يشكّل ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية خطراً يواجه أسهم وول ستريت، وخاصة تلك المُبالغ في قيمتها، ما يُثير مخاوف المستثمرين بشأن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة من الوقت.
وساعدت توقعات خفض الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام مؤشر إس آند بي 500 على تحقيق مكاسب جديدة تتجاوز عشرة في المئة في الربع الأول، حتى مع الارتفاع الكبير لعوائد سندات الخزانة في الأسابيع الأخيرة.
ولكن البيانات الاقتصادية الأخيرة والتضخم العنيد يضغطان على التوقعات بشأن مقدار خفض أسعار الفائدة المنتظر، ما يُشعر بعض المستثمرين بالقلق من أن التقييمات المُبالغ فيها لبعض الأسهم قد تجعلها أكثر عرضة للخطر إذا استمرت أسعار الفائدة مرتفعة فترة طويلة.
عوائد السندات وسوق الأسهم
بلغ عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات، وهو العائد الذي يتحرك عكسياً مع أسعار السندات، 4.36 في المئة خلال تعاملات يوم الثلاثاء، وهو أعلى مستوى له في أربعة أشهر، ما يعزز من جاذبية سندات الخزانة الآمنة ومرتفعة العوائد مقارنة بالأسهم ذات المخاطر العالية.
وقال تشاك كارلسون، الرئيس التنفيذي لشركة هورايزون لخدمات الاستثمار «حقيقة أن عوائد السندات تجاوزت مستوى المقاومة السابق هو أمر يدعو للتوقف ويثير القلق»، في إشارة إلى تداعيات هذه الارتفاعات على سوق الأسهم الأميركية.
وعادةً ما يؤدي ارتفاع عوائد السندات إلى الضغط على سوق الأسهم وهو ما تكرر حدوثه عدة مرات في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال عام 2022، انخفض مؤشر إس آند بي 500 بنحو 19 في المئة، عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بسرعة لتجنب ارتفاع التضخم.
والعام الماضي، تكبدت الأسهم خسائر في شهري سبتمبر أيلول وأكتوبر تشرين الأول عندما ارتفع عائد السندات لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوى في 16 عاماً بما يزيد قليلاً على 5 في المئة، ثم عادت للصعود من جديد تزامناً مع تراجع عوائد السندات.
كما هبط المؤشر مرة أخرى أمس الثلاثاء بنحو 0.7 في المئة عندما صعد عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى 4.35 في المئة.
ومع ذلك، لا يزال هناك بعض التفاؤل هذا العام بشأن سوق الأسهم على الرغم من عوائد السندات المرتفعة، ويرجع هذا بشكل رئيسي إلى توقعات السوق بخفض قريب هذا العام لمعدلات الفائدة الأميركية.
خفض أسعار الفائدة الأميركية
وعلى الرغم من انتشار توقعات تخفيض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2024، فإن الأسواق تتوقع في الوقت الراهن مقدار خفض أقل من الوقت السابق، وهو عامل آخر يضغط على توقعات الأسهم ذات التقييمات المبالغ فيها.
وتكشف بيانات العقود الآجلة ليوم الثلاثاء أن المستثمرين يسعرون تخفيضات بنحو 70 نقطة أساس لأسعار الفائدة هذا العام، مقارنة بأكثر من 150 نقطة أساس المتوقعة في يناير كانون الثاني، وهذا أقل من 75 نقطة أساس توقعها البنك المركزي لهذا العام.
وقال كيث ليرنر، كبير مسؤولي الاستثمار لدى شركة تراست أدفيسوري سيرفيس، إن علاوة مخاطر الأسهم -العائد الإضافي الذي يتوقع المستثمرون الحصول عليه من الاستثمار في الأسهم بدلاً من عوائد السندات – أصبحت سلبية في الربع الأول للمرة الأولى منذ عام 2022.
وأضاف إد كليسولد، كبير استراتيجيي السوق الأميركية في مؤسسة نيد ديفيس للأبحاث «السندات توفر بعض المنافسة الحقيقية، لذا، إذا أردنا أن نرى ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات مرة أخرى نحو 5 في المئة كما حدث في الخريف الماضي، فمن المحتمل أن ينعكس ذلك على الأسهم وستحتاج تقييمات الأسهم إلى الانخفاض».
كما قال بول نولتي، كبير مستشاري الثروات واستراتيجي السوق لدى شركة مورفي آند سيلفست لإدارة الثروات «كنا نبحث عن تصحيح هابط في سوق الأسهم بنسبة تتراوح بين ثلاثة وخمسة في المئة منذ أشهر.. ربما نكون أخيراً على وشك مشاهدة ذلك».
يأتي ذلك بينما تركز الأسواق على بيانات الوظائف الأميركية المنتظر صدورها يوم الجمعة، وفي حالة جاءت البيانات أقوى من المتوقع، فقد يكون ذلك سبباً لاستمرار عوائد السندات في الارتفاع، قبيل بدء موسم أرباح الشركات الأميركية لاحقاً هذا الشهر.
(رويترز)