثارة للجدل في الشرق الأوسط، ويلقي الضوء على الكيفية التي شكّلت بها السلطة والصراع الإرث المالي لنظام الأسد.
صافي ثروة عائلة الأسد
تشير التقديرات المستندة إلى معلومات مفتوحة المصدر إلى أن صافي ثروة عائلة الأسد يتراوح بين مليار وملياري دولار، ولكن وفقاً لتقرير وزارة الخزانة الأميركية عام 2022، فإن هذا تقدير غير دقيق لا تستطيع الوزارة التحقق منه بشكلٍ مستقل.
وتنشأ الصعوبة في تقدير صافي ثروة الأسد وأفراد عائلته الممتدة بشكلٍ دقيق عن أصول العائلة، التي يُعتقد أنها منتشرة ومخفية في العديد من الحسابات ومحافظ العقارات والشركات والملاذات الضريبية الخارجية.
ومن المرجّح أن تكون أي أصول تقع خارج سوريا ولم يتم الاستيلاء عليها أو تجمد محتفظ بها بأسماء مستعارة أو من قِبل أفراد آخرين، لإخفاء الملكية والتهرب من العقوبات.
بشار وأسماء الأسد
أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية بشار الأسد على قائمة العقوبات في 18 مايو أيار 2011، وأسماء الأسد في 17 يونيو حزيران 2020، ويحافظ آل الأسد على علاقات وثيقة مع أكبر اللاعبين الاقتصاديين في سوريا.
تمارس أسماء الأسد نفوذاً كبيراً على اللجنة الاقتصادية التي تدير الأزمة الاقتصادية المستمرة في سوريا؛ إذ تتخذ هذه اللجنة قرارات بشأن دعم الغذاء والوقود والتجارة وقضايا العملة.
ويقال إن أسماء تواصل ممارسة نفوذها على صندوق سوريا للتنمية، الذي أسسته عام 2001، وتوجّه التمويل إلى المبادرات الخيرية والإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في سوريا.
في عام 2019، أسست أسماء أيضاً شركة الاتصالات إيما تيل مع رجل الأعمال السوري خضر طاهر بن علي (خضر علي طاهر).
يدير ابن عم أسماء الأسد مهند الدباغ وشقيقها فراس الأخرس شركة تكامل، التي تدير برنامج البطاقة الذكية الإلكترونية المستخدمة لتوزيع المواد الغذائية المدعومة في سوريا، وفقاً لتقارير مفتوحة المصدر.
ماهر الأسد
ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، هو قائد الفرقة المدرعة الرابعة في سوريا، ومن خلالها يعمل رئيساً لشبكة متورطة في أنشطة غير مشروعة.. تستفيد شبكة ماهر من أعمال تجارية في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والطاقة والسياحة.
وتزعم المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام أن الفرقة المدرعة الرابعة تجمع أيضاً رسوماً من حركة المرور التي تمر عبر نقاط التفتيش السورية الرسمية وغير الرسمية الخاضعة لسيطرتها، وتفرض رسوم حماية وملكية على النقل التجاري.
كما يمتلك ماهر الأسد استثمارات في قطاعات المقاولات والطاقة وتكنولوجيا المعلومات من خلال مجموعة تيلسا الاستثمارية، وتشمل العلاقات الوثيقة الأخرى عائلة قاطرجي، التي تدير شركاتها ومليشياتها آبار النفط في مناطق النظام، وفي الماضي سهّلت تجارة الوقود بين النظام وداعش، وخضر علي طاهر، الذي ينظّم الحماية ويجمع الإتاوات من الأنشطة التجارية كوسيط ومقاول محلي بارز للفرقة المدرعة الرابعة.
رامي مخلوف
رامي مخلوف هو ابن محمد مخلوف، خال بشار الأسد، ويعتبر رامي مخلوف أحد أغنى وأقوى رجال سوريا، وكان في وقت من الأوقات يتحكم في حصة كبيرة من الاقتصاد السوري.
وقد أدرجته الحكومة الأميركية عام 2008 على قائمة العقوبات بسبب استفادته من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدتهم له.
