أيام وينتهي التوقيت الصيفي في مصر، حيث يستعد المصريون لتأخير عقارب ساعتهم بنحو ساعة كاملة لتعود إلى التوقيت الأصلي أو ما يعرف بالتوقيت الشتوي.

وطبقت الحكومة المصرية التوقيت الصيفي، في محاولة منها لاستيعاب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وتحقيق وفر مالي بقيمة 150 مليون جنيه (ما يعادل 4.89 مليون دولار)، إلّا أن خبراء اقتصاديين تحدثوا إلى «CNN الاقتصادية» قالوا إن الحكومة المصرية لم تحقق الوفرة المرجوة من القرار.

وفي مارس آذار الماضي، أعلنت القاهرة عن بدء عودة العمل بنظام التوقيت الصيفي بداية من الجمعة الأخيرة من أبريل نيسان حتى الخميس الأخير من أكتوبر تشرين الأول.

وبررت الحكومة قررها بعودة التوقيت الصيفي، أنه «محاولة لاستيعاب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتكيف مع أزمة الطاقة العالمية عبر ترشيد الاستهلاك».

يأتي هذا القرار الحكومي بعد نحو سبع سنوات من إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي في مصر.

وبدأت مصر استخدام الساعة الصيفية، أو التوقيت الصيفي عام 1945 في عهد حكومة محمود فهمي النقراشي، وارتبط هذا التطبيق بالأزمة الاقتصادية التي ضربت مصر والعالم خلال الحرب العالمية الثانية، ما تبعها من ارتفاع أسعار المحروقات.

واستمر تبادل قرارات العمل وإلغاء التوقيت الصيفي على مدار السنوات، حتى عاد في منتصف مايو أيار 2014 لمدة عام واحد، بقرار جمهوري من الرئيس المصري السابق عدلي منصور، وذلك «في ظل أزمة الطاقة»، التي كانت تعيشها مصر في هذا التوقيت.

تاريخ مصر مع التوقيت الصيفي

يقول أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية المصري السابق، إن الحكومة المصرية لم تستفد من قرار تطبيق التوقيت الصيفي نتيجة خلال الفترة الماضي، وذلك لعدم مصاحبة التطبيق قرارات أخرى تسهم في ترشيد استخدام الطاقة، حيث تتمثل في تحديد موعد إغلاق المراكز والمحلات التجارية مبكراً، بالإضافة إلى زيادة تعريفة استهلاك الكهرباء خلال الفترات المسائية والتي ستدفع المصريين إلى ترشيد الاستهلاك.

وأضاف وزير البترول والثروة المعدنية السابق، أن الحكومة المصرية فوجئت بزيادة أحمال الكهرباء في فصل بمعدل يتراوح بين 7 و8 غيغاواط ساعة نتيجة استخدام المواطنين التكييفات بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.

سياسة قطع الكهرباء

ولجأت الحكومة المصرية خلال فترة الصيف إلى سياسة قطع الكهرباء يومياً، من خلال تطبيق برنامج لتخفيف الأحمال على ألّا تزيد مدة الفصل على ساعة من وقت فصل التيار.

وقال وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، إن قرار الحكومة المصرية بالتنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، تخفيف الأحمال، لم يكن منفرداً، بل جاء بالتنسيق مع وزارة البترول نتيجة لنقص كميات الغاز الطبيعي المتاحة لتشغيل وتوليد الطاقة الكهربائية، وكذلك عدم وجود كميات كافية من المازوت اللازم لتشغيل بعض الوحدات، إلا أن وزير البترول المصري طارق الملا، قال في يونيو حزيران الماضي، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إن وزارة البترول تعتزم استئناف تصدير الغاز المسال عبر محطتي الإسالة التابعتين لها خلال أكتوبر تشرين الأول الحالي، وذلك مع تراجع استهلاك الكهرباء محلياً.

ويقول حافظ سلماوي، أستاذ هندسة الطاقة بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق، والرئيس التنفيذي السابق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، إن تطبيق التوقيت الصيفي في مصر كان من الهدف منه توفير كميات من الغاز الطبيعي المستهلك في السوق المصرية وتوجيهها للتصدير، «ولكن انخفاض أسعار الغاز المسال في السوق العالمي وارتفاع استهلاك مصر من الكهرباء نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، دفع الحكومة المصرية إلى توجيه كميات الغاز الطبيعي إلى محطات الكهرباء لزيادة الطاقة المولدة منها»

استهلاك الطاقة والنقد الأجنبي

في أغسطس آب 2022، قال مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري في بيان، «كلما استطعنا ترشيد استهلاكنا للكهرباء نجحنا في توفير النقد الأجنبي؛ فلو أننا على سبيل المثال وفرنا عشرة في المئة من استهلاك الغاز الذي يُضخ في محطات الكهرباء سيوفر ذلك ما يقرب من 300 مليون دولار شهرياً عبر تصديره للخارج».

وأضاف أن البلاد بحاجة إلى توفير النقد الأجنبي في ظل ارتفاع أسعار الحبوب والمنتجات النفطية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

واتخذت الحكومة المصرية إجراءات عديدة لترشيد استهلاك الكهرباء تشمل المباني الحكومية والمنشآت العامة، والمجمعات التجارية الكبرى التي تستخدم نظام التكييف المركزي، إلى جانب متابعة الأندية ومراكز الشباب والصالات المغطاة، للتأكد من تنفيذ القرارات الخاصة بترشيد الاستهلاك بها.

واستفادت مصر من إجراءات ترشيد الغاز العام الماضي، إذ ارتفعت صادرات مصر من الغاز الطبيعي لعام 2022 بنسبة 171 في المئة لتصل إلى ثمانية ملايين طن تقريباً، بإجمالي إيرادات قدرها 8.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات وزارة البترول المصرية.

تاريخ نظام التوقيت الصيفي

الأميركي بنجامين فرانكلين أول من فكر سنة 1784 في التوقيت الصيفي، ويطبق في كثير من دول العالم، وتم استخدامه في الحرب العالمية الأولى، حينما رأته الدول المتحاربة وسيلة لتوفير الطاقة وبدأته ألمانيا.. وظل ما بين الإلغاء والعودة، في حين تطبقه عدد من الدول على مستوى العالم منها الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا والمغرب والأردن وغيرها.

يهدف نظام التوقيت الصيفي إلى توفير استهلاك الطاقة خلال فصل الصيف عن طريق تبكير أوقات العمل والمناسبات العامة الأخرى بإضافة ساعة إلى التوقيت الرسمي، وهو ما تلجأ الحكومات لتطبيقه عادة في بداية فصل الربيع حتى فصل الخريف قبل أن تعود مجدداً إلى التوقيت الرسمي، وتلغي الساعة الإضافية.

وتطبق العديد من دول العالم -بما في ذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية- هذا النظام، كما تعتمد عليه عدة دول عربية، من بينها سوريا والأردن ولبنان.