أزاح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الستار عن اتفاق «إعادة ضبط» العلاقات مع الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في قصر لانكستر بلندن، وذلك في أول قمة رسمية من نوعها بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد.
ستارمر وصف الاتفاق بأنه «مربح للطرفين»، وأكد أن «بريطانيا عادت إلى الساحة العالمية»، مشيراً إلى أن الاتفاقات مع الهند وأميركا والاتحاد الأوروبي تُثبت عودة بلاده إلى واجهة المشهد الدولي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
12 عاماً إضافية للصيد الأوروبي
أحد البنود الأساسية في الاتفاق يقضي بتمديد وصول قوارب الصيد الأوروبية إلى المياه البريطانية حتى عام 2038، مقابل إزالة عدد من الحواجز التجارية التي كانت تؤخر عمليات الاستيراد والتصدير، خصوصاً للمنتجات الغذائية والزراعية.
وأوضحت الحكومة أن بعض الفحوصات الروتينية على المنتجات الحيوانية والنباتية سيتم إلغاؤها كلياً، ما من شأنه تسريع حركة الشحن وتقليل التكاليف على المصدرين البريطانيين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الاتفاق الحالي يُعد بمثابة «تمديد» لبنود اتفاق بريكست المعدل لعام 2019، والذي كان يفترض انتهاء ترتيباته المؤقتة في يونيو حزيران 2026.
رغم أن قطاع الصيد لا يشكل سوى 0.4 في المئة من الناتج المحلي البريطاني، إلا أن السيطرة على المياه الإقليمية كانت قضية رمزية رئيسية خلال حملة البريكست، ولتهدئة المخاوف الداخلية، أعلنت الحكومة عن إطلاق صندوق استثماري بقيمة 360 مليون جنيه إسترليني لدعم المجتمعات الساحلية وصناعة الصيد.
لكن الاتفاق لم يمر دون انتقادات؛ فقد وصفت زعيمة المحافظين كيمي بادينوك منح الاتحاد الأوروبي 12 عاماً إضافية للوصول إلى المياه البريطانية بأنه «تنازل مبالغ فيه»، فيما اعتبر النائب عن حزب ريفورم ريتشارد تايس أن ستارمر «باع الصيادين البريطانيين»، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
في المقابل، أشاد حزب الديمقراطيين الأحرار بالاتفاق، واعتبره «خطوة إيجابية أولى» نحو إعادة بناء الثقة مع أوروبا.
تعاون أوسع في الدفاع والطاقة والبيئة
يشمل الاتفاق أيضاً عدداً من مجالات التعاون الجديدة، أبرزها إعفاء الشركات البريطانية من ضريبة الكربون الأوروبية المرتقبة، وتشير تقديرات حكومية إلى أن الاتفاقات التجارية والمتعلقة بالطاقة ستضيف قرابة 9 مليارات جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني بحلول 2040، بالإضافة إلى تمهيد الطريق لمشاركة بريطانيا في صندوق الدفاع الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو.
وتتضمن البنود الأخرى دعماً محتملاً لبرنامج تنقل شبابي محدود المدة، وتوسيع استخدام المسافرين البريطانيين للبوابات الإلكترونية في مطارات أوروبا.
من القطيعة إلى التعاون.. لندن تفتح صفحة جديدة
الاتفاق يأتي بعد سنوات من التوترات الحادة التي صاحبت مفاوضات البريكست، والتي شكلت واحدة من أكثر المراحل اضطراباً في تاريخ السياسة البريطانية الحديث.
ومع صعود الأحزاب الشعبوية كـ«ريفورم يو كيه»، وتنامي القلق الشعبي من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، تسعى حكومة حزب العمال إلى تعزيز الاستقرار من خلال الواقعية والتعاون العملي.
وتظهر استطلاعات يو غوف أن غالبية البريطانيين باتوا يفضلون علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي، حتى وإن لم يدعموا العودة الكاملة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي.
ستارمر، من جانبه، اختصر رؤية الحكومة بقوله «حان الوقت للتطلع إلى الأمام وإيجاد حلول عملية تخدم الشعب البريطاني».