أفاد تقرير صدر اليوم الأربعاء بأن الحرائق الضخمة الناجمة عن تغيّر المناخ أدّت إلى خسائر قياسية في الغابات على مستوى العالم خلال عام 2024.
وسجّلت الغابات الاستوائية البكر وحدها خسارة قدرها 6.7 مليون هكتار (نحو 16.6 مليون فدان) خلال عام 2024، أي بزيادة تُقدّر بنحو 80 في المئة مقارنة بعام 2023، وهي مساحة تعادل تقريباً مساحة دولة بنما، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وترجع هذه الزيادة الكبيرة في الخسائر أساساً إلى اشتداد الحرائق في غابات الأمازون بالبرازيل، التي تستعد لاستضافة قمة المناخ العالمية المقبلة في نوفمبر تشرين الثاني.
وقد واجهت البلاد صعوبات كبيرة في احتواء النيران، وسط أسوأ موجة جفاف مُسجلة على الإطلاق في تاريخ الغابات المطيرة.
كما اندلعت حرائق الغابات في العديد من الدول الأخرى، من بينها بوليفيا وكندا، ما أسهم في تفاقم الخسائر العالمية.
وبحسب التقرير السنوي الصادر عن معهد الموارد العالمية بالتعاون مع جامعة ماريلاند، فإن الحرائق كانت السبب الرئيسي لفقدان الغابات الاستوائية خلال عام 2024، في مؤشر مقلق بالنسبة لنظام بيئي رطب بطبيعته، لا يُفترض به أن يشتعل.
وقال ماثيو هانسن، المدير المشارك للمختبر في جامعة ماريلاند الذي جمع البيانات: «الإشارات في هذه البيانات مُخيفة للغاية. الخوف هو أن تتجاوز تأثيرات المناخ قدرتنا على الاستجابة بفاعلية».
ووفقاً للتقرير، فقد تضرّرت أميركا اللاتينية بشدة، حيث سجّلت منطقة الأمازون أعلى مستوى من فقدان الغابات الأولية منذ عام 2016.
وخسرت البرازيل، التي تمتلك أكبر حصة من الغابات الاستوائية في العالم، نحو 2.8 مليون هكتار (ما يعادل 6.9 مليون فدان) من الغابات خلال عام 2024، وهي أكبر خسارة تُسجَّل في تاريخ أي دولة.
ويُعدّ ذلك تراجعاً كبيراً عن التقدّم المُحرز عام 2023، عندما تولى الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا منصبه، مُتعهداً بحماية أكبر غابة مطيرة في العالم.
وقال أندريه ليما، المشرف على سياسات مكافحة إزالة الغابات في وزارة البيئة البرازيلية: «كان هذا غير مسبوق، ما يعني أننا بحاجة إلى تكيف سياساتنا كلها بما يتماشى مع الواقع الجديد»، مضيفاً أن الحرائق، التي لم تكن سابقاً من الأسباب الرئيسية لفقدان الغابات، أصبحت الآن من أبرز أولويات الحكومة.
وفي تطوّرٍ لافت، تفوّقت بوليفيا على جمهورية الكونغو الديمقراطية لتصبح الدولة الثانية عالمياً من حيث خسارة الغابات الاستوائية، رغم أن مساحة غاباتها تقلّ عن نصف الغابات الموجودة في الدولة الإفريقية، التي سجّلت أيضاً ارتفاعاً في خسائر الغابات خلال العام الماضي.
وشهدت بوليفيا ارتفاعاً في خسائر الغابات بنسبة 200 في المئة خلال عام 2024، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى الجفاف وحرائق الغابات، إضافة إلى التوسع الزراعي المدعوم من الحكومة.
وأشار التقرير إلى اتجاهات مماثلة في دول أخرى أميركا اللاتينية، بما في ذلك المكسيك وبيرو ونيكاراغوا وغواتيمالا.
وفي كولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، أسهمت الصراعات المسلحة في زيادة معدلات إزالة الغابات، حيث عمدت الجماعات المسلحة إلى استنزاف الموارد الطبيعية.
أمّا خارج المناطق الاستوائية، فقد سجّلت الغابات الشمالية، المعروفة بتكيّفها مع الحرائق الموسمية، خسائر قياسية في الأشجار خلال عام 2024، حيث فقدت كندا وروسيا معاً نحو 5.2 مليون هكتار (ما يعادل 12.8 مليون فدان) نتيجة حرائق غابات خرجت عن السيطرة.
وفي المقابل، خالفت منطقة جنوب شرق آسيا الاتجاه العالمي، حيث سجّلت دول مثل ماليزيا، ولاوس، وإندونيسيا انخفاضات كبيرة (ذات رقمين) في خسائر الغابات الأولية.
ويُعزى هذا التراجع إلى استمرار السياسات المحلية في الحفاظ على البيئة، إلى جانب جهود المجتمعات المحلية والقطاع الخاص في احتواء الحرائق والحد من التوسع الزراعي بشكل فعّال.
وقال رود تايلور، المدير العالمي للغابات في المعهد العالمي للموارد: «مع توجه الزعماء إلى مدينة بيليم في الأمازون لحضور قمة المناخ المقبلة، أود أن أرى الدول تحقق تقدماً في إدخال آليات تمويل أفضل للحفاظ على البيئة».