توقعت شركة الأبحاث فيتش سوليوشنز «BMI»، التابعة لمجموعة فيتش العالمية، أن تستقر أسعار النفط العالمية خلال العام الحالي، ليبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 85 دولاراً للبرميل في عام 2024 و84 دولاراً للبرميل في عام 2025.

وتقول المؤسسة في مذكرة بحثية لها، إن أسعار خام برنت تجاوزت في الآونة الأخيرة حاجز المقاومة عند نحو 85 دولاراً للبرميل، مدفوعة بالمخاوف المتعلقة بالمعروض من النفط في أعقاب زيادة هجمات الطائرات الأوكرانية على مصافي النفط الروسية، بالإضافة إلى تعهد العراق بكبح صادراته في الأشهر المقبلة من أجل التعويض عن ضعف الامتثال لتخفيضات الإنتاج التي تعهد بها في وقت سابق من هذا العام. وستؤدي هذه الخطوة العراقية إلى زيادة إضافية في الأسعار، ما يشير إلى التزام بغداد المستمر باتفاق خفض إنتاج أوبك+.

وصعدت أسعار النفط يوم الاثنين، مع ارتفاع أسعار خام برنت 29 سنتاً أو 0.3 بالمئة إلى 87.29 دولار للبرميل بعد صعودها 2.4 بالمئة في الأسبوع الماضي. وزاد خام غرب تكساس الوسيط 31 سنتاً أو 0.4 بالمئة إلى 83.48 دولار للبرميل بعد ارتفاعه 3.2 بالمئة في الأسبوع الماضي.

وتتوقع المؤسسة أن تشهد الأسواق المتقدمة تباطؤاً كبيراً في النشاط الاقتصادي خلال العام الحالي، ما سيؤدي إلى تقويض الطلب الفعلي على النفط الخام ويؤثر على معنويات السوق، «إلّا أننا أكثر تفاؤلاً بشأن الآفاق المستقبلية لاقتصادات الأسواق الناشئة، باستثناء الصين، والتي من شأنها أن تقود نمو استهلاك قوي نسبياً للعالم ككل».

اضطرابات البحر الأحمر

وتضيف المؤسسة أن خبراءها أصبحوا أكثر تفاؤلاً بعض الشيء بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، مع بدء تراجع المخاوف بشأن استمرار ارتفاع معدلات التضخم، والركود الأميركي المحتمل، والاضطرابات الناجمة عن حرب إسرائيل وحماس والاضطرابات في البحر الأحمر.

ويقول شعيب بوطمين، خبير الطاقة والرئيس التنفيذي لشركة رانادريل، لـ«CNN الاقتصادية»، إن انخفاض أسعار خام برنت خلال الأشهر ما بين نوفمبر تشرين الثاني وفبراير شباط الماضي، بما بين 75-81 دولاراً للبرميل، شجع على زيادة الطلب على النفط خاصة في مصافي الهند وحتى الصين ما أسهم ولو قليلاً في امتصاص تخمة المعروض مع نهاية تلك المرحلة، «لكن علينا انتظار هل تمدد أوبك+ من تخفيضاتها الطوعية نهاية يونيو؟ نحن نتفاءل بأسعار فوق 83 دولاراً حتى نهاية الصيف لأن الطلب على النفط يزيد مع تزايد الرحلات وكذا الانتعاش في الاقتصاد العالمي ولو تدريجياً».

التوترات الجيوسياسية ترفع أسعار الغاز الطبيعي

وتتوقع المؤسسة أن تؤدي التوترات الجيوسياسية مثل الاضطرابات الناجمة عن حرب إسرائيل على غزة والاضطرابات في البحر الأحمر، إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، إذ يظل الغاز المسال الأميركي مطلوباً بشدة وتظل الأسواق الأوروبية بحاجة إلى مصادر غير روسية للغاز الطبيعي.

وتقول المؤسسة إنها تتوقع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ليصل سعر المليون وحدة حرارية بريطانية من هنري هب الأميركي إلى 3.4 دولار، وارتفاع أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في هولندا -المقياس الرئيسي في أوروبا- إلى مستوى يتخطى 40 يورو لكل ميغاواط/ساعة.

ويتوقع بوطمين ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا لعوامل عديدة منها زيادة الطلب خلال فترة الصيف مع بدء أوروبا مرحلة تخزين الغاز، بالإضافة إلى زيادة الطلب على المكيفات واستغراق المسال وقتاً أطول للوصول إلى أوروبا تفادياً لاضطرابات البحر الأحمر، وتجميد إدارة الرئيس الأميركي بايدن بعض مشاريع الغاز المسال.

وقال بوطمين إن الأسعار قد تترفع لتتخطى حاجز الـ45 يورو لكل ميغاواط/ساعة.

وبحسب المؤسسة، فإن أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي ارتفعت بشكل حاد في مارس آذار مقارنة بالشهر السابق له، إذ أسهم انقطاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وتباطؤ تدفقات خطوط الأنابيب النرويجية، والقفز في أسعار برنت، في تحقيق المكاسب لأسعار الغاز في أوروبا.

وتضيف المؤسسة أن أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة استفادت كذلك من تفاقم التوترات الجيوسياسية، على الرغم من أن الغاز الطبيعي المخزن يستمر في الزيادة، ما يدفع المخزونات لتتجاوز المتوسط لمدة 5 سنوات بشكل كبير ويعكس الفائض الملحوظ في أوروبا.

ورجحت وكالة الطاقة الدولية، في تقرير لها خلال يناير كانون الثاني الماضي، أن يشهد الطلب العالمي على الغاز زيادة بنسبة 2.5 في المئة خلال عام 2024، وقالت إن هذه التوقعات تدعمها درجات حرارة الشتاء الباردة مقارنة بالعام الماضي، وارتفاع الطلب من قطاع الصناعة بسبب تراجع الأسعار، لافتة إلى أنه من المتوقع حدوث زيادة طفيفة فقط في استهلاك الغاز لتوليد الكهرباء.

وقالت المؤسسة إن من المرجح أن يتوازن ارتفاع الاستهلاك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأميركا الشمالية والشرق الأوسط بشكل جزئي مع تراجع الطلب في أوروبا، متوقعة أن تؤدي الزيادة المحدودة في الإنتاج العالمي للغاز المسال إلى كبح نمو الطلب في عام 2024.