مر أكثر من قرنين على تأسيس الولايات المتحدة الأميركية، تحول خلالهما الحلم الأميركي إلى كابوس عندما ارتطمت أحلام الأميركيين بأرض الواقع، إذ أظهر تقرير حديث ارتفاع نسبة المشردين في البلاد إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق
على الرغم من ذلك، يظل حلم الهجرة إلى أميركا يراود الكثيرين ممن يحلمون بالعيش تحت مظلة أقوى اقتصاد في العالم.
فوفقاً لتحليل مؤسسة غالوب الصادر في مارس آذار 2023، فإن أميركا لا تزال الوجهة الأولى للمهاجرين المحتملين بنحو 138 مليون شخص من أصل 630 مليون شخص شملهم الاستطلاع.
معدلات التشرد عند أعلى مستوياتها بأميركا
ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من التشرد إلى أعلى مستوياته في الولايات المتحدة، مع تزايد صعوبة تحمل تكاليف السكن خلال السنوات القليلة الماضية.
وأفاد التقرير السنوي لوزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأميركية، بأن عدد الأشخاص المشردين في الولايات المتحدة قفز بنسبة 12 في المئة خلال العام الجاري مقارنة بالعام السابق، بعد أن انضم نحو 70650 اسماً جديداً إلى قائمة الأشخاص بلا مأوى هذا العام.
وكشف التقرير عن قفزة حادة في عدد الأفراد الذين أصبحوا بلا مأوى لأول مرة في حياتهم، فبين عامي 2021 و2022 ارتفع عدد الأشخاص الذين انضموا لقائمة المشردين حديثاً بنسبة 25 في المئة، على الرغم من زيادة عدد الأشخاص الذين تمكنوا من تجنب التشرد والحصول على سكن دائم بنحو 8 في المئة.
وتصدرت كاليفورنيا الولايات الأعلى من حيث نسبة التشرد في البلاد مسجلة 68 في المئة.
أسباب ارتفاع التشرد في أميركا
عزا التقرير أسباب زيادة التشرد في أميركا إلى ارتفاع تكلفة الإيجارات بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية.
وعلى الرغم من تسجيل متوسط الإيجارات تراجعاً نسبياً في نوفمبر تشرين الثاني من العام الجاري، فإنه لا يزال أعلى بنسبة 22 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من عام 2019 قبل الطفرة التي شهدتها الإيجارات عقب اندلاع الجائحة، وفقاً لشركة ريدفين للسمسرة العقارية.
وانخفض متوسط الإيجارات بنسبة 4 في المئة فقط خلال الشهر مقارنةً بالمستوى القياسي الذي سجله في أغسطس آب 2022 عندما بلغ 2054 دولاراً.
ووجد التقرير أن تقليص البرامج الاجتماعية (مثل برامج الحماية من الأوبئة، وبرامج منع عمليات الإخلاء) خلال عام 2022 أسهم جزئياً في زيادة عدد المشردين في الشهر الأول من عام 2023.
وتتخذ الحكومة الأميركية العديد من الإجراءات لمكافحة التشرد، مثل زيادة عدد الوحدات المخصصة لدعم الأشخاص بلا مأوى، والتي ارتفعت لأعلى مستوياتها هذا العام.
كما كشفت الحكومة هذا الأسبوع أنها قدمت المساعدة لأكثر من 424 ألف أسرة خلال عام 2023، سواء من خلال مساعدتهم على التواصل مع مراكز دعم المشردين، أو الخروج من التشرد، أو تجنب الوقوع ضحية للتشرد.
الجهود الأميركية للحد من التشرد
والمثير للقلق في الأمر أن هذا الارتفاع القياسي في معدلات التشرد في أميركا يأتي على الرغم من الإجراءات العديدة التي اتخذتها البلاد للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة.
فقد أعلنت وزارة الإسكان والتنمية الحضرية في أواخر فبراير شباط 2023 عن تخصيص 5.6 مليار دولار في شكل منح لتمويل البرامج المجتمعية، بما في ذلك برامج الإسكان ميسور التكلفة ومساعدة الفئات المشردة والمعرضة للخطر، لكن ذلك لم يفلح في التأثير بشكل ملحوظ على معدلات التشرد في أكبر اقتصادات العالم.
وتستهدف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خفض نسبة التشرد بنسبة 25 في المئة حتى عام 2025، في إطار الخطة الاستراتيجية الفيدرالية التي أُطلقت في ديسمبر كانون الأول 2022.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تتخلف عن العديد من الدول المتقدمة فيما يتعلق بمعدلات المساكن المتاحة لمواطنيها، وفقاً لإحصائيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وكشفت بيانات المنظمة عن أن أوروبا الغربية تتقدم بفارق كبير على أميركا في قطاع الإسكان، بل إن تركيا كانت أفضل حالاً من الولايات المتحدة في هذا الصدد حتى ضربها الزلزال في 6 فبراير شباط 2023، ما تسبب في تدمير ما يقرب من نصف مليون وحدة سكنية، ما دفع البلاد إلى أزمة تشرد حادة.