شهدت الأسهم الأميركية انتعاشاً في الربع الأول من العام 2023، في مفاجأة غير متوقعة خاصة بعد عواصف العام الماضي المتمثلة في الأزمات المصرفية، وانهيار العملات المشفرة، وعدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد.
تأرجح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» طوال الربع، لكنه تمكن من الارتفاع في شهر يناير كانون الثاني، قبل أن يتراجع في فبراير شباط، ثم ارتفع مرة أخرى في مارس آذار، ليختتم الربع مرتفعاً بنحو 7 في المئة.
انتعشت بورصة «ناسداك» بصورة ملحوظة، إذ ارتفعت بنسبة 17 في المئة، محققة أفضل مكاسب ربع سنوية لها منذ الربع الرابع من عام 2020.
يأتي ذلك بعد عام 2022 الصعب لأسهم التكنولوجيا، إذ سعى المستثمرون إلى طرق أقل خطورة للتغلب على حملة بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة، كما ارتفع مؤشر «داو جونز» بنحو 0.4 في المئة.
وبعدما شهدت سندات الخزانة الأميركية أسوأ عام لها في 2022، بسبب رفع أسعار الفائدة، ارتفعت أسعار السندات إذ راهن المستثمرون على توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع سعر الفائدة بصورة كبيرة بسبب الأزمة المصرفية.
من جهتها، تأثرت العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، جراء البيئة الاقتصادية غير المؤكدة للربع الماضي، وتراجعت الأصول الرقمية خاصة بعد الجدل الذي يحوم حول سوق العملات المشفرة، بما في ذلك الدعوى القضائية التي رفعتها لجنة تداول السلع الآجلة ضد «بينانس» بزعم انتهاكها قوانين التداول الأميركية وانهيار بنك «سيلفرغيت» للعملات المشفرة.
على الرغم من ذلك، فقد انتعشت عملة البيتكوين مع اندفاع المستثمرين لإيجاد بدائل أكثر أماناً للنظام المصرفي، بعد انهيار البنوك.
حققت شركات الطاقة الأميركية الكبرى أرباحاً قياسية في الربع الأول من عام 2023، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط والغاز التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن أسعار النفط تراجعت مؤخراً، لتنهي الربع على انخفاض، وسط الأزمة المصرفية التي عززت من مخاوف بشأن القطاع المالي، والركود الاقتصادي.
ماذا بعد؟
على الرغم من الأداء القوي للربع الأول من العام، يقول المستثمرون إن الاحتفال بانتصار بنك الاحتياطي الفيدرالي على التضخم سيكون مبكراً وسابقاً لأوانه، ما زال ارتفاع الأسعار عاملاً مؤثراً في حركة الأسواق وقد يتسبب في اضطرابات مقبلة.
في وقت سابق من مارس آذار، أدى انهيار ثلاث مؤسسات مالية، وهي « سيليكون فالي» و«سيغنتشر» و« كريدي سويس» إلى انهيار مصرفي تسبب في تأرجح الأسواق.
لكن «وول ستريت» انتفضت على كل شيء، مع تعويض الأسهم خسائرها، إذ اقتنص المستثمرون أسهم التكنولوجيا، ما عزز سوق الأسهم الأوسع، وارتفعت أسهم شركة «أبل» بنحو 27 في المئة، كما ارتفعت أسهم «مايكروسوفت» بنسبة 20 في المئة في الربع الأول.
وفي أوائل شهر مارس آذار، استعدت الأسواق لزيادة أسعار الفائدة بصفة تتجاوز التوقعات خاصة بعدما أخبر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الكونغرس عن توقعاته بارتفاع أسعار الفائدة بنسبة أعلى مما كان متوقعاً في السابق، دفعت تلك الأخبار المستثمرين إلى الترنح، وانخفضت المؤشرات الرئيسية الثلاثة بشكل حاد.
لكن في اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في مارس آذار، بعد أيام فقط من انهيار بنك «سيليكون فالي»، قال إنه سيرفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة فقط في محاولة لموازنة الخطر المستمر المتمثل في إجهاد القطاع المصرفي بالتخفيف من حدة المخاطر.
قالت رئيسة استراتيجية الاستثمار في «صوفي تكنولوجيز» ليز يونغ، «أستبعد خفض التضخم دون رؤية الألم في السوق، وإذا أردنا أن يكون هناك استقرار فلا بد من حدوث مثل تلك الارتفاعات (في سوق الأسهم)».
وشدد كبير مسؤولي الاستثمار في «برايم كابيتال إنفستمينت آدفيزورز»، سكوت دوبا، على ضرورة تبني نظرة مستقبلية طويلة الأمد، استعداداً للتقلبات والتعرف على طرق تعافي السوق النهائية.
وأضاف «نحن في منتصف تجربة ترويض التضخم، لذا يجب أن نتوقع كل شيء».
كتبت- كريستال هور (CNN)