في المعركة العالمية ضد حرائق الغابات، والتي تُكلّف مليارات الدولارات، يُعدّ الكشف المبكر أمراً بالغ الأهمية، لهذا سخّرت الدول لهذا الغرض كل إمكاناتها من أقمار صناعية وطائرات بدون طيار وكاميرات حرارية وأبراج مراقبة. ولأن هذه الدفاعات باهظة التكلفة للغاية طوّرت مجموعة من الخريجين الجدد حلاً أصغر وأبسط، بل وأقل تكلفة، وهو عبارة عن كاشف حرائق بحجم حبة صنوبر، يُمكن أن يمنح المجتمعات المُعرّضة للخطر تنبيهاً مُبكراً في سباق الهروب من الحرائق الكبرى واحتوائها.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
صُنعت أجهزة استشعار (بيري) بشكل أساسي من مُركّبات الشمع والفحم، وهي مُصمّمة لتندمج مع البيئة دون ترك أي أثر جانبي، ودون صيانة لسنوات، ووفقاً لمُطوّريها يُمكن نشر هذه الأجهزة في المناطق الأكثر عُرضة لاشتعال الحرائق، ومع اندلاع أي حريق تُذيب الحرارة مُحفّزاً داخلياً ينتج إشارة منخفضة التردد تُطلق الإنذار.
قالت كارينا غونادي، المؤسسة المشاركة لشركة بيري، لشبكة CNN في مقابلة فيديو «يمكن أن يساعد ذلك الناس على الإخلاء بشكل أسرع، ومنع الحرائق من التوسع والخروج عن السيطرة».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
بدأ تصميم (بيري) في لندن كمهمة جامعية لأربعة طلاب في قسم هندسة التصميم، وقرر ثلاثة منهم إطلاقها في مشروع تجاري بعد تخرجهم العام الماضي، واسم شركتهم مشتق من المصطلح العلمي «pyriscence»، والذي يصف طرق تكيف الطبيعة مع حرائق الغابات.
وتزدهر أشجار الصنوبر في المناطق المعرضة للحرائق، حيث تحتاج الحرائق للتكاثر والانتشار، حيث تسقط بذورها على الأرض عندما يذوب السائل الصمغي (الراتنج) الذي يغلف مخاريط الصنوبر عند تعرضه لدرجات حرارة عالية.
وهذه الظاهرة هي التي ألهمت غونادي وزملائها لتصميم (بيري) التي تشبه مخروط الصنوبر ببنائه المُضلع، الذي يحمي (بيري) من الصدمات، خاصةً عند إطلاقها من الجو لتغطية مساحات واسعة من الغابات.
ويلتزم المؤسسون باستخدام مواد غير سامة، حيث اعتمد المصممون على الإلكترونيات العضوية وتجنبوا استخدام المعادن الأرضية النادرة وبطاريات أيونات الليثيوم، حتى لا تؤثر الأجهزة سلبياً على البيئة حتى بعد احتراقها.
مواسم الحرائق
أصبحت مواسم الحرائق أطول وأكثر حرارةً وجفافاً بسبب ظاهرة تغير المناخ العالمي، ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، كانت حرائق الغابات مسؤولة عمّا يُقدر بنحو 6687 ميغا طن من إنتاج ثاني أكسيد الكربون في عام 2023، أي سبعة أضعاف ما انبعث من الطيران العالمي في ذلك العام، ويتوقع برنامج الأمم المتحدة للبيئة زيادة بنسبة 30 في المئة في الحرائق الشديدة بحلول نهاية عام 2050، وزيادة بنسبة 50 في المئة بحلول نهاية القرن.
وتحدث حالياً حرائق كبيرة في أماكن لم تُعتبر سابقاً عُرضة للحرائق، من الساحل الشرقي لأميركا إلى سيبيريا في روسيا.
جهود متنوعة
تنتشر حرائق الغابات بسرعات تصل إلى 24 كيلومتراً في الساعة، لذا فإن كل دقيقة لها أهميتها، وتوصلت دراسة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية عام 2020 حول الكشف المبكر عن حرائق الغابات إلى أن خفض مدة الاستجابة بساعة واحدة يقلل من امتداد الحرائق الكبيرة بنسبة 16 في المئة.
و(بيري) ليست الشركة الوحيدة التي تُطوّر تقنية استشعار أبسط وأكثر دقة، فمنذ عام 2019 تُجري إدارة العلوم والتكنولوجيا التابعة لوزارة الأمن الداخلي الأميركية أبحاثاً وتجارب على أجهزة كشف حرائق الغابات بالتعاون مع شركات صغيرة، بما في ذلك شركة N5 Sensors ومقرها ماريلاند، والتي تُصرّح بقدرتها على اكتشاف الاشتعال في غضون خمس دقائق، حتى لو كانت مساحة الحريق «بضعة أمتار مربعة فقط».
وقبل رحيلها، خصصت إدارة بايدن 15 مليون دولار لتمويل بناء ونشر «مجموعة جديدة من أنظمة رصد الحرائق» في المواقع الأميركية عالية الخطورة، كما أعلنت غوغل مؤخراً عن تمويل بقيمة 13 مليون دولار لمبادرة «فاير سات»، التي تستخدم مجموعة من الأقمار الصناعية لتتبع الحرائق التي تتجاوز مساحتها 5 أمتار مربعة باستخدام صور تُحدّث كل 20 دقيقة.
في السابق اعتمدت أجهزة الاستشعار على الكاميرات أو التصوير الحراري للهب، لكن إدارة العلوم والتكنولوجيا الاميركية تُعرب عن أملها في أن تتمكن أجهزة الاستشعار الجديدة من «شم» الغازات أو الجسيمات الصلبة في الهواء، كما تستخدم بيانات من تجارب سابقة لتطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في أحدث أجهزة الاستشعار.
يتطلع مُصممو (بيري) أيضاً إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطقس والأقمار الصناعية المُتاحة لتقييم احتمالية أن تكون الإشارة ناتجة بالفعل عن حريق غابات، حيث ترى غونادي أن «ديناميكيات الحرائق معقدة للغاية».
ويأمل مصممو (بيري) في بيع باقة اشتراك لكل كيلومتر تضم سعر أجهزة الاستشعار وبرامج التركيب والمراقبة، ورفضت غونادي الكشف عن أسعار منتج الشركة الناشئة، لكنها قالت إنها تهدف إلى تحصيل رسوم تساوي «نصف تكلفة أقرب منافس لنا»، ليستفيد العملاء ذوو الموارد المحدودة في جميع أنحاء العالم.
ويستهدف مؤسسو بيري عقد عروض توضيحية لمنتجهم في وقت لاحق من هذا العام وفي 2026 بهدف حشد التمويل تمهيداً للإطلاق التجاري في عام 2027.
(CNN)