اشترت مصر نحو 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال من خلال أول مناقصة تطرحها لتغطية الطلب في فصل الشتاء منذ عام 2018، وذلك على الرغم من وعود الحكومة المصرية بالسماح لشركائها الأجانب العاملين في مجال التنقيب عن الغاز بتصدير جزء من حصتهم من الغاز المستخرج من الأراضي المصرية، لتصبح مصر مصدراً ومستورداً للغاز معاً في الوقت نفسه.
وقد أجمع الخبراء على أن وعد مصر بالسماح لشركائها بتصدير حصة من إنتاجهم من الغاز هو أحد عناصر الجهود الحكومية المتجددة لتشجيع الاستثمار المستمر في الاستكشاف والإنتاج.
يقول مهرون إيتباري، مدير قسم الغاز الطبيعي المسال العالمي بشركة كوموديتي إنسايتس التابعة لستاندرد آند بورز غلوبال، في تصريحات لـCNN الاقتصادية، إن وعد مصر بالسماح لشركائها بتصدير حصة من إنتاجهم من الغاز هو أحد عناصر الجهود الحكومية المتجددة لتشجيع الاستثمار المستمر في الاستكشاف والإنتاج، وطمأنة الشركات بأنها ستحصل على الإيرادات المستحقة لها من الحكومة وسط مخاوف مالية مستمرة.
وأضاف إيتباري أن الحكومة المصرية تأمل أن تساعد تلك الوعود في انتعاش مستويات إنتاج الغاز المصري، «وهذا سيستغرق بعض الوقت».
وخلال اجتماع عقده مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري نهاية الشهر الماضي، استعرض الإجراءات التحفيزية لزيادة الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي، لتتضمن إجراءات دفع الفاتورة الشهرية للشركاء؛ من أجل ضمان عودة زيادة أعمال الاستكشافات والإنتاج، ولذا فالحكومة تعمل على الالتزام باستدامة سداد مبلغ شهريّ للشركاء الأجانب، للحفاظ على معدلات الإنتاج، واستمرار تلك الاستكشافات، بالإضافة إلى السماح بتصدير حصة معينة من الإنتاج الجديد من الغاز، بحيث تُستخدم عائداتها في سداد المستحقات المطلوبة، بالإضافة لرفع سعر حصة الشريك الأجنبي من الإنتاج الجديد من الغاز، وفقاً للنموذج الاقتصادي.
وتقول آنا سوباسيك، محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، لـCNN الاقتصادية، إن مصر تعِد شركاءها في قطاع النفط بالقدرة على تصدير جزء من غازها لجذب الاستثمارات الأجنبية والاحتفاظ بها من خلال توفير أسواق مضمونة لإنتاجهم، وبالتالي خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية.
واشترت مصر 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال من خلال أول مناقصة تطرحها لتغطية الطلب في فصل الشتاء منذ 2018، وحصلت على كامل الكميات التي كانت تسعى للحصول عليها بعلاوات سعرية أقل من المتوقع.
وتهدف المناقصة، التي طرحتها الهيئة المصرية العامة للبترول وأُغلقت في 12 سبتمبر أيلول، إلى تغطية الطلب في الربع الأخير من 2024 وجرت ترسيتها على أساس الدفع المؤجل لستة أشهر.
وتتضمن الشحنات 17 شحنة سيتم تسليمها بين الرابع من أكتوبر تشرين الأول و29 نوفمبر تشرين الثاني إلى المحطة العائمة في ميناء العين السخنة على البحر الأحمر بمصر وثلاث شحنات إلى ميناء العقبة في الأردن.
ومن بين الشركات التي فازت في المناقصة توتال إنرجيز وشل وبي.بي وشركة جلينكور لتجارة السلع الأولية وجانفور، وفازت أرامكو السعودية بعدد قليل من الشحنات شأنها شأن هارتري لتجارة السلع الأولية.
مصر مستورداً صافياً للغاز
يقول مدير قسم الغاز الطبيعي المسال العالمي بشركة كوموديتي إنسايتس التابعة لستاندرد آند بورز غلوبال، إن من المتوقع استمرار واردات مصر الصافية من الغاز في الارتفاع، وذلك في المستقبل القريب، «حيث انخفض الإنتاج المحلي لمصر من الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2024 بنسبة 25% مقارنة بمستويات الذروة لعام 2021، ومن المقرر أن يستمر في الانخفاض في الأشهر المقبلة حتى تمكن رؤية تأثير الآبار الجديدة».
ويضيف إيتباري أنه من المخطط استمرار مصر في الحاجة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال في الأمد القريب من أجل الحد من انقطاع التيار الكهربائي، «كما أنه من المرجح أن تحتاج مصر إلى استثمارات محلية جديدة، فضلاً عن واردات إضافية من خطوط الأنابيب من مجموعة من الحقول الإسرائيلية أو القبرصية إذا كانت تريد إنهاء وارداتها من الغاز الطبيعي المسال والحصول على ما يكفي من الغاز المتبقي لإعادة تشغيل مستويات كبيرة من صادرات الغاز الطبيعي المسال، ونحن نقدر أن هذا لن يحدث حتى نهاية هذا العقد».
وتقول آنا سوباسيك إن مصر تعمل على توسيع وارداتها من الغاز الطبيعي المسال لفصل الشتاء لمعالجة الارتفاع الكبير في الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، بسبب الطلب من قبل الأنشطة الصناعية وتوليد الكهرباء خلال الأشهر الأكثر برودة، «على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج المحلي، فإن إمدادات الغاز المحلية الحالية لا تلبي هذا الطلب المتزايد، ما يدفع إلى الحاجة إلى واردات إضافية لضمان أمن الطاقة واستقرارها».
وتضيف محللة سوق الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي لدى كبلر، أن العودة إلى سوق استيراد الغاز الطبيعي المسال بعد انقطاع دام ست سنوات يسمح لمصر بوضع نفسها بشكل استراتيجي في المشهد العالمي للغاز الطبيعي المسال قبل فترة الشتاء، “حيث تمكّن الاستثمارات في البنية الأساسية للغاز الطبيعي المسال، مثل محطة الغاز الطبيعي المسال في العين السخنة ووحدة التخزين العائمة لهوج جاليون، مصر من استيراد وتخزين وتوزيع الغاز الطبيعي المسال بكفاءة، ما يخفف من مخاطر نقص الإمدادات في المستقبل”.