سجلت سوق الأسهم الأميركية ارتفاعاً قوياً ومتواصلاً منذ بداية عام 2024، لكن هذا الارتفاع توقف بشكل مفاجئ خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4.6 في المئة منذ بداية أبريل نيسان، ومن المتوقع أن تشهد جميع المؤشرات الرئيسية الثلاثة في الولايات المتحدة أول أداء سلبي لها منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي.
ويقترب مؤشر داو جونز الصناعي من محو مكاسبه منذ بداية عام 2024، بعد أن تقلصت إلى 0.2 في المئة فقط، بينما لا يزال مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعاً بنسبة 5.1 في المئة ومؤشر ناسداك المركب بنسبة 3.9 في المئة.
وأغلق مؤشر الخوف والجشع التابع لشبكة CNN، والذي يتعقب سبعة مقاييس لمعنويات المستثمرين في السوق، يوم الخميس عند قراءة «الخوف»، مقارنة بنقطة «الجشع» قبل شهر.
ودفعت البيانات الاقتصادية القوية واستمرار تسارع التضخم في الولايات المتحدة المستثمرين إلى التخلي عن توقعاتهم بشأن الموعد المرتقب لبدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.
أسعار الفائدة
وأظهرت البيانات الصادرة هذا الشهر أن معدل التضخم لا يزال بعيداً عن هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ اثنين في المئة.
فقد أضاف سوق العمل 303 آلاف وظيفة في شهر مارس آذار، وهو ما فاق التوقعات السابقة، كما ارتفع الإنفاق في متاجر التجزئة في الولايات المتحدة للشهر الثاني على التوالي، ما يسلط الضوء على استمرار ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي رغم ارتفاع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الثلاثاء إن تخفيضات أسعار الفائدة من المرجح أن تأتي في وقت متأخر عما كان متوقعاً وإن البنك المركزي سيحتاج إلى المزيد من العلامات الحاسمة على اعتدال التضخم قبل التخلي عن السياسة النقدية المتشددة.
يتوقع المتداولون الآن أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في يوليو تموز أو سبتمبر أيلول، وفقاً لأداة (سي إم إي فيد ووتش)، بعد أن كانوا يتوقعون في وقت سابق من هذا العام ما يصل إلى ستة تخفيضات في أسعار الفائدة خلال عام 2024، بدءاً من مارس آذار.
وفي توقعاته للنمو الاقتصادي الأميركي هذا العام، حذَّر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أنه سيكون من الصعب السيطرة على التضخم في الولايات المتحدة قريباً.
وكتب كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشاس في تدوينة مصاحبة لتوقعات الصندوق «هذا يستدعي اتباع نهج حذر وتدريجي تجاه التيسير (النقدي) من قبل الاحتياطي الفيدرالي».
عائد سندات الخزانة الأميركية
ارتفعت عائدات السندات هذا الأسبوع حيث يراهن المستثمرون على أن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة لفترة أطول من المتوقع.
وكان المستثمرون يأملون في أن تساعد أرباح الشركات في عودة ارتفاع الأسهم، لكن البداية القوية لموسم الإفصاح عن الأرباح لم تكن كافية لتشجيع المستثمرين على شراء الأسهم.
وأعلنت ما يقرب من 13 في المئة من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عن نتائج ربع سنوية حتى الآن.
ويبلغ معدل نمو أرباح الربع الأول المختلط، والذي يجمع بين التقديرات والنتائج الفعلية، نحو 0.9 في المئة، وفقاً لبيانات فاكت سيت، ومع ذلك استمرت الأسهم في التعثر.
ومما يزيد من مشكلات وول ستريت هو التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط؛ إذ شنت إيران غارات جوية على إسرائيل في نهاية الأسبوع رداً على غارة إسرائيلية مشتبه بها على مجمع سفارتها في سوريا في وقت سابق من هذا الشهر.
وأعقب ذلك ضربة إسرائيلية على أهداف إيرانية، ورغم تقليل طهران من تأثير الهجوم الإسرائيلي، فإن الأسواق لا تزال تتابع عن كثب تطورات الأوضاع خشية خروجها عن السيطرة.
أسعار النفط.. صداع في رأس أميركا
ارتفعت أسعار النفط عقب أنباء الهجوم الإسرائيلي على إيران التي تُعد ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، لكنها سرعان ما عكست مكاسبها بعد أن جاء الهجوم أخف من المتوقع.
ويمثل ارتفاع صعود أسعار النفط صداعاً في رأس الولايات المتحدة، نظراً لأن ارتفاع أسعار الطاقة ينتقل لكل القطاعات الاقتصادية، وينتقل في النهاية إلى الأسعار الاستهلاكية، ما يمثل ضغوطاً أكبر على التضخم.
وسجل معدل التضخم في أميركا ارتفاعاً بنحو 3.5 في المئة في مارس آذار، ليواصل تسارعه منذ فبراير شباط؛ ما يقلل من فرص خفض مبكر لسعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين العام بـ3.5 في المئة في مارس آذار، بزيادة 0.3 نقطة مئوية على الشهر السابق، كما ارتفع المؤشر الأساسي لأسعار المستهلكين -الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة- بمعدل سنوي قدره 3.8 في المئة.