مع استمرار 44 دولة، من بينها الصين وروسيا وأستراليا والبرازيل، في اختبار العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تسريع تشريعات اليورو الرقمي
، وسط مخاوف من هيمنة العملات الرقمية الأميركية المستقرة (Stablecoins) على النظام المالي الأوروبي. وتأمل إدارة البنك أن يؤدي دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعملات المستقرة المرتبطة بالدولار إلى تحفيز البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي، للإسراع في إقرار تشريعات
اليورو الرقمي بحلول نوفمبر تشرين الثاني 2025، حين سيقرر صانعو السياسة في البنك ما إذا كانوا سيمضون قدماً في إطلاقه رسمياً، بحسب رويترز.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
مواجهة سيطرة الدولار الرقمي
في الوقت الذي تزداد فيه العملات المستقرة الأميركية انتشاراً عالمياً، أعرب عضو مجلس إدارة
البنك المركزي الأوروبي، بييرو تشيبولوني، عن قلقه من تأثير هذه العملات على النظام المصرفي الأوروبي، إذ قد تدفع المستخدمين في أوروبا إلى تحويل ودائعهم إلى الدولار الأميركي.
وقال تشيبولوني في مقابلة مع وكالة رويترز «إذا بدأ الناس في أوروبا في استخدام العملات المستقرة للدفع، ومعظمها أميركية ومربوطة بالدولار، فإنهم سينقلون ودائعهم من أوروبا إلى الولايات المتحدة، ما قد يُضعف النظام المصرفي الأوروبي».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وأضاف أن العملات المستقرة، التي تشبه صناديق أسواق المال من حيث ارتباطها بأسعار الفائدة قصيرة الأجل، يمكن أن تخلق وسيلة دفع أميركية أخرى مهيمنة عالمياً، ما يعزز من أهمية تطوير بديل أوروبي مستقل.
تشريعات اليورو الرقمي
على الرغم من أن المفوضية الأوروبية قدمت مقترح تشريع لليورو الرقمي في يونيو حزيران 2023، فإن التقدم في اعتماد القوانين كان بطيئاً، بسبب شكوك بعض المشرعين والمصرفيين الأوروبيين، ومع ذلك، أشار تشيبولوني إلى أن البيئة السياسية باتت أكثر إدراكاً لأهمية الإسراع في التشريع، مع احتمال أن يتم إقرار القوانين الأولية قبل الصيف، ما يسمح للمفوضية الأوروبية بإتمام المفاوضات النهائية بحلول نوفمبر تشرين ثاني 2025.
إلا أن بعض النواب الأوروبيين، مثل ماركوس فيربر، أبدوا تحفظهم حيال الجدول الزمني الطموح، مشيرين إلى أن أفضل ما يمكن تحقيقه بحلول الصيف هو إعداد تقرير برلماني حول الموضوع، وليس تشريعاً نهائياً.
اليورو الرقمي وتحديات البنوك الأوروبية
في حين أن اليورو الرقمي يُعد خطوة مهمة لحماية سيادة النظام المالي الأوروبي، فإنه يواجه انتقادات من البنوك التي تخشى أن يؤدي إلى نزوح الودائع من الحسابات المصرفية التقليدية إلى المحفظة الرقمية المضمونة من البنك المركزي الأوروبي.
ولتخفيف هذه المخاوف، أوضح البنك المركزي أن مبالغ الاحتفاظ باليورو الرقمي ستكون محدودة بعدة آلاف يورو فقط، ولن تحمل فوائد، ما يقلل من جاذبيتها كبديل للودائع المصرفية التقليدية.
سباق نحو العملات الرقمية
تُعد نيجيريا وجامايكا وجزر البهاما من بين الدول التي أطلقت رسمياً عملاتها الرقمية الوطنية، بينما تواصل العديد من الدول الكبرى اختبار تقنياتها الخاصة بالعملات الرقمية، وفي المقابل، تبنّى دونالد ترامب موقفاً معارضاً تماماً لإطلاق الدولار الرقمي، إذ منع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من إصدار أي عملة رقمية مركزية.
هل يصبح اليورو الرقمي واقعاً قريباً؟
مع تسارع التطورات في سوق العملات الرقمية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على استقلاليته المالية، وبينما تتزايد الضغوط من العملات المستقرة الأميركية، فإن نجاح البنك المركزي الأوروبي في تمرير تشريعات اليورو الرقمي خلال الأشهر القادمة سيكون حاسماً في تشكيل مستقبل المدفوعات الرقمية في أوروبا.