يدق العديد من خبراء الاقتصاد ناقوس الخطر بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني، إذ يعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم من مشكلات عدة آخذة في التصاعد مثل انهيار قطاع العقارات وتراجع قيمة اليوان وانخفاض سوق السندات وتداعيات الحرب التجارية مع أميركا.

وفي انهيار مفاجئ، أصبحت أسعار الفائدة لمدة 30 عاماً الآن أقل في الصين منها في اليابان وهو ما لم يحدث من قبل في التاريخ الحديث، ويُوصَف اقتصاد الصين حالياً بأنه يشهد «دوامة انكماشية» كما حدث في اليابان في التسعينيات، ما ينذر بإمكانية دخول بكين في دوامة العقود الاقتصادية المفقودة كتلك التي شهدتها طوكيو.

بلغ عائد سندات الحكومة الصينية لمدة 30 عاماً نحو 1.86 في المئة فيما عائدات السندات اليابانية لذات الأجل نحو 2.1 في المئة، فبينما تخفض بكين أسعار الفائدة تتجه طوكيو إلى رفعها.

ولتوضيح أهمية الأمر فحتى خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008 لم ترتفع العائدات اليابانية فوق العائدات الصينية، وتواجه بكين الآن ركوداً اقتصادياً كالذي ضرب اليابان في تسعينيات القرن الماضي واستمرت تداعياته لنحو 30 عاماً.

لم يكن المستثمرون في سوق السندات الحكومية الصينية التي تبلغ قيمتها 11 تريليون دولار متشائمين أبداً بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ونتيجة لذلك، نشهد الآن أكبر فجوة في عائدات السندات الأميركية والصينية في التاريخ، وترسل سوق السندات الصينية إشارات تحذيرية.

شهدت الصين انكماشاً لمدة 6 أرباع متتالية لأول مرة منذ عام 1999، كما تشهد تغيرات في ديناميكيات السكان وانهيار قطاع العقارات بصورة أسوأ من عام 2008.

وهذا مشابه لما شهدته اليابان في التسعينيات، وبعد أكثر من 30 عاماً وما زالت اليابان لم تتعاف من هذا.

تعتبر ديناميكيات السكان واحدة من أكبر أوجه التشابه بين الصين واليابان في التسعينيات، وفي عام 2050 ستكون نسبة الصينيين فوق سن التقاعد 39 في المئة من إجمالي السكان ونحو 45 في المئة من الأشخاص في سن 65 عاماً أو أكبر ارتفاعاً من 13 في المئة في عام 2010 وهذا بسبب سياسة الطفل الواحد.

وأدى هذا إلى انهيار قطاع العقارات بالصين منذ عام 2021 إلى خسارة 18 تريليون دولار من ثروة الأسر الصينية.

إذا قمت بتعديل خسائر عام 2008 في الولايات المتحدة للتضخم فإنها تساوي نحو 17 تريليون دولار اليوم، وتشهد الصين حالياً سيناريو أزمة 2008 الخاص بها.

وهنا يأتي سؤال: لماذا لا تنهار الأسواق في مختلف أنحاء العالم؟ فالصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.

ألا يخلف حدث مثل عام 2008 في الصين تأثيرات متتالية في مختلف أنحاء العالم؟ والإجابة أنه في الوقت الحالي تمر الصين والولايات المتحدة بموقفين متناقضين وهما الانكماش مقابل التضخم.

الآن انهارت ثقة المستهلك في الصين وحتى التحفيز لم يساعد، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية انخفضت ثقة المستهلك في الصين بنحو 50 نقطة إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، وربما لم يشهد مثل هذا الانخفاض في تقييم المستهلك للاقتصاد الصيني من قبل.

وقد أدى هذا إلى إضعاف اليوان الصيني بسرعة وهي أزمة أخرى داخل دوامة أزمات الاقتصاد الصيني، ويقترب اليوان من أضعف مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ عام 2007.

في الواقع تتداول أسواق العملات اليوان كما لو كانت الصين في انهيار عقاري كذلك الذي شهدته أميركا في عام 2008.

وأصبح من المنطقي أن تزيد الصين احتياطياتها من الذهب في خطوة لتأمين نفسها وتقليل الخسائر، واستأنف البنك المركزي الصيني عمليات شراء الذهب في نوفمبر تشرين الثاني، ويحتفظ الآن بنحو 73 مليون أونصة من الذهب، ويعلم البنك المركزي الصيني بالضبط ما يحدث، إنها أزمة اقتصادية واسعة النطاق.

وستمتد آثار انهيار سوق العقارات في الصين إلى ما هو أبعد من العقارات في الصين، ومع بداية عام 2025 يستعد العالم للمزيد من التقلبات في أسواق المال، وانهيار سندات الحكومة الصينية يجعل بكين في حاجة إلى إعادة هيكلة اقتصادية كبرى.

والعقود المفقودة هو مصطلح يشير إلى فترة من الركود الاقتصادي عاشته اليابان بسبب انهيار فقاعة أسعار الأصول في أواخر عام 1991 تستمر تداعياته حتى اليوم.

وكان المصطلح في البداية يقصد به السنوات من 1991 إلى 2001، لكن العقد من 2001 إلى 2011 والعقد من 2011 إلى 2021 قد ضمنا من قبل العديد من خبراء الاقتصاد.