كشف تقرير نشرته شركة الاستشارات العقارية العالمية نايت فرانك، أنه من المتوقع أن يرصد مستثمرون مسلمون من أنحاء العالم مبلغاً قدره 1.96 مليار دولار للاستثمار في العقارات في كل من المدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وأجرت شركة نايت فرانك استطلاعاً لآراء 506 من الأثرياء المسلمين من تسع دول وبرزت مكة المكرمة (30 في المئة) كأفضل مدينة في قائمة تفضيلات الأثرياء المسلمين العالميين لشراء العقارات في السعودية، واحتلت الرياض المرتبة الثانية (25 في المئة) والمدينة المنورة في المرتبة الثالثة (19 في المئة).
قال فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن «نحو 84 في المئة من الأثرياء المسلمين العالميين الذين يهتمون بالاستثمار في السعودية يرغبون في تملك منزل في إحدى المدن المقدسة، هذا الأمر يؤكد عمق الطلب على شراء الممتلكات من خارج البلاد، كما أن 48 في المئة من هؤلاء الأغنياء قالوا إنهم يرغبون في شراء عقار في مكة لاستخدامه كمقر إقامةٍ رئيس».
وأضاف هارمن دي يونغ، شريك ورئيس قسم الاستراتيجيات والاستشارات العقارية أن «التأشيرة المميزة الجديدة لأصحاب العقارات تعد خطوة جيدة من السلطات، ومن المتوقع أن تعزز الطلب في الوقت الحالي، فالمهاجرون الشباب في داخل السعودية كانوا يستأجرون منازلهم بدلاً من شرائها، ما أدى إلى تباطؤ مستوى نشاط الصفقات، وبالفعل فقد شهدت أحجام المبيعات السكنية في البلاد انخفاضاً بنسبة 16 في المئة خلال العام الماضي».
وبحسب نايت فرانك، شهد إجمالي حجم المعاملات العقارية على أساس سنوي عبر جميع فئات الأصول في السعودية انخفاضاً بنسبة 17 في المئة خلال عام 2023، فيما انخفضت القيمة الإجمالية بنسبة 9 في المئة لجميع الصفقات.
وتشير الإحصاءات التي نشرتها نايت فرانك إلى أن متوسط الميزانيات للمسلمين الأثرياء في المدن المقدسة يبلغ 4.7 مليون دولار أميركي، ويظهر أن 40 في المئة من الأثرياء الذين يتطلعون إلى الاستثمار في مكة مستعدون لإنفاق ما يزيد على 5 ملايين دولار أميركي.
وأوضح دوراني أن متوسط ميزانيات المسلمين الأثرياء، التي «تبلغ 4.7 مليون دولار أميركي لشراء المنازل في المدن المقدسة، ستشكل بالتأكيد دفعة قوية لمطوري مشاريع الغيغا، إذ من المتوقع أن يبدأ العديد منهم في تسويق منازل تتجاوز قيمتها المليون دولار أميركي، وهو مبلغ يتجاوز الجزء الأكبر من الميزانيات المحلية في المملكة العربية السعودية -حيث يمتلك ثلثا السعوديين ميزانيات لشراء منازل تصل قيمتها إلى 1.5 مليون ريال سعودي».
يتبين أن 28 في المئة من المشترين المسلمين ذوي الثروات العالية يولون اهتماماً بامتلاك العقارات في المملكة العربية السعودية، تعود دوافع الطلب على عقارات السعودية إلى: اعتبارها فرصة استثمارية (60 في المئة)، والبعض أيضاً يتجه إليها لأسباب ثقافية ودينية (45 في المئة).
ويرغب 22 في المئة من الأثرياء في إتمام عملية الشراء هذا العام، بينما يتطلع 33 في المئة آخرين لامتلاك عقارات في المملكة خلال الـ12 إلى 24 شهراً القادمة.
توجه للدفع النقدي
يُفضّل غالبية الراغبين في شراء عقار في مكة عن طريق دفع المبلغ بالكامل (66 في المئة) عند إتمام المعاملة، في حين ذكر 33 في المئة فقط أنهم يرغبون في اتباع خطط الدفع، بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى الاستثمار بالمدينة المنورة، يظهر أن 54 في المئة منهم يفضّلون دفع ثمن العقار بالكامل عند الشراء، بينما يبحث الباقون عن خيارات سداد مرنة.
وتزيد الرغبة في الدفع النقدي لشراء العقارات بشكل كبير مع ارتفاع مستويات الثروة الشخصية، حيث تتغير هذه النسبة من 31 في المئة لأولئك الذين تقل ثرواتهم الصافية عن 500 ألف دولار أميركي إلى 78 في المئة لأولئك الذين تتجاوز ثرواتهم 3 ملايين دولار أميركي.
رغبات المستثمرين
قال محمد عيتاني، الشريك ورئيس قسم مبيعات وتسويق المشاريع السكنية في المملكة العربية السعودية إنه «على الرغم من أن الأثرياء من المسلمين حول العالم يظهرون اهتماماً بالاستثمار في المملكة، فإن التحدي الرئيس الذي يواجه المطورين يكمن في إيجاد توازن بين توقعات المسلمين الأثرياء العالميين والتوقعات المحلية للمشترين، على سبيل المثال يظهر أنّ 77 في المئة من الراغبين في شراء عقارات في مكة مهتمون بالشقق، بينما تكون النسبة أعلى في المدينة المنورة حيث يرغب 84 في المئة في العيش في شقق، وهذا يتناقض تماماً مع ميل المواطنين السعوديين، حيث يهتم أقل من نصفهم بامتلاك شقة».
يكشف بحث نايت فرانك أن 23 في المئة من الأثرياء المسلمين العالميين المهتمين بالتملك في مكة يتوقعون أن يكونوا على مسافة قريبة من الحرم، ويتوقع 63 في المئة منهم رؤية مباشرة ضمن موقع قريب من صلاة الحرم.
أما الذين يهتمون بالتملك في المدينة المنورة، فهم أكثر قناعة إلى حد ما في توقعاتهم، فبينما يتوقع 40 في المئة منهم أن يكون لديهم درجة معينة من القرب من الحرم، يتوقع 25 في المئة فقط منهم أن يكونوا على مسافة قريبة أي سيراً على الأقدام، ويتوقع أقل من النصف، أو نحو 46 في المئة رؤية مباشرة للحرم.
ويتوقع المستثمرون في المدن المقدسة أيضاً ارتفاعاً كبيراً في القيمة العقارية، حيث يتوقع 37 في المئة زيادة سنوية في الأسعار بنسبة تتراوح بين 6 و10 في المئة في المدينة المنورة، بينما يتوقع ما يقارب الثلث (31 في المئة) بشكل منفصل معدل الارتفاع نفسه في مكة المكرمة.
وشهدت الأسعار في مكة زيادة بمعدل 5.5 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنة بنسبة 5 في المئة في المدينة المنورة خلال الفترة نفسها.
أما العامل المهم الآخر، بحسب نايت فرانك، فهي العقارات في مرحلة قيد الإنشاء مقابل العقارات الجاهزة، حيث أبدى 30 في المئة فقط من الأثرياء العالميين اهتماماً بسوق المبيعات في مرحلة قيد الإنشاء في المملكة، أما 63 في المئة منهم فيفضلون عقارات جاهزة للتسليم.