بدأت دول الاتحاد الأوروبي باستهلاك مخزوناتها من الغاز الطبيعي بشكل أسرع منذ أزمة الطاقة قبل ثلاث سنوات حيث أدى الطقس البارد وانخفاض الواردات المنقولة بحراً إلى زيادة الطلب، إذ أجمع عدد من المحللين على أن أوروبا ستحتاج بالفعل إلى شراء كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025، لتعويض النقص الناتج عن خسارة نحو 15 مليار متر مكعب سنوياً من إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا.
نقص مخزون الغاز الأوروبي
ووفقاً لبيانات Gas Infrastructure Europe، انخفض حجم الغاز في مواقع التخزين في الكتلة بنحو 19 في المئة من نهاية سبتمبر، عندما ينتهي موسم إعادة التعبئة في أسواق الغاز، إلى منتصف ديسمبر كانون الأول، إذ لم يشهد العامان السابقان سوى انخفاضات أحادية الرقم خلال الفترة نفسها، عندما ضمنت درجات الحرارة الأعلى من المعتاد أن يظل التخزين ممتلئاً نسبياً حتى موسم التدفئة الشتوي، وكبحت الصناعات الطلب بسبب ارتفاع الأسعار.
ويقول محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، رونالد بينتو لـCNN الاقتصادية، إن أوروبا ستحتاج بالفعل إلى شراء كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025، حيث سيكون سبب الزيادة في واردات الغاز الطبيعي المسال هو الحاجة إلى التعويض جزئياً عن خسارة نحو 15 مليار متر مكعب سنوياً من إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، «إذ من المعروف أن مخزونات الغاز تحت الأرض في القارة من المتوقع أن تكون أقل من العامين السابقين بحلول نهاية الشتاء».
ويتوقع بينتو، أن تزيد واردات الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي بنحو 18 في المئة على أساس سنوي في عام 2025، أي ما يعادل 21.5 مليار متر مكعب، خاصة مع زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال في النصف الثاني من عام 2025، «حيث سيعتمد اللاعبون الأوروبيون في المقام الأول على السوق الفورية، ما يعني أنهم سيحتاجون إلى التفوق على بعض المشترين الحساسين للسعر في آسيا».
كانت آخر مرة تم فيها إفراغ مخازن الغاز في القارة بهذه السرعة بحلول منتصف ديسمبر كانون الأول في عام 2021، عندما بدأت روسيا بقطع إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب قبل غزوها الكامل لأوكرانيا.
تبلغ مستويات التخزين في الاتحاد الأوروبي الآن 75 في المئة، وهو ما يزيد قليلاً على متوسط السنوات العشر السابقة، قبل أن تبدأ حكومات أوروبا الغربية في محاولة تقليل اعتمادها على الواردات الروسية، وكانت مستويات التخزين قريبة من 90 في المئة بدءاً من منتصف ديسمبر كانون الأول من العام الماضي.
أسعار الغاز الأوروبية أقل بنحو 90 في المئة من أكثر من 300 يورو لكل ميغاواط/ ساعة التي شوهدت خلال أزمة الطاقة في صيف عام 2022، ومع ذلك فإن إفراغ مرافق التخزين خلال فصل الشتاء قد يجعل إعادة التعبئة أكثر صعوبة وتكلفة في العام المقبل.
وعلى دول الاتحاد الأوروبي ملء مخازنها إلى 90 في المئة من السعة بحلول بداية شهر نوفمبر بموجب هدف إعادة التعبئة الإلزامي للمفوضية الأوروبية، على الرغم من أن بعض الدول لديها أهداف أقل.
الغاز الروسي يتدفق لأوروبا رغم العقوبات
وأضاف محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، «أنه حال صرحت المفوضية الأوروبية بأن المنطقة ستكون على استعداد لشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة كجزء من المفاوضات لتجنب التعريفات الجمركية، فإن اللاعبين الأوروبيين هم في نهاية المطاف من يملكون الكلمة الأخيرة عندما يتعلق الأمر بتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل أو الشراء في السوق الفورية».
لقد استنفدت بعض الدول مخزوناتها بشكل أسرع من غيرها، فقد شهدت هولندا انخفاضاً بنسبة 33 في المئة في أحجام الغاز المخزنة منذ بداية الشتاء، بينما شهدت فرنسا انخفاضاً بنسبة 28 في المئة.
ومن المتوقع أيضاً أن يتوقف الغاز الروسي الذي يتدفق عبر أوكرانيا إلى أوروبا في نهاية العام المقبل مع انتهاء صلاحية اتفاقية العبور، ويمثل الطريق نحو 5 في المئة من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز.
وقالت الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، كاتيا يافيمافا، في تصريحات لـCNN الاقتصادية، إن دول الاتحاد الأوروبي ستضطر إلى التنافس مع المشترين الآخرين على الغاز الطبيعي المسال المعروض في السوق العالمي، في حال توقفت عمليات نقل الغاز الروسي عبر خط الأنابيب الممتد من روسيا إلى أوكرانيا في الأول من يناير 2025.
وأضافت يافيمافا، أنه من غير المؤكد كمية الغاز الطبيعي المسال الإضافية المتاحة بعد عام 2030 وكمية الغاز الطبيعي المسال التي ستحتاج إليها أوروبا، نظراً لأهدافها في إزالة الكربون، «إذ من المتوقع بدء ظهور المزيد من الغاز الطبيعي المسال في أواخر عام 2026 فصاعداً».
توقعات أسعار الغاز في أوروبا 2025
وعن توقعات أسعار الغاز في أوروبا، قامت شركة بلاتس، وهي جزء من شركة كوموديتي إنسايتس التابعة لستاندرد آند بورز، بتقييم عقود الغاز الهولندي لصيف 2026 عند 34.485 يورو/ ميغاواط/ ساعة في 25 نوفمبر، بينما تم تقييم عقد شتاء 2026 عند 34.22 يورو/ ميغاواط/ ساعة، حيث إن هذا الفارق البالغ 26.50 سنت يورو/ ميغاواط/ ساعة هو الأوسع بين عقود الصيف 2026 منذ 22 شهراً، بعد أن تحول إلى فارق في الأسعار في 11 نوفمبر.
وبحسب بيانات من شركة كوموديتي إنسايتس، فإنه من المتوقع أن ينمو المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال من نحو 452 مليون طن متري طوال عام 2025 إلى ما يقرب من 494 مليون طن متري في عام 2026.
المعروض العالمي من الغاز المسال
وتشير التوقعات إلى أن المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال سيرتفع خلال عام 2026 من 121 مليون طن متري في الربع الأول ليصل إلى 132 مليون طن متري بحلول الربع الرابع مع دخول مسارات إمداد جديدة إلى السوق خلال فصل الشتاء حتى عام 2027، وفقاً لبيانات كوموديتي إنسايتس.
في حين كان من المتوقع أن يظل سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي ضيقاً نسبياً حتى تضاف قدرات تسييل جديدة في عام 2025، فإن التأخير في سعة تصدير الغاز الطبيعي المسال العالمية يعني أن المشاركين في السوق يرون الآن أن الأسعار والإمدادات تتراجع من شتاء 2026 فصاعداً.
كما قامت بلاتس بتقييم عقد الغاز الهولندي للربع الأول من عام 2026 عند 40.825 يورو/ ميغاواط ساعة مقابل تقييم عقد الربع الثاني من عام 2026 عند 34.895 يورو/ ميغاواط ساعة في 25 نوفمبر.