الاقتراح الذي كشف عنه الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي، والذي يخصص 86 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل والمساعدات الإنسانية لإسرائيل وغزة، واحتمال الاضطرار إلى تمويل حربين متزامنتين، سيؤدي بلا شك إلى مزيد من الإنفاق الحكومي وعجز أعلى، فهل تستطيع أميركا تحمل حربين، أم تخرج الأسواق عن مسارها؟
إذا كنت تريد تفاقم سوق السندات الأميركية، فما عليك سوى تذكير المتداولين بمدى ارتفاع عجز ميزانية البلاد، وقدرت آخر حصيلة من وزارة الخزانة للسنة المالية المنتهية في 30 سبتمبر العجز عند 1.7 تريليون دولار.
لكنه سيكون أعلى فعلياً –نحو تريليوني دولار– إذا لم يتم تضمين تأثير خطة الرئيس جو بايدن الفيدرالية لإلغاء ديون الطلاب، والتي أبطلتها المحكمة العليا قبل دخولها حيز التنفيذ، وهذا يعادل ضعف العجز في السنة المالية السابقة.
ويحدث عجز الميزانية عندما يتجاوز إنفاق الحكومة ما تجمعه من الضرائب، ولتغطية الفرق يتعين على الحكومات اقتراض الأموال، والتي تأتي عادةً من إصدار المزيد من السندات، ومع تساوي كل العوامل الأخرى، فإن ذلك يميل إلى دفع أسعار السندات إلى الانخفاض، ما يتسبب في ارتفاع العوائد.
لفترة من الوقت، تجاهل المستثمرون العجز الأميركي المتزايد باستمرار وتأثيره على التزامات ديون الحكومة، إذ كان التفاهم هو أن وزارة الخزانة ستسدد مدفوعات الفائدة في الوقت المحدد.
ولكن، على نحو متزايد، يولي المستثمرون مزيداً من الاهتمام للسياسات التي لديها القدرة على زيادة العجز ومقدار الأموال التي يتعين على الحكومة اقتراضها، وقالت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في مورجان ستانلي لإدارة الثروات، إن ذلك دفع المزيد من المستثمرين إلى التساؤل عن مدى استدامة مستوى الديون، ونتيجة لذلك، المطالبة بتعويض أعلى عن الاحتفاظ بالديون طويلة الأجل.
ومع ذلك، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إنها لا تعتقد أن الكثير من الارتفاع في العوائد مرتبط بعجز الميزانية الأميركية، وقالت يوم الخميس في حدث استضافته بلومبيرغ: «إلى حد كبير، أعتقد أنه انعكاس للمرونة التي يراها الناس في الاقتصاد الأميركي».
في غضون ذلك، لم يوقع المشرعون بعد على ميزانية القسم الأعظم من السنة المالية الحالية، ولكن احتمال الاضطرار إلى تمويل حربين متزامنتين، في إسرائيل وأوكرانيا، سيؤدي بلا شك إلى المزيد من الإنفاق الحكومي وارتفاع العجز.
ماذا سيعني ذلك لسوق السندات؟
التأثير على العجز
قالت راشيل سنايدرمان، مديرة السياسة الاقتصادية في مركز السياسات الحزبية، إن زيادة الإنفاق لدعم إسرائيل وأوكرانيا لا يعني تلقائياً أن العجز سينمو ويتسبب في ارتفاع عائدات السندات.
وأضافت سنايدرمان لشبكة CNN أن اقتراح الإنفاق الدفاعي الذي كشف عنه بايدن الأسبوع الماضي، والذي يخصص 86 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل والمساعدات الإنسانية في إسرائيل وغزة «سيشكل جزءاً صغيراً جداً من العجز».
وقالت إن وزارة الخزانة ستحتاج إلى إصدار المزيد من السندات للتوصل إلى 86 مليار دولار، لكن هذا سيمثل ثلاثة أعشار بالمئة من 26.33 تريليون دولار من الديون الأميركية التي يحتفظ بها الجمهور.
وفقاً لحساباتها الخاصة، فإن ذلك سيزيد العجز في السنة المالية 2024 بنسبة 5 في المئة فقط من مستوى العجز المتوقع لمكتب الميزانية في الكونغرس والذي يبلغ 1.57 تريليون دولار للسنة المالية الحالية.
ارتفاع عائدات السندات قبل اندلاع حرب إسرائيل وغزة
خلال الفترات السابقة من التوترات الجيوسياسية المتصاعدة مثل الحروب، يميل المستثمرون إلى الهروب إلى بر الأمان، بما في ذلك نقل المزيد من أموالهم نحو أصول مثل أذون الخزانة الأميركية التي يُنظر إليها على أنها ملاذات آمنة.
حدث ذلك في البداية عندما اندلعت الحرب بين إسرائيل وغزة، ما تسبب في انخفاض العوائد، لكن العوائد سرعان ما ارتدت، على سبيل المثال يكاد العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات يلامس 5 في المئة لأول مرة منذ عام 2007.
وقالت سنايدرمان إن هذا يشير إلى أن هناك عوامل أخرى قد تفوق آثار الحرب التي تؤدي إلى ارتفاع العوائد.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، تعامل المستثمرون مع احتمال أن تظل أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول مما توقعوا في البداية عندما بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في التشديد العام الماضي.
وذلك لأن التضخم لا يزال أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة، وتظهر البيانات الأخيرة أنه يرتفع مرة أخرى، لخفض التضخم أكثر، وأشار مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم سيحتاجون إلى إبقاء أسعار الفائدة بالقرب من المستويات الحالية حتى يقتنعوا بأن التضخم لن يزداد سخونة.
تحسباً لظاهرة «الأعلى لفترة أطول»، كان المستثمرون يبيعون المزيد من السندات الأميركية.
عوامل أخرى تجلب عائدات أعلى
منذ تعليق سقف الديون في يونيو حزيران، أصدرت وزارة الخزانة المزيد من السندات لتمويل الإنفاق الحكومي، وأيضاً منذ تعليق سقف الديون في يونيو حزيران، أصدرت وزارة الخزانة المزيد من السندات لتمويل الإنفاق الحكومي، ما أدى إلى انخفاض أسعار السندات.
حذّرت وزارة الخزانة في يوليو تموز من أنها تتوقع اقتراض تريليون دولار في الربع الثالث، وهو أكبر مبلغ اقترضته الحكومة على الإطلاق خلال الربع الثالث، علاوة على ذلك تقدر وزارة الخزانة أنها ستقترض 852 مليار دولار في الربع الأخير من هذا العام، ومع ذلك؛ فإن هذا التقدير لا يأخذ في الاعتبار الحرب بين إسرائيل وحماس.
وهناك عامل آخر يمكن أن يلعب دوراً، وهو التخفيض الأخير لديون الولايات المتحدة من قبل وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، وتحذير وكالة موديز لخدمات المستثمرين من أنها قد تقوم بمراجعة تقييمها للأساسيات التي تبني عليها تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة.
قال جون لينش، كبير مسؤولي الاستثمار في كوميريكا لإدارة الثروات، إن كليهما يشيران معاً إلى المستثمرين بأن الاحتفاظ بالديون الأميركية أكثر خطورة.
وقالت سنايدرمان إنه حتى لو لم يؤثر الإنفاق الأميركي لدعم إسرائيل بشكل مباشر على السندات، فإن «حالة عدم اليقين التي تضخها الحروب في الاقتصاد» كافية لإبعاد الأسواق عن مسارها. وأشارت إلى أن هذا يجعل من الصعب بشكل خاص التنبؤ بالمسار المستقبلي للسندات.
(إليزابيث بوتشوالد CNN)