خلفت الحرب في سوريا على مدار أكثر من عقد، مصاعب ومشقات وعقوبات دفعت الاقتصاد السوري إلى حافة الهاوية، وقد يدفع انهيار النظام السوري مؤخراً لمزيد من التراجع.
ورغم ضعف البيانات الرسمية الواضح عن الاقتصاد السوري طوال هذه السنوات، فإن البيانات القليلة المتاحة عبر بعض المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي تشير إلى نظام اقتصادي متداعٍ وانتشار الفقر في أرجاء سوريا.
ودمر عقد من الصراع في سوريا النمو الاقتصادي، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 54 في المئة بين عامَي 2010 و2021، حسب ما يشير البنك الدولي في تقرير حديث له.
وأضعف الصراع في سوريا قدرة البلاد على امتصاص الصدمات الاقتصادية الخارجية.
كما تقلصت قيمة الصادرات من 8 مليارات دولار في 2010 إلى مليار دولار في 2023، وفقاً لبيانات البنك المركزي السوري.
وأسهم الصراع في سوريا في ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إذ طال الفقر 69 في المئة من السكان في 2022، بينما وصل معدل الفقر المدقع إلى 27 في المئة، مرتفعاً من مستوى ضئيل للغاية في عام 2009.
وبحسب بيانات البنك الدولي فإن أكثر من 50 في المئة من الفقراء المدقعين يعيشون في 3 محافظات هي حلب وحماة ودير الزور، إذ تعاني المحافظات الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، أعلى معدلات الفقر.
توقعات قاتمة للاقتصاد السوري
نعكس استمرار أمد الصراع في سوريا على التوقعات للاقتصاد السوري خلال العام الحالي، إذ كانت توقعات البنك الدولي تشير إلى أن الاقتصاد السوري سينكمش بنسبة 1.5 في المئة خلال العام الحالي، لكن سقوط النظام الحالي ربما يلقي بظلاله أكثر على معدلات النمو المستقبلية.
ذهبت التوقعات إلى استمرار ضعف الاستثمار الخاص في ظل عدم استقرار الوضع الأمني والضبابية في المشهد الاقتصادي، وكذلك استمرار ارتفاع التضخم بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية.
ولم تكن البيانات الخاصة بالاقتصاد السوري خلال العام الماضي أكثر تفاؤلاً إذ إن النشاط الاقتصادي استمر في التراجع، وأثر الصراع بشدة على قطاع الزراعة مع نزوح أعداد هائلة من المزارعين والأضرار الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية التحتية وشبكات الري، ما أدى إلى انخفاض في المحاصيل.
كما أثرت الاضطرابات المرتبطة بالصراع تأثيراً شديداً على التجارة الخارجية.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي انخفضت قيمة الليرة السورية بنسبة 141 في المئة خلال العام الماضي كما تشير التقديرات إلى أن تضخم أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 93 في المئة، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب خفض الدعم الذي تقدمه الحكومة.
نمو تجارة الكبتاغون
وفي محاولة لتجنب تدهور الوضع الاقتصادي والعقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري، نما في سوريا اقتصاد غير شرعي عبر التجارة في بعض السلع الممنوعة مثل تجارة الكبتاغون.
وقال البنك الدولي إن سوريا أصبحت منتجاً ومصدراً رئيسياً للكبتاغون وهو عقار شديد الإدمان وغير قانوني وأصبح شائعاً في الشرق الأوسط.
ويقدر تقرير للبنك الدولي مستخدماً مجموعة بيانات جديدة عن مضبوطات المخدرات في جميع أنحاء العالم، أن القيمة السوقية السنوية للكبتاغون سوري المنشأ بما يصل إلى 5.6 مليار دولار بين عامي 2020 و2023.
وتستفيد الجهات الفاعلة في سوريا والمرتبطة بها من بيع الكبتاغون بما يصل إلى 1.8 مليار دولار سنوياً أي ما يقرب من ضعف الإيرادات المتأتية من جميع الصادرات السورية المشروعة في 2023، وفقاً لبيانات البنك.