توقع خبراء تحدثت إليهم «CNN الاقتصادية» ارتفاع أسعار العقارات في مصر بنسبة تصل إلى 40 في المئة خلال عام 2024، متأثرة بالزيادات المطردة في سعرَي الحديد والإسمنت وغيرهما من مواد البناء وسط موجة تضخمية تضرب جميع القطاعات الاقتصادية في الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان.

وأعلنت شركة حديد عز، أكبر منتج للحديد في مصر، مطلع يناير كانون الثاني عن زيادة جديدة في أسعار الحديد بنحو 3500 جنيه (113.27 دولار) للطن، ليصل سعر طن الحديد إلى نحو 42 ألف جنيه تسليم أرض المصنع، كما أعلنت شركات أخرى عن زيادات مماثلة.

وتتراوح أسعار طن الإسمنت في مصر بين 1900و2300 جنيه للطن، ومن المتوقع أن تقفز هذه الأسعار خلال الفترة القادمة، بحسب مدحت اسطفانيوس رئيس شعبة الإسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات.

وتجاوزت معدلات التضخم في مصر حاجز 35 في المئة متأثرة بانخفاض قيمة الجنيه واتساع الفجوة بين سعر الدولار في السوق الرسمية والسوق الموازية بأكثر من 20 جنيهاً، ويقترب سعر الدولار من 31 جنيهاً في البنوك، بينما يتجاوز 52 جنيهاً في السوق الموازية.

وعزا محمد حنفي رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، زيادة أسعار الحديد بنحو ثلاثة آلاف جنيه للطن إلى زيادة أسعار الكهرباء وارتفاع تكلفة النقل، فضلاً عن انخفاض حجم الإنتاج في بعض المصانع بسبب صعوبة استيراد المواد الخام من الخارج جراء أزمة نقص العملة وصعوبة توفير النقد الأجنبي.

ورفعت مصر أسعار الكهرباء بنسب تتراوح بين 16 و26 في المئة منذ بداية الشهر الجاري.

وذكر حنفي أن تأثير الزيادات الأخيرة في أسعار الحديد البالغة نحو 10 في المئة من المفترض أن يكون طفيفاً على القطاع العقاري، إذ يمثل سعر الحديد 8 في المئة فقط من التكاليف الإجمالية للبناء.

ويصل حجم إنتاج مصر من حديد التسليح إلى نحو 7.9 مليون طن، ونحو 4.5 مليون طن من البليت (خام الحديد)، في حين بلغ إنتاجها من الإسمنت 45.8 مليون طن خلال عام 2022، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية التابعة لاتحاد الصناعات المصرية.

أسعار العقارات

من المتوقع أن ترتفع أسعار العقارات في مصر بنحو 30 إلى 40 في المئة خلال عام 2024، في ظل الزيادات المطردة في تكاليف مواد البناء، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة مصر إيطاليا محمد العسال.

وأشار إلى أن أسعار الحديد والإسمنت تمثل نحو 70 في المئة من تكلفة البناء في الوحدات نصف التشطيب.

وأضاف العسال أن أي تحريك لسعر العملة المحلية مقابل الدولار في البنوك سينعكس سلباً على أسعار العقارات.

وخفضت مصر قيمة عملتها المحلية بأكثر من 50 في المئة منذ مارس آذار 2022، ومن المرتقب أن تتبع سياسة أكثر مرونة في تحديد سعر الصرف تلبية لاشتراطات صندوق النقد الدولي للحصول على الدفعة الجديدة من قرض توصلت البلاد لاتفاق بشأنه مع الصندوق.

أسعار مواد البناء العالمية

وتوقع مصطفى خليل رئيس مجلس إدارة شركة تاج مصر للتطوير العقاري، زيادة أسعار العقارات بنحو 40 في المئة خلال العام الجاري بدعم من ارتفاع أسعار مواد البناء محلياً وعالمياً.

وأضاف أن أسعار مواد البناء مثل النحاس والقصدير وخام البليت ارتفعت عالمياً بنحو 10 إلى 18 في المئة، بالإضافة إلى زيادة الأسعار محلياً بسبب أزمة العملة وارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية.

وتوقعت أمنية عوض عضو مجلس إدارة شركة (دي.آي.جي) للتطوير العقاري، ارتفاع أسعار الوحدات العقارية في مصر بنسب تتراوح بين 15 و20 في المئة خلال الربع الأول من عام 2024، نتيجة زيادة أسعار حديد التسليح والإسمنت.

وأشارت إلى أن الزيادات ستصل إلى 40 في المئة تدريجياً على مدار العام، متوقعة أن يشهد القطاع العقاري المصري ركوداً خلال الربع الأخير من العام الجاري.

الطلب على العقارات

وعلى الرغم من الزيادات المرتقبة في أسعار الوحدات السكنية فإن العسال استبعد أن يتأثر الطلب على العقارات في مصر كونها استثماراً آمناً للحفاظ على أموال العملاء، بالإضافة إلى وجود احتياج حقيقي للوحدات الجديدة في ظل الزيادة السكنية المطردة.

ويستحوذ القطاع العقاري في مصر على 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويواجه طلباً سنوياً يصل إلى 2.5 مليون وحدة سكنية لتلبية الزيادة المطردة في أعداد السكان.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة مصر إيطاليا إلى أن هناك زيادة كبيرة في الطلب على الوحدات في المناطق الجديدة مثل التجمع الخامس والشيخ زايد والعاصمة الإدارية والساحل الشمالي، خاصة من العملاء في دول الخليج والمصريين المقيمين بالخارج.

وأكد أحمد جمعة العضو المنتدب لشركة جست للتطوير العقاري، أن الإقبال على القطاع العقاري يزداد في أوقات الأزمات الاقتصادية، إذ يعد وسيلة آمنة لحماية المدخرات من التآكل وتراجع القيمة بفعل التضخم، فضلاً عن الزيادة المستمرة في أسعار العقارات، ما يضمن للعميل عوائد جيدة عند البيع.

وتوقع جمعة أن تسهم زيادة الإقبال على شراء العقارات في ارتفاع أسعارها بنسب تتراوح بين 70 و80 في المئة خلال عام.

(الدولار = 30.91 جنيه مصري)