يتوقع عدد من المحللين في مجال الغاز الطبيعي و الغاز المسال، ارتفاع أسعار الغاز خلال فصل الشتاء ليصل إلى ذروته مع صعود الطلب عليه من منطقة شمال شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، بعد أن بلغت أسعاره خلال الشهر الحالي نحو 13 دولاراً للمليون وحدة حرارية بريطانية.
يقول أندرياس شرودر، رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، لـCNN الاقتصادية، إن أهم محركات أسعار الغاز الأوروبية في الوقت الحالي تتمثل في المخاطر الجيوسياسية لإغلاق مضيق هرمز بالتزامن مع الصراع في الشرق الأوسط حول إسرائيل، الخطر الجيوسياسي الثاني هو توقف عبور أوكرانيا في يناير.
وأضاف شرودر أنه من المتوقع أن يكون للشتاء البارد تأثير قوي على الأسعار، حيث قد يدفع الأسعار بمقدار 4 يورو/ميغاواط في الساعة في المتوسط.
وتتوقع كاتيا يافيمافا، الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والغاز المسال نظراً لوجود مخاطر أكبر (من مختلف الأنواع) على جانب العرض، أي أن العرض قد يكون أقل من المتوقع (على سبيل المثال، حتى لو تم الاتفاق على العبور عبر أوكرانيا، فلن يحدث ذلك حتى اللحظة الأخيرة في نهاية هذا العام، إن حدث على الإطلاق).
وأضافت يافيمافا أنه من المتوقع أن يكون الطلب أعلى خلال فترة الشتاء نتيجة انخفاض درجات الحرارة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ويتوقع رونالد بينتو، محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، لـCNN الاقتصادية، أن يبلغ متوسط أسعار الغاز في أوروبا TTF نحو 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال موسم أكتوبر-مارس، وأن تبلغ ذروتها في يناير عند نحو 14 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ويقول بينتو إن الصراعات الجارية في الشرق الأوسط وفي روسيا وأوكرانيا أضافت علاوة على أسعار الغاز في أوروبا TTF في الأشهر الأخيرة، حتى مع ملاحظة الأساسيات المتساهلة في أوروبا، مع تدفقات خطوط الأنابيب القوية، ومخزونات الغاز الجوفية المرتفعة، والطلب الضعيف على الغاز.
وأضاف محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، أن العلاوة في الأسعار تأتي من حقيقة أن السوق لا تزال تعتبر إمدادات الغاز الأوروبية هشة وأكثر عرضة لديناميكيات العرض العالمية منذ أن أصبحت واردات الغاز الطبيعي المسال أكثر أهمية في مزيج العرض في العامين الماضيين، “حيث يتم تسعير أي حدث يشكل خطراً على إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية في الوقت الحالي، وبشكل أكثر تحديداً، تقوم السوق باستمرار بتقييم التأثير الذي قد يخلفه تصعيد الصراع المستمر في الشرق الأوسط على صادرات الغاز الطبيعي المسال من المنطقة واحتياجات الغاز من مصر، بالإضافة إلى ذلك، يتابع اللاعبون في السوق عن كثب المحادثات التي تُعقد حول اتفاقية العبور عبر أوكرانيا بدءاً من 1 يناير 2025″.
اعتمد الاتحاد الأوروبي لائحة جديدة في يونيو 2022 بشأن التزامات ملء خزانات الغاز، التي تتطلب من الدول الأعضاء تلبية أهداف الامتلاء -لأول مرة- على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وكان المطلوب من الدول الأعضاء ملء مواقع التخزين الخاصة بها بنسبة 80% من السعة بحلول 1 نوفمبر 2022 و90% من السعة بحلول 1 نوفمبر في السنوات اللاحقة.
في الفترة من 1 أبريل إلى 9 سبتمبر الماضي، بلغ متوسط الحقن الصافي في مخازن الاتحاد الأوروبي 2.45 تيراواط في الساعة، ما يجعل مخزونات أوروبا ممتلئة بنسبة 93.09% ابتداء من 9 سبتمبر، مع تخزين 1066 تيراواط في الساعة من الغاز، وفقاً لأحدث البيانات من Gas Infrastructure Europe، يقارن هذا بمتوسط الحقن الصافي البالغ 2.55 تيراواط/ ساعة في صيف عام 2023، و3.78 تيراواط/ ساعة في صيف عام 2022.
وعانت أوروبا خلال عام 2022 أزمة حادة في الطاقة بسبب توقف إمدادات الغاز من روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تلف خطَّي «نورد ستريم» لنقل الغاز الروسي، وهو ما دفعها خلال العام الماضي إلى تخزين كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المتزايد على الغاز خلال فصل الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة.
وحسب بينتو، فإنه من المتوقع أن نشهد شتاءً أكثر برودة من العامين السابقين، وكلاهما معتدل مقارنة بالاتجاهات المتوسطة. يُظهر تحليلنا أن الطلب على الغاز قد يزيد بنحو 7% على أساس سنوي، «حيث ستكون منطقة شمال شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط هي المحرك للطلب على الغاز خلال فصل الشتاء».
ووفقاً لتقرير لستاندرد آند بورز غلوبال، فإن الطلب الأوروبي على الغاز سيبلغ ذروته خلال أشهر الشتاء، حيث يزيد الطقس البارد والأيام القصيرة من احتياجات التدفئة للمنازل وأماكن العمل، «حيث إن مستويات تخزين الغاز في أوروبا ممتلئة تقريباً مع اقتراب الخريف، حيث ساعدت شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وبعض دول الشرق الأوسط في تعويض النقص في إمدادات الغاز الطبيعي الروسي».
وأضاف تقرير ستاندرد آند بورز غلوبال «يبدو أن صناديق التحوط تتوقع ارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي هذا الشتاء، فقد ارتفعت المراكز الطويلة الصافية على الغاز الطبيعي بنسبة 15 في المئة الأسبوع الماضي، وتقترب المراكز الطويلة من مستويات قياسية مرتفعة، حيث يتوقع المتداولون أن يؤدي الطلب القوي من آسيا وأوروبا إلى دفع أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى الارتفاع خلال أشهر الشتاء».