اختلف مخلوف علناً مع الأسد في ربيع عام 2020، وورد أنه وُضع تحت الإقامة الجبرية في اللاذقية، وبعد ذلك ورد أن السلطات السورية وضعت العديد من مصالحه التجارية تحت الحراسة القضائية للدولة، وتتراوح تقديرات المصادر المفتوحة لثروة مخلوف بين 5 و10 مليارات دولار.
كان رامي في السابق مالكاً للأغلبية في شركة سيرياتيل موبايل تيليكوم. في عام 2016، بلغت قيمة أسهمه أكثر من 130 مليون دولار، وفي يونيو حزيران 2020، أوقفت سوق دمشق للأوراق المالية إلى أجل غير مسمى تداول أسهم سيرياتيل.
كان رامي مخلوف يمتلك حصة 50 في المئة في شركة شام القابضة، أكبر شركة قابضة سورية، وصنف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية شركة شام القابضة وشركات أخرى مملوكة لمخلوف على قائمة العقوبات عام 2011.
كان لدى مخلوف عقود حصرية لإدارة أسواق معفاة من الرسوم الجمركية في سوريا حتى عام 2020، عندما ألغى نظام الأسد العقود، متهماً إياه باستخدام الأعمال التجارية «لتهريب البضائع والأموال»، ونقل النظام العقود إلى شقيق رامي الأصغر إيهاب مخلوف.
إيهاب مخلوف
إيهاب مخلوف هو الأخ الأصغر لرامي مخلوف وابن خال بشار الأسد، وفرضت الحكومة الأميركية عقوبات على إيهاب وشقيقه إياد عام 2017 لتقديمهما الدعم المالي والتكنولوجي والمادي لرامي مخلوف.
بعد الخلاف بين رامي مخلوف وبشار الأسد، نما دور إيهاب في إدارة أصول عائلة مخلوف عندما منحته الحكومة السورية حقوق الاحتكار في الأسواق المعفاة من الرسوم الجمركية.
وتنحى إيهاب عن منصبه نائب رئيس مجلس إدارة سيريتل في مايو أيار 2020، معلناً دعمه لبشار الأسد وألقى باللوم على شقيقه رامي في مشكلات الشركة.
يمتلك إيهاب استثمارات في قطاعي الخدمات المالية والمصرفية ويدير أكثر من 200 مكتب صرافة في دمشق.
رفعت الأسد
رفعت الأسد هو عم بشار الأسد من جهة الأب، الذي غادر سوريا بعد محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في عام 1984، واحتفظ بمحفظة أعمال كبيرة في سوريا حتى عام 1999، عندما طُرد رسمياً من سوريا بعد اشتباكات عنيفة في اللاذقية بين أنصاره وأنصار شقيقه حافظ. في عام 2017، صادرت الحكومة الإسبانية أصول رفعت الإسبانية بعد أن ورد اسمه في تحقيق أوروبي في غسيل الأموال.
في يونيو حزيران 2020، حكمت محكمة فرنسية على رفعت بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة غسيل الأموال المنظم والاحتيال الضريبي المشدد واختلاس الأموال السورية، وصادرت ممتلكاته وحساباته في باريس ولندن.. قبل المصادرة، قُدر إجمالي محفظة العقارات الخاصة برفعت بنحو 850 مليون دولار.. وعاد رفعت إلى سوريا في أكتوبر تشرين الأول 2021 لتجنب السجن.
ذو الهمة شاليش ورياض شاليش
ذو الهمة شاليش (المعروف أيضاً باسم زهير شاليش) ورياض شاليش أبناء عم بشار الأسد. شغل ذو الهمة شاليش منصب قائد الحرس الرئاسي لنظام الأسد من عام 1994 حتى عام 2019 عندما وضعت السلطات السورية ذي الهمة تحت الإقامة الجبرية للاشتباه في اختلاسه.
تقدر وسائل الإعلام صافي ثروة عائلة شاليش بأكثر من مليار دولار، والتي تنبع من مصالحها التجارية وأنشطة التهريب غير المشروعة وغسيل الأموال.