فاجأت المملكة العربية السعودية أسواق النفط مرة أخرى، يوم الأحد، بخفض إنتاج الخام الأسود بنحو مليون برميل يومياً، أي ما يقرب من واحد في المئة من المعروض العالمي، وسط تراجع الطلب على النفط؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعاره.
ارتفع مزيج القياس العالمي خام برنت بأكثر من 2 في المئة إلى نحو 78 دولاراً للبرميل يوم الاثنين.
ويتجاوز الخفض الطوعي للسعودية اتفاقاً أوسع أبرمته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها للحد من الإمدادات حتى عام 2024.
أسعار النفط
لا تزال أسعار النفط أقل بنحو 9 في المئة من بداية العام؛ ما يعني أن المملكة العربية السعودية في وضع حرج عندما يتعلق الأمر بالدفع مقابل المشروعات الضخمة التي تكمن في صميم برنامج رؤية 2030 لتحويل الاقتصاد.
وتقول أمينة بكر، كبيرة مراسلي أوبك في شركة «إنتل» للطاقة، إن أسعار النفط أقل بنحو 3:2 دولارات للبرميل مما قد تفضله المملكة.
ويعتقد صندوق النقد الدولي أن السعر الذي تحتاجه الدولة الخليجية إلى موازنة ميزانيتها يقترب من 81 دولاراً للبرميل.
عادت المملكة إلى عجز الميزانية هذا العام بعد الإبلاغ عن فائض في عام 2022 لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وخلال الربع الأول من العام الجاري، أبلغت عن عجز قدره 770 مليون دولار، إذ زادت الحكومة الإنفاق بنسبة 29 في المئة.
لكن المملكة العربية السعودية تعلم أنها لا تستطيع الاعتماد فقط على الدخل المتقلب في سوق النفط، فإلى جانب مساعيها لرفع أسعار النفط، تحاول أيضاً جذب الاستثمارات الخارجية.
مع اقتراب المواعيد النهائية لرؤية 2030 الخاصة بها، هناك حاجة إلى مزيد من التمويل أكثر من أي وقت مضى لإكمال مشروعات مثل مدينة «نيوم» التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار في شمال غرب البلاد.
الوقود الأحفوري والاستثمارات الأجنبية
تقول كارين يونغ، باحثة بارزة في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية «هناك ضغط كبير نظراً لأن العديد من المشروعات يدخل مرحلة البناء الآن، هناك طلب هائل على رأس المال».
على الرغم من زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 9 في المئة في الربع الأول، فإن ما يقرب من ثلثَي دخل المملكة العربية السعودية لا يزال يأتي من بيع الوقود الأحفوري، كما أن الاستثمار الأجنبي لا يزال بعيداً عن مستهدفاته.
وتستهدف المملكة العربية السعودية 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً بحلول عام 2030.
وفي العام الماضي، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 60 في المئة عن العام السابق إلى 7.9 مليار دولار، ومع ذلك، يقول المسؤولون السعوديون إن المملكة لديها الكثير من الأموال لتمويل مشروعاتها الطموحة.
وفي محاولة لضمان الاستقرار في المنطقة وخلق بيئة أكثر أماناً للمستثمرين، تراجعت الرياض عن السياسة الخارجية المتشددة، وتصالحت مع تركيا وقطر، وأعادت التواصل مع سوريا، ودعمت وقف إطلاق النار في اليمن، وتطبيع العلاقات مع إيران.