أجمع عدد من محللي أسواق النفط والغاز على أن استمرار حرب إسرائيل و غزة سيسهم في زيادة أسعار التأمين على عمليات البحث والتنقيب وإنتاج النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، ما سيرفع تكلفة عمليات الإنتاج ويدفع أسعار النفط والغاز للارتفاع.

وفي السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، شنت حماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى هجمات على إسرائيل واندلعت بذلك شرارة الحرب على غزة من قبل الجانب الإسرائيلي، وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق الإنتاج مؤقتاً في حقل غاز تمار البحري قبالة ساحل جنوب إسرائيل.

قال إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى أواندا في نيويورك سابقاً، في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إنه مع استمرار الصراع بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، فمن المرجح أن تواصل شركات التأمين العالمية زيادة أسعار التغطية التأمينية لعمليات إنتاج النفط والغاز في منطقة شرق المتوسط، «استمرار الصراع يؤدي إلى انتشار المخاطر الجيوسياسية بشكل أكبر في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤدي إلى إجبار شركات التأمين على زيادة تكلفة عمليات التأمين على التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة، ما يجعل التنقيب في تلك المنطقة غير جاذب».

الحرب في أوكرانيا

ويشير مويا إلى أن شركات التأمين بدأت بزيادة أسعار التغطية التأمينية لعمليات إنتاج النفط والغاز منذ فترة بسبب مخاطر تغير المناخ وتضييق سوق النفط والغاز بسبب الحرب في أوكرانيا.

وقال راجات كابور، مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إنه بينما كانت أسواق الطاقة العالمية تتأقلم مع حالة عدم اليقين المتزايدة المحيطة بتخفيضات العرض من قبل أوبك+ وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، أدت التوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر تشرين الأول إلى تفاقم عدم استقرار الأسواق.

وبحسب كابور، فإن الصراع بين إسرائيل وحماس أثَّر بشكل مباشر على صناعة النفط والغاز في منطقة البحر المتوسط ما أدى إلى توقف بعض الحقول الإسرائيلية، «إذ أدى إلى إثارة التساؤلات حول نشاط التنقيب والإنتاج الذي يجري قبالة سواحل إسرائيل في البحر المتوسط».

وفي منتصف أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية أن إسرائيل علّقت الإنتاج مؤقتاً من حقل غاز تمار البحري، قبل أن تعيده مرة أخرى خلال الشهر نفسه، وذلك في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل.

ويقول مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، إن عمليات الاستكشاف والإنتاج تعد من القطاعات كثيفة رأس المال، وأي زيادة في أقساط التأمين والمخاطر يمكن أن تؤثر بشدة على اقتصاديات أي مشروع، مضيفاً «تتقاضى شركات التأمين أسعاراً أعلى لتغطية الاحتمالية المتزايدة لوقوع أعمال عنف أو حرب أو اضطرابات ما يزيد من عبء التكلفة على شركات النفط والغاز العاملة في المناطق الحساسة».

علاوة المخاطر

وبحسب كابور، فإن مشاريع الاستكشاف في المناطق غير المستقرة جيوسياسياً أو عالية المخاطر مثل البحر المتوسط ​​ستتطلب من الشركات أن تأخذ في الاعتبار علاوة المخاطر عند تقييم الجدوى المالية للمشاريع، ما سيرفع علاوة المخاطر هذه بشكل كبير مع استمرار الصراع في المنطقة، «ما يجبر مالكي منصات الحفر والسفن البحرية عموماً على دفع علاوة إضافية لمخاطر الحرب مقابل العمليات.. على سبيل المثال، يدفع مالكو السفن قسطاً إضافياً يصل إلى 10 أضعاف تقريباً (ما بين 0.15% و0.2% من قيمة السفينة بالنسبة للسفن العاملة في هذه المنطقة)».

ونالت منطقة شرق المتوسط اهتمام كبرى شركات النفط العالمية مثل شيفرون وتوتال إنيرجي وإيني، للعمل في الحقول الإسرائيلية والمصرية و القبرصية الواقعة في منطقة شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى تأسيس تحالف مصري للعمل في حقل الغاز الفلسطيني « غزة مارين».

قال مصطفى البرزكان، مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة، لـ«CNN الاقتصادية» إنه مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية، فإن تكاليف التأمين على جميع العمليات الخاصة بالنفط والغاز ارتفعت، إذ زادت أسعار التأمين على عمليات النقل النفط والتأمين على السفن الناقلة للنفط بالإضافة إلى تكاليف التأمين على عمليات التنقيب النفط والغاز.

وقال «شركات التأمين تنتهز الصراعات الجيوسياسية كفرصة لزيادة أسعار تغطياتها التأمينية على عمليات التنقيب».

ويضيف البرزكان أن شركات التأمين العالمية ستعمل على زيادة أسعارها للتغطية التأمينية على عمليات التنقيب عن النفط والغاز في منطقة شرق المتوسط من خلال العقود الجديدة التي سيتم إبرامها خلال الفترة المقبلة.

واستطرد قائلاً «لن تتمكن الشركات من مراجعة أسعارها التأمينية في العقود المبرمة حالياً، ولكن سترفع أسعارها في العقود الجديدة».

وبحسب البرزكان، فإن أسعار النفط والغاز العالمية ستتأثر خلال الفترة القادمة مع زيادة تكاليف الإنتاج وتكاليف الشحن، مدفوعة بارتفاع أسعار التأمين على الإنتاج والشحن، «بالإضافة إلى توقف عمليات التنقيب عن النفط بما يسمى أسباب القوة القاهرة كما حصل في ليبيا».