سجلت أسعار النفط تراجعاً طفيفاً يوم الثلاثاء بعد ارتفاعها بأكثر من 4 في المئة يوم الاثنين وسط مخاوف من اتساع نطاق الصراع في غزة، ما قد يهدد إمدادات الدول المنتجة للنفط بالمنطقة.
وكانت أسعار خام برنت قد شهدت أكبر انخفاض أسبوعي لها منذ مارس آذار الماضي يوم الجمعة وسط توقعات بتراجع الطلب على الخام الأسود، وذلك بعد سلسلة من الارتفاعات المتواصلة خلال الأشهر الأخيرة تأثراً بخفض الإنتاج من جانب روسيا والمملكة العربية السعودية.
ويرى المحللون أن النطاق الحالي للصراع الدائر في غزة لا يؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط لأن إسرائيل لا تُعد أحد المنتجين الرئيسيين للخام، لكنهم أعربوا عن قلقهم من اتساع رقعة الصراع بالمنطقة التي تضم عدداً من أكبر منتجي النفط في العالم.
واحتمال التصعيد غير مستبعد، ففي الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن إرسال تعزيزات عسكرية إلى شرق المتوسط، حذَّر زعيم حركة الحوثي اليمنية الولايات المتحدة من أن أي تدخل مباشر من جانبها في صراع غزة سيدفع الحركة للرد بإطلاق الصواريخ والمسيرات، وفقاً لما أوردته وكالة رويترز يوم الثلاثاء.
في الوقت نفسه، أعلن حزب الله اللبناني قصف 3 مواقع عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية يوم الأحد تضامناً مع الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل يوم السبت، ما دعا إسرائيل للرد بالقذائف المدفعية.
وفي ظل الغموض الذي يكتنف مصير التصعيد الأخير في غزة، حدد المحللون السيناريوهات التي قد تؤثر على أسواق النفط بشكل أكبر.
تشديد العقوبات على إيران
يرى المحللون أن مستوى التوتر بين إسرائيل وطهران سيمثل أحد أهم العوامل المؤثرة على تحركات النفط في الفترة المقبلة.
فقد ارتفع إنتاج إيران من النفط بـ700 ألف برميل يومياً هذا العام مع تخفيف واشنطن قبضتها في تنفيذ العقوبات المفروضة على طهران خلال الأشهر الأخيرة، وذلك لتأمين إطلاق الأسرى الأميركيين الخمسة المحتجزين لدى إيران، وتعزيز إمدادات النفط العالمية التي تأثرت سلباً بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
وإذا ثبت تورط إيران في الهجوم الأخير الذي شنته حماس على إسرائيل مطلع هذا الأسبوع، فقد تعاود واشنطن تشديد عقوباتها على طهران مرة أخرى، ما قد يقلص حجم المعروض النفطي العالمي ويرفع الأسعار.
لكن بعض المحللين يقللون من تأثير هذا الاحتمال، لافتين إلى أن التأثير الإيراني على أسواق النفط يُعد محدوداً نسبياً، فالدولة لم تصدر سوى 1.4 مليون برميل من النفط يومياً خلال الربع الثالث من العام، أي ما يمثل 1.4 في المئة فقط من إجمالي الإمدادات العالمية.
وكان نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فاينر، قد صرح يوم الاثنين بأنه على الرغم من عدم وجود دليل -حتى الآن- على ضلوع إيران بشكل مباشر في الهجوم الأخير على إسرائيل، فإن واشنطن تؤمن بتورطها بشكل غير مباشر في الهجوم بسبب الدعم الذي قدمته طهران لحماس في السابق، مثل إمدادها بالسلاح والتدريب.
ومن جهته، نفى مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أي علاقة لطهران بأحداث غزة الأخيرة.
المساس بمضيق هرمز قد يرفع الأسعار 20%
حذَّر المحللون من أن الخطر الأكبر على سوق النفط يتمثل في مضيق هرمز، فهذا الممر المائي الضيق الواقع جنوب إيران يمر من خلاله 37 في المئة من إجمالي صادرات النفط العالمية يومياً.
وحذَّروا من أن تدخل حزب الله اللبناني المدعوم من طهران في الصراع الحالي في غزة قد يؤدي لاتساع رقعة النزاع واضطراب حركة الملاحة في هذا الممر الاستراتيجي، ما يؤدي بدوره لارتفاع قياسي في أسعار النفط والذي قد يصل إلى 20 في المئة، وفقاً لمحللين تحدثوا لشبكة (CNN).
أهمية مضيق هرمز
يُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم، إذ يفصل بين الخليج العربي من جهة وخليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى. وهو يربط كبار منتجي النفط في الشرق الأوسط ببقية العالم. وأي اضطراب -ولو مؤقت- به قد يؤدي لتأخر الإمدادات وزيادة تكاليف الشحن وبالتالي ارتفاع الأسعار، خاصة في ظل غياب بديل عملي له.
ويمر من خلاله أكثر من ثلث صادرات النفط العالمية البحرية، إذ يستوعب ما بين 20 و30 ناقلة نفط يومياً، وتصدر المملكة العربية السعودية من خلاله نحو 88 في المئة من إنتاجها النفطي، مقابل 99 في المئة للإمارات و98 في المئة للعراق، أما إيران والكويت وقطر، فتصدر كامل صادراتها النفطية من خلاله.
وتُعد اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة أكبر مستوردي النفط المار عبر المضيق، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ونظراً للأهمية الاستراتيجية البالغة لهذا الممر التجاري المهم والتهديدات الجيوسياسية العديدة التي تحيط به، تحرص الولايات المتحدة على إبقاء تواجد عسكري مكثف لها في منطقة الخليج لحماية المضيق من أي تهديدات محتملة.
لكنَّ المحللين أكدوا أن هذا الاحتمال لن يحدث إلا في حالة امتداد الصراع إلى نطاق أوسع بكثير خارج الحدود الإسرائيلية، ليشمل الجماعات الموالية لإيران بالمنطقة.