واجهت القارة السمراء تحديات عديدة في مجال التنقيب عن النفط الخام وإنتاجه على مدى عام 2023، خاصة مع تزايد التوترات الجيوسياسية التي ضغطت على الفرص الاستثمارية الأجنبية في الدول الإفريقية، لكنها تظل موطناً لبعض أهم الدول المنتجة للخام في العالم.

ومن بين أكبر منتجي النفط في القارة، نيجيريا وأنغولا و الجزائر ومصر وليبيا، والكونغو، والسودان، والغابون، إذ تمتلك هذه الدول احتياطيات نفطية كبيرة جذبت الاهتمام والاستثمار الدوليين.

وبحسب البيانات الصادرة عن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)، بالإضافة إلى البيانات الحكومية لشهر ديسمبر كانون الأول 2023، فإن نيجيريا تتربع على رأس قائمة أكبر 10 دول منتجة للنفط في إفريقيا، وضمت القائمة أربع دول عربية هي ليبيا والجزائر ومصر، فيما حلّ السودان في المرتبة الثامنة.

وتلعب هذه الدول الرائدة دوراً محورياً في تعزيز الآفاق الاقتصادية لإفريقيا وتعزيز التنمية الإقليمية والقارية، بفضل مساهمة إنتاج النفط في دعم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وعائدات التصدير.

نيجيريا في المقدمة

عادت نيجيريا المشهورة بالنفط الخام الخفيف عالي الجودة إلى القمة ضمن أكبر منتجي النفط في إفريقيا عام 2023، لتتعافى من انخفاض الإنتاجية الذي واجهته عام 2022.

وفي شهر ديسمبر كانون الأول 2023 وحده، أنتجت الدولة الواقعة في غرب إفريقيا 1.42 مليون برميل يومياً مقارنة بنحو 1.32 مليون برميل يومياً في نوفمبر تشرين الثاني، وهي زيادة ملحوظة من 1.08 مليون برميل يومياً المسجلة في يوليو تموز من العام ذاته.

وجاءت هذه الزيادة بدعم من خطوات تهدف لتعزيز الاستثمارات الجديدة في مجال التنقيب وإنتاج الطاقة، ومن بينها الشراكة بين شركة البترول الوطنية النيجيرية مع بنك التصدير والاستيراد الإفريقي للحصول على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أغسطس آب 2023.

كما أعلنت مجموعة (دانغوتي غروب) المملوكة لأغني رجل في إفريقيا، أليكو دانغوتي، افتتاح مصفاة نفط عملاقة بقيمة 20 مليار دولار في نيجيريا، بهدف دعم صناعة النفط في البلاد، وبسعة إنتاجية تصل إلى 650 ألف برميل يومياً.

دول عربية ضمن كبار المنتجين

تعتبر ليبيا موطناً لأكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في إفريقيا، وثاني أكبر الدول المنتجة للنفط في القارة بنهاية 2023.

ووفقاً لمنظمة «أوبك»، حافظت البلاد على إنتاج مرتفع يقل قليلاً على 1.2 مليون برميل يومياً على مدار العام، بدعم من استئناف الإنتاج في العديد من الحقول التي كانت متوقفة سابقاً بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة.

كما استفادت الجزائر من موقعها الجيوستراتيجي بالقرب من الأسواق الأوروبية التي عانت نقص الإمدادات الروسية، ما عزز إنتاج الجزائر عام 2023، ليصل إلى 958 ألف برميل يومياً في ديسمبر كانون الأول، ولتحتل بذلك المرتبة الرابعة بين أكبر منتجي القارة.

أما مصر، فجاءت في المرتبة الخامسة بدعم من اتفاقيات وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية التي تهدف إلى التنقيب عن النفط والغاز بإجمالي استثمارات بلغ 1.2 مليار دولار.

وقالت الوزارة إن إجمالي الإنتاج من الثروة البترولية خلال عام 2023 بلغ نحو 74 مليون طن بواقع نحو 28 مليون طن زيت خام ومكثفات، ونحو 45 مليون طن غاز طبيعي.

وحلّ السودان في المرتبة الثامنة ضمن أكبر منتجي النفط في إفريقيا، بضغط من الصعوبات التي تواجهها الدولة وبخاصة الولاية الواقعة على البحر الأحمر في تصدير النفط إلى الأسواق العالمية بسبب التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر.

التحديات أمام الدول الإفريقية

يعتمد المنتجون الأفارقة بشكلٍ كبير على الاستثمار من قبل شركات النفط العالمية، إلّا أن هذه الشركات قلصت استثماراتها في إفريقيا في السنوات الأخيرة لصالح الاستثمار في الزيت الصخري في الولايات المتحدة، وفي حقول النفط العملاقة غزيرة الإنتاج في أماكن أخرى مثل البرازيل وغيانا.

وزادت التحديات عقب إعلان منظمة «أوبك» في منتصف العام الماضي أحد أكبر التعديلات المرتبطة بحصص الإنتاج في تاريخ المنظمة، ما يسمح لبعض الدول بحصص إنتاج أعلى من غيرها.

وتعتبر قضية حصص الإنتاج وخطوط الأساس، التي يُحسب على أساسها حجم تخفيضات الإنتاج لكل دولة، أمراً حساساً داخل منظمة «أوبك»، فمعظم الأعضاء يريدون حصة أعلى تمكنهم من تحقيق المزيد من العائدات من صادرات النفط.

ووجدت حسابات رويترز أن إجمالي زيادات الإنتاج للدول الخليجية الثلاث السعودية والإمارات والكويت بلغ 1.2 مليون برميل يومياً خلال الفترة 2020-2025، وهو ضعف الطاقة المتوقع أن تفقدها نيجيريا وأنغولا خلال الفترة ذاتها.

على جانب آخر، تقلصت الحصة الإجمالية لنيجيريا وأنغولا خلال الفترة ذاتها بأكثر من ثلاثة في المئة إلى أقل من تسعة في المئة، ما يقيد القدرة الإنتاجية لبعض أهم المنتجين الأفارقة.