شهد شهر أيلول الماضي إعصاراً اجتاح هونغ كونغ، واقتلع الأشجار وأغرق المدينة، وأودت الفيضانات في ليبيا بحياة أكثر من 11 ألف شخص وفقاً لـ«الأمم المتحدة»، وخلفت آلاف من المفقودين، وتوالت الأحداث المناخية القاسية تباعاً لتضرب 10 بلدان وأقاليم في 12 يوماً فقط.

قالت جونغ إيون تشو، عالمة المناخ في «جامعة سيتي» في هونغ كونغ: «إن ظاهرة الاحتباس الحراري تغيّر خصائص هطول الأمطار من حيث التكرار والشدة والمدة».

ويحذّر العلماء من أن هذه الأنواع من الظواهر الجوية قد تصبح شائعة بسبب التغيرات المناخية، ما يضغط على الحكومات للاستعداد لامتصاص حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات.

المدن الإسفنجية

تُعد «المدن الإسفنجية» مساحاتٍ حضريةٍ كثيفة الغطاء الأخضر وقادرة على امتصاص الماء وتخزينه في أثناء هطول الأمطار لإعادة استخدامه عند الحاجة.

وتعمل هذه المدن بتصاميم بنائية حديثة تمكّنها من الاحتفاظ بمياه الأمطار في المناطق الحضرية عن طريق عزل الأرضيات بحيث يتبخر جزء منها ويتم تصريف الباقي تدريجياً.

وبالإضافة إلى تحصين الطرق والأرصفة، تجري زراعة المزيد من الأشجار وتشييد المباني الذكية التي تتكيّف مع إسفنجة المدينة، إذ تكون أسطح المباني مغطاة بالعشب لامتصاص المياه، كما يتم طلاء المباني بألوان فاتحة لتعكس المزيد من الحرارة بدلاً من امتصاصها.

فماذا عن الدول التي تبنت هذه التصاميم؟

ووهان ــ الصين

في عام 2016 تسببت العواصف المطيرة في مقتل 14 شخصاً في المدينة، وتسببت في أضرار مالية تُقدّر بنحو 360 مليون دولار.

ودفع وقوع هذه الكارثة توجه مدينة ووهان لأن تكون «مدينة إسفنجية» تجريبية، إذ شيدت نحو 390 مشروعاً للبنية التحتية بتكلفة تقارب ملياري دولار، على امتداد ما يقرب من 15 ميلاً مربعاً من ووهان، ضمن مقاطعتي (تشينغشان وسيكسين) بشكلٍ أساسي.

مشروع النية التحتية في مدينة ووهان

واحدة من تلك المشاريع هي حديقة شاطئ «نهر اليانغتسى»، إذ كانت السدود مقامة على طول النهر.

وأضاف المشروع منحدرات من النباتات وأسطح قابلة للاختراق لأكثر من أربعة أميال 45 ألف شجرة، و125 ميلاً مربعاً من الشجيرات، و150 ميلاً مربعاً من العشب.

واليوم، باتت الحديقة تخفّض درجات الحرارة بأكثر من 5 درجات فهرنهايت مقارنة ببقية المدينة.

مالمو ــ السويد

في التسعينيات، بدأ المهندسون في حي «أوغستينبورج» في مالمو بفصل مياه الأمطار عن مياه الصرف الصحي لتجنب إغراق نظام الصرف الصحي في حالة حدوث عاصفة كبيرة، عن طريق السماح لمياه الأمطار بالمرور عبر القنوات المفتوحة.

ومن خلال القيام بذلك، تمكنت «أوغوستينبورج» من تجنب الفيضانات الكارثية.

كان أداء «أوغوستينبورج» أفضل بكثير من الأجزاء الأخرى من مالمو في أثناء الفيضانات، وفقاً لبير آرني نيلسون، أحد كبار الاستراتيجيين في إدارة البيئة في مالمو.

تبلور هذا المشروع في «أوغوستينبورج» جزئياً لأن الأرض والمباني مملوكة للمدينة، ولكن أيضاً لأن الحي كان في حالة تدهور اقتصادي.

وأضاف نيلسون أن مسؤولي المدينة نظروا إلى مشروع الإسفنج باعتباره وسيلة للتعامل مع المياه، ولتعزيز قيمة الأراضي، وتقديم الخدمات والفوائد للمجتمع.

شاطئ مدينة مالمو بالسويد

المدن الإسفنجية وامتصاص الأمطار

يعتقد الخبراء أن البنية التحتية للمدينة الإسفنجية لا يمكنها التعامل إلّا مع ما لا يزيد على 200 ملم (7.9 بوصة) من الأمطار يومياً.

وحتى عندما تم تنفيذ تدابير المدينة الإسفنجية بالكامل، فإنها لم تكن لتتمكن من صد كل الكوارث هذا العام.

في ذروة العواصف المطيرة التي ضربت بكين في نهاية يوليو، وصل معدل سقوط الأمطار في إحدى المحطات إلى 745 ملم خلال ثلاثة أيام ونصف.

وفي يوليو 2021، شهدت تشنغتشو هطول أمطار تجاوزت 200 ملم خلال ساعة واحدة فقط.

كما هطلت أمطار غزيرة هذا العام على مدن في الشمال القاحل عادة، حيث لا تزال تنمية المدن الإسفنجية أقل تقدماً.