تواجه صناعة النفط والغاز في جميع أنحاء العالم مفترق طرق فيما يتعلق بأزمة المناخ، وعلى القائمين عليها الاختيار سريعاً بين المساعدة على حل تلك الأزمة أو تسريع المخاطر الناجمة عنها.

قالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير لها يوم الخميس «إن منتجي النفط والغاز يجب أن يواجهوا خيار الاستمرار في تسريع أزمة المناخ أو أن يصبحوا جزءاً من الحل»، وهو ما يجب أن يقرروه مع انعقاد مؤتمر المناخ كوب 28.

يأتي ذلك بينما تتجه الأنظار لقمة مؤتمر المناخ (كوب 28) المنتظر انعقادها في الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني في مدينة إكسبو دبي بالإمارات، والتي تستمر حتى الثاني عشر من ديسمبر كانون الأول.

وتزداد أهمية دور صناعة النفط والغاز في التحول إلى الطاقة النظيفة، نظراً لحجم ما تطلقه من الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك غاز الميثان، الذي يعادل قوة ثاني أكسيد الكربون نحو ثمانين مرة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه إذا كان للعالم أن يحظى بأي فرصة للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، فهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جذرية من قبل القائمين على صناعة النفط والغاز، وبسرعة.

ويُظهر تحليل حديث للأمم المتحدة أن الكوكب من المتوقع أن ترتفع حرارته بنحو ثلاث درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن، ما قد يدفع العالم نحو كارثة لا رجعة فيها، مثل انهيار الصفائح الجليدية القطبية.

وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في مؤتمر صحفي نقلته شبكة «CNN»، «إن هناك إجراءين يجب على الصناعة اتخاذهما لتؤدي دورها في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى المستوى المتفق عليه دولياً وهو 1.5 درجة مئوية».

أولاً: الحد من التلوث في صناعة النفط والغاز

تحتاج الصناعة إلى الحد من التلوث الناتج عن عملياتها الخاصة، مثل استخراج النفط والغاز من الأرض، ومعالجة الوقود ونقله للمستهلكين، إذ تولد هذه الأنشطة الثلاثة ما يقرب من 15 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم.

وقال بيرول «نعلم أن هذه الانبعاثات، بما في ذلك غاز الميثان، يمكن إصلاحها بسهولة وسرعة، وفي كثير من الحالات بطريقة فعالة من حيث التكلفة»، مشيراً إلى أنه يجب خفض هذا التلوث بنسبة تزيد على 60 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بالمستوى الحالي.

ثانياً: الاستثمارات في الطاقة المتجددة

توصي وكالة الطاقة الدولية بإجراء ثانٍ، وهو زيادة كبيرة في الاستثمارات في الطاقة المتجددة من قبل شركات النفط والغاز، لترتفع نسبة الاستثمارات النظيفة إلى 50 في المئة من إجمالي إنفاقها الرأسمالي بحلول عام 2030، بدلاً من 2.5 في المئة المسجلة العام الماضي.

ومثل هذه الزيادة ستعني تغييراً جذرياً في كيفية إنفاق شركات النفط والغاز أموالها، إذ إنه بين عامي 2018 و2022، حققت الصناعة إيرادات تبلغ نحو 17 تريليون دولار، أُنفق منها 40 في المئة على تطوير وتشغيل أصول النفط والغاز، وذهب عشرة في المئة إلى المستثمرين، فيما استُثمر جزء صغير فقط في الطاقة النظيفة، وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية.

ورغم أن شركات النفط والغاز تستثمر في تقنيات احتجاز الكربون لإزالة التلوث الكربوني من الهواء والتقاط ما تنتجه محطات الطاقة والمرافق الصناعية، فإن بيرول يرى أن تقنيات احتجاز الكربون «ليست الحل».

وقال بيرول «احتجاز الكربون يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في قطاعات معينة مثل إنتاج الإسمنت والحديد والصلب وغيرها، لكن القول بأن تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه ستسمح لصناعة النفط والغاز بمواصلة اتجاهات إنتاج النفط والغاز الحالية، وفي الوقت نفسه خفض الانبعاثات، هو في رأينا محض خيال».

وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة سيتطلب احتجاز 32 مليار طن متري (35 مليار طن قصير) من الكربون بحلول عام 2050، مضيفة أن هذا الأمر «لا يمكن تصوره على الإطلاق»، إذ ستتجاوز كمية الكهرباء اللازمة لتنفيذ هذه العملية الطلب العالمي السنوي الحالي على الطاقة الكهربائية.