قال الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص، يوم الاثنين، إن النتائج أكدت أن «الخيال المتعلق بالتخلص التدريجي من النفط والغاز ليس له علاقة بالواقع»، ليجمع المحللون والخبراء في قطاع الطاقة على أن التحول إلى الطاقات الجديدة والمتجددة سيستغرق وقتاً أطول كثيراً حتى تصبح الطاقة المتجددة قادرة على استبدال النفط.

وقالت منظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك)، إن الطلب العالمي على النفط سيستمر في الارتفاع حتى عام 2050 على الأقل، مع استمرار الكتلة المصدرة للنفط في تحدي الناشطين البيئيين وصناع السياسات الذين يسعون إلى الحد من إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري.

وقال الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في تقرير آفاق النفط العالمية للمنظمة، الذي يتوقع أن يزداد الطلب العالمي على الوقود السائل من 102.2 مليون برميل يومياً في عام 2023 إلى 120.1 مليون برميل يومياً في عام 2050، «لا يوجد ذروة طلب في الأفق».

وأضاف غيث أن النتائج أكدت أن «الخيال المتعلق بالتخلص التدريجي من النفط والغاز ليس له علاقة بالواقع».

ويقول إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى أواندا في نيويورك سابقاً، في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، إن أغلب الدول المتقدمة «يبدو أنها مستعدة لحركة هجرة الوقود الأحفوري، لكن تبين أن مصادر الطاقة الأخرى ليست مستعدة لهذا التحول، وهو ما سوف يستغرق وقتاً أطول كثيراً حتى تصبح الطاقة المتجددة قادرة على استبدال النفط».

وأضاف مويا أن الدول الأعضاء في منظمة أوبك قد خصصت استثمارات كبيرة للغاية للوقود الأحفوري، وبالتالي فإن الالتزام بدعم أشكال الطاقة المتجددة سوف يستغرق وقتاً أطول مما يريده العالم، “لذلك سوف يظل الطلب على الغاز الطبيعي مرتفعاً لفترة من الوقت، لذا فلن يتم التخلص منه تدريجياً في أي وقت قريب”.

وحسب كبير محللي السوق لدى أواندا في نيويورك سابقاً، فإن الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري لن يكون سهلاً، «لكنه سوف يحدث ببطء على مدى العقود القليلة القادمة، وسوف يستغرق إنهاء الدعم بعض الوقت لأن البديل الموثوق للوقود الأحفوري لم يتم وضعه بالكامل بعد».

ووافقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) في دبي نهاية العام الماضي على خريطة طريق «للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري»، وهي المرة الأولى من نوعها في مؤتمر للأمم المتحدة للمناخ، لتأتي بعد أن وافقت الدول في قمة المناخ (كوب 27) على خفض انبعاثات غاز الميثان.

التحول إلى الطاقة المتجددة جارٍ

تتجه بعض الكيانات ووزارات الطاقة إلى التكيف مع التعهدات التي انتهى إليها (كوب 28) عبر زيادة الإنفاق على التحول للطاقة الجديدة.

ويقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن التحول إلى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة جارٍ بالفعل، مدفوعاً بسياسات الحكومة وأهداف المناخ والتقدم التكنولوجي، ما سيقلل من الطلب على الوقود الأحفوري على المدى الطويل، «وهو ما يجعل حديث أوبك عن التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري (خيالاً) متجذراً في وجهة نظرهم بأن أنظمة الطاقة العالمية تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز والفحم للتحول السريع إلى الطاقة المتجددة».

وأضاف جوربناز «في حين أن أوبك محقة في أن التحول لن يكون فورياً أو موحداً في جميع أنحاء العالم، فإن الزخم وراء الطاقة المتجددة وتحولات السياسات يشير إلى انخفاض تدريجي في الطلب على الوقود الأحفوري، ومع ذلك سيلعب الغاز الطبيعي دوراً رئيسياً في المرحلة الانتقالية، وستتطلب العملية تطوراً تكنولوجياً وبنيوياً كبيراً».

وحسب المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، فإن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة سيعمل على تقليل الطلب على الوقود الأحفوري تدريجياً، «حيث تختلف سرعة هذا التحول حسب المنطقة، لكن العديد من البلدان، خاصة في أوروبا وأميركا الشمالية، تعمل على تسريع تبنيها للسيارات الشمسية وطاقة الرياح والكهربائية، ومع ذلك سيظل النفط والغاز ضروريين للصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل الطيران والشحن والبتروكيماويات، لعدة عقود».

ويقول جوربناز، إن معظم الدول الأعضاء في أوبك تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، ويشكل الابتعاد السريع عن الوقود الأحفوري مخاطر اقتصادية كبيرة بالنسبة لها، «وفي حين بدأت دول المملكة العربية السعودية في الاستثمار في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، فإن اقتصاداتها لا تزال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصادرات النفط، ومن غير المرجح أن يحدث تحول كامل بعيداً عن الوقود الأحفوري في هذه المناطق في المستقبل القريب، على الرغم من تسارع جهود التنويع».

ويضيف المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، أنه غالباً ما يُنظر إلى الغاز الطبيعي على أنه «وقود جسر» في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، لأنه ينتج ثاني أكسيد الكربون أقل من الفحم والنفط، وتنظر الدول الأعضاء في أوبك التي تعد من كبار منتجي الغاز، مثل قطر، إلى الغاز الطبيعي باعتباره عنصراً حاسماً في استراتيجيات الطاقة المستقبلية، خاصة في توليد الكهرباء وكنسخة احتياطية للطاقة المتجددة المتقطعة مثل الرياح والطاقة الشمسية.

ورجحت وكالة الطاقة الدولية، في تقرير لها خلال يناير كانون الثاني الماضي، أن يشهد الطلب العالمي على الغاز زيادة بنسبة 2.5 في المئة خلال عام 2024، وقالت إن هذه التوقعات تدعمها درجات حرارة الشتاء الباردة مقارنة بالعام الماضي، وارتفاع الطلب من قطاع الصناعة بسبب تراجع الأسعار، لافتة إلى أنه من المتوقع حدوث زيادة طفيفة فقط في استهلاك الغاز لتوليد الكهرباء.