لطالما كانت الحمم البركانية قوة لا يمكن السيطرة عليها، تُدمر المباني والأحياء السكنية، ولكن ماذا لو أمكن إعادة توجيه هذه القوة وتسخيرها لبناء مدن بأكملها؟ شركة أيسلندية، تُدعى إس. أب للهندسة المعمارية، عرضت مشروعها لتشكيل الحمم البركانية في مؤسسة بينالي للفنون والعمارة في مدينة البندقية الإيطالية هذا العام.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في حين تبرد الحمم البركانية طبيعياً على سطح الأرض لتتحول إلى صخور بركانية كالبازلت، فإن المشروع الجديد يضع استراتيجيات لتبريد الصخور المنصهرة بطرق مُتحكم بها، بحيث تلتصق بالجدران والأعمدة وغيرها من العناصر المعمارية المُعدة مُسبقاً، وبالتالي بناء مدن جديدة.
بالتعاون مع شركائها، أنتجت إس. أب للهندسة المعمارية فيلماً يتخيل تحول هذه التقنية إلى واقع ملموس يُعيد تشكيل العالم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
أسست الشركة أرنهيلدور بالمادوتي، وأدارتها مع ابنها أرنار سكارفيدينسون، في محاولة لاستكشاف كيفية تحويل التهديد إلى مورد متجدد قادر على بناء مبانٍ مستدامة.
لكن ما مدى واقعية مستقبل مدن الحمم البركانية؟
تُعد أيسلندا واحدة من أكثر المناطق البركانية نشاطاً في العالم، إذ تقع على صدع بين صفيحتين تكتونيتين، وتضم البلاد نحو 30 ظاهرة بركانية، وتشهد ثوراناً بركانياً كل خمس سنوات في المتوسط.
وخلال ثوران بركان هولوهراون عام 2014 أدركت بالمادوتي قدرة الحمم البركانية «على تشكيل مدينة في أسبوع واحد» كما أوضحت لشبكة CNN عبر مكالمة فيديو من العاصمة الأيسلندية ريكيافيك، دون تحميل كوكب الأرض انبعاثات كربونية جديدة يسببها إنتاج الأسمنت.
وتشير التقديرات إلى أن إنتاج الأسمنت يسهم بنحو 8 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
تقول بالمادوتي «الحمم البركانية قادرة على منافسة الخرسانة، ولكنها أكثر استدامة»، مضيفةً أنه إذا تم تبريد الحمم البركانية بسرعة، فإنها تتحول إلى مادة صلبة تشبه الزجاج، وهي حجر السيج، أما إذا تم التبريد ببطء، فمن المرجح أن تتبلور الحمم، وتصبح مُناسبة لإنشاء الأعمدة والعناصر الإنشائية الأخرى، أما إذا تم تبريد الحمم البركانية بسرعة مع دخول الهواء إليها، فتتكون مادة عازلة للغاية تشبه الحجر الأسفنجي.
وأضافت بالمادوتي أن الكربون المنبعث من الحمم البركانية الساخنة المتدفقة من البركان سيُطلق في الغلاف الجوي على أي حال، بغض النظر عن كيفية تبريده واستخدامه، لذا من الأفضل تحقيق أقصى استفادة منه وتجنب الانبعاثات الإضافية من إنتاج الخرسانة التقليدية.
الهياكل المعمارية
طرحت شركة إس. أب للهندسة المعمارية ثلاث طرق افتراضية لتحويل الحمم البركانية إلى هياكل معمارية.
في الطريقة الأولى تقوم شبكات من الخنادق المصممة بعناية عند سفح البراكين النشطة بتوجيه الحمم البركانية المنصهرة الناتجة عن الانفجارات البركانية إلى مناطق تبريدها تمهيداً لإنشاء جدران أو أسس هيكلية لمدينة؛ ويمكن أيضاً توجيه هذه الخنادق إلى مصنع لتشكيل الحمم البركانية إلى طوب يمكن نقله واستخدامه في مكان آخر، كما يأمل الباحثون أن يُسهم توجيه الحمم البركانية إلى الخنادق في حماية المجتمعات المحيطة من قوتها المدمرة أثناء الثوران البركاني.
وتستخدم الطريقة الثانية تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث يتم تصنيع روبوتات طباعة ثلاثية الأبعاد قادرة على اجتياز تضاريس الحمم المنصهرة بعد الثوران واستخدامها في «طباعة» عناصر المباني، إلا أن تقنية هذه الروبوتات غير متوافرة بعد.
وتتضمن التقنية الثالثة استغلال الحمم المنصهرة وهي ما زالت تحت الأرض، وتوجيهها إلى غرف تحت الأرض مُصممة خصيصاً لتبريدها وتحويلها إلى عناصر معمارية جاهزة قابلة للتكرار.
لكن شركة إس. أب للهندسة المعمارية لا تزال غير متأكدة مما إذا كانت هذه العملية آمنة جيولوجياً.
تُقرّ الشركة بأن الجوانب العملية لـ«تشكيل الحمم البركانية» لم تُحدد بالكامل بعد، وتحتاج إلى مزيد من البحث والتطوير التكنولوجي.
ومنذ إطلاق المشروع في عام 2022، تواصلت شركة إس. أب للهندسة المعمارية بشكل متزايد مع العلماء، الذين عملوا على نماذج التنبؤ بتدفق الحمم البركانية، حيث أجروا محاكاة لتدفق الحمم البركانية للثورات البركانية في أيسلندا، وأجروا «اختبارات على الحمم البركانية» لدراسة القدرة على التحكم في تبريدها لصنع عناصر بناء نموذجية.
وتعتقد الشركة أن فكرتها قد تكون ذات قيمة للدول والمدن النشطة بركانياً، مثل هاواي وجزر الكناري.
والصخور البركانية ليست مادة بناء جديدة، فقد استُخدمت على مر العصور، لكن الطريقة التي تسعى الشركة لتطبيقها مختلفة تماماً، حيث تعتمد على العمل عليها في حالتها المنصهرة، وهو أمر «لم يحدث من قبل»، كما قال أرنار سكارفيدينسون، مدير الشركة.
(CNN)