بدأ المغرب خطوة جادة في طريق الاستغناء عن الغاز الإسباني، بعدما باتت الرباط أكبر مستورد للغاز الطبيعي من إسبانيا متفوقة على جميع دول الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال خارطة طريق للبنية التحتية للغاز.
تصاعدت مؤخراً مخاوف إسبانية من أن يكون المغرب وإسبانيا قريبين جداً من التوقف عن كونهما شريكين في مجال الطاقة، خصوصاً بعد أن وضعت المغرب هدف السيادة الطاقية باعتباره أولوية، وذلك منذ أكتوبر تشرين الأول 2021، عندما تم إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي- أوروبا الذي كانت الجزائر تزود إسبانيا من خلاله بالغاز بفضل حقول حاسي الرمل الجزائرية، وفقاً لموقع «الصحيفة» المغربي.
خارطة طريق للبنية التحتية للغاز
دعت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، يوم الثلاثاء، القطاع الخاص إلى عرض خارطة طريق للبنية التحتية للغاز في المغرب يوم 31 مايو أيار الجاري.
وفقاً لبيان الوزارة، فإنه بعد توقيع مذكرة التفاهم الاستراتيجية لتنسيق السلطات العامة بشأن تنفيذ برنامج البنية التحتية للغاز المستدام، ستنظم وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في 31 مايو اجتماعاً في العاصمة الرباط، لتقديم المستثمرين الدوليين والوطنيين من القطاع الخاص الناشطين في قطاع الطاقة.
ويهدف برنامج البنية التحتية للغاز إلى تعزيز تسريع تطوير الطاقة المتجددة ومشاريع الهيدروجين الأخضر والمشتقات في المغرب والتكامل داخل أسواق الطاقة في المحيط الأطلنطي وإفريقيا وأوروبا، ويعتزم البرنامج تزويد المملكة بعدة نقاط دخول للغاز الطبيعي المسال، وكذلك البنية التحتية لتخزين الغاز الطبيعي ونقله.
وذلك في خطوة جديدة من الحكومة المغربية لتأمين احتياجات البلاد من الغاز، بهدف وقف استيراد الغاز المسال عبر المواني الإسبانية، وتحويل الشحنات إلى مواني المملكة، خاصة ميناء الناظور في المستقبل القريب.
الشراكة المغربية الإسبانية
يعد المغرب أكبر مستورد للغاز الطبيعي من إسبانيا، فقد استورد المغرب خلال شهر يناير الماضي فقط، ما يعادل 868 غيغاواط في الساعة، ما يعني أن 28 في المئة من صادرات إسبانيا من الغاز الطبيعي تذهب إلى المغرب، باعتباره الوجهة الرئيسية لإعادة بيع الغاز الطبيعي بسبب انخفاض الشحنات إلى فرنسا والبرتغال وإيطاليا.
وبلغ تجاوز حجم إعادة تصدير الغاز المسال إلى المغرب 9800 غيغاواط في الساعة خلال عام 2023، ما جعل المغرب ثاني أهم وجهة لإسبانيا بعد فرنسا، قبل أن تنقلب الأمور مع بداية العام الجاري، حيث إنه خلال عام ونصف من استخدام خط الأنابيب بشكل عكسي، سجل استخدام 90 في المئة من قوة الضخ، مع ذروة في الطلب خلال شهر أغسطس آب الماضي، حيث تم نقل 958 غيغا واط في الساعة.
ووفق أرقام شركتي «كوتيس» و«إيناغاز» المخول لهما إدارة نظام الغاز وشبكة خطوط الأنابيب في إسبانيا، فإن شهر أغسطس آب الماضي سجل ذروة عمليات التوريد بنقل 958 غيغاواط في الساعة، علماً أن الطاقة التصديرية القصوى لخط أنابيب الغاز من طريفة باتجاه طنجة تصل إلى 960 غيغاواط في الساعة شهرياً.
نمو الاستثمارات المغربية في الطاقة
دفع إيقاف ضخ الغاز الجزائري نحو أوروبا عبر المغرب، الحكومة المغربية إلى تبني استراتيجية مستقبلية في نمط توريد الطاقة، حيث اعتمدت على شركائها وفي مقدّمتهم إسبانيا لتلبية حاجياتها، كما رسمت المملكة لنفسها استقلالية لاستيراد الغاز من شركاء دوليين، مع العمل على تنفيذ برنامج التنمية المستدامة للبنية التحتية للغاز من خلال بناء ثلاث محطات لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى حالته الغازية، بالإضافة إلى العديد من صهاريج التخزين وخطوط أنابيب الغاز.
ولهذا السبب، يجري بالفعل إنشاء أول مصنع مغربي لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز معد للاستهلاك في المصانع وإنتاج الكهرباء في منطقة الناظور غرب المتوسط، كما سيكون المصنع الثاني في المحمدية في حين سيكون المصنع الثالث في مدينة الداخلة جنوب الصحراء المغربية.
الاستثمار في الطاقة المتجددة
شهدت وتيرة الاستثمارات في الطاقات المتجددة في المغرب نمواً كبيراً خاصة بعد زلزال الحوز، وأسهمت المشاريع الجديدة في تراكم قدرة إجمالية تصل لنحو 4600 ميغاواط، تشمل ما يناهز 1853 ميغاواط من طاقة الريح و852 ميغاواط من الطاقة الشمسية و1770 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، وفقاً لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية.
وأفادت الوزارة بأن الاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة بلغ ما يناهز 60 مليار درهم مغربي (ما يعادل نحو 6 مليارات دولار أميركي)، منذ انطلاقة الاستراتيجية الطاقية الوطنية سنة 2009.