دور محوري للإمارات في ربط الأسواق العالمية عبر الممرات الاقتصادية

الإمارات في قلب المبادرات الاقتصادية العالمية (شترستوك)
الإمارات في قلب المبادرات الاقتصادية العالمية
الإمارات في قلب المبادرات الاقتصادية العالمية (شترستوك)

في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتلاحقة، التي كان أبرزها أزمة الغذاء العالمية عقب الحرب في أوكرانيا عام 2022، برزت الحاجة إلى حلول استراتيجية تعزز الأمن الغذائي، وتدعم سلاسل التوريد، وتفتح آفاقاً جديدة للتكامل التجاري واللوجستي بين الشرق والغرب.

وفي هذا السياق، تتسارع جهود دولية لتأسيس ممر اقتصادي عابر للقارات، تقوده دولة الإمارات بالشراكة مع دول كبرى مثل السعودية، والهند، والولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ويهدف هذا المشروع الطموح إلى إنشاء شبكة متكاملة تربط الهند بأوروبا عبر منطقة الشرق الأوسط، مستفيداً من البنية التحتية المتقدمة لدولة الإمارات، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي.

ويترافق هذا الممر مع مبادرات موازية كممر الأمن الغذائي الإماراتي الهندي، واستثمارات ضخمة ضمن مبادرة الحزام والطريق، ما يضع دولة الإمارات في موقع محوري كلاعب اقتصادي رئيسي يسهم في رسم خريطة جديدة للتجارة العالمية، وتعزيز النمو المستدام، وتنويع مصادر الطاقة والتبادل التجاري.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

مسار اقتصادي عالمي جديد لربط الشرق بالغرب

على خلفية أزمة الغذاء، التي شهدها العالم عقب الحرب في أوكرانيا التي شنتها روسيا في فبراير 2022، تأثرت سلاسل التوريد، وحدث تهديد للأمن الغذائي العالمي، كان العالم حينها يترقب اعتزام كلٍّ من الإمارات والمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والهند وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأميركا، إنشاء الممر الاقتصادي.

وتعد الإمارات نقطة انطلاق الممر الشرقي، ويُعزى ذلك إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي وما لديها من البنية التحتية المتطورة في مجال النقل واللوجستيات؛ ما يجعلها دولة محورية في الممر.

وفي التاسع من شهر سبتمبر 2023، أعلن عدة قادة عن إنشاء ممر اقتصادي طموح، للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.

ويتألف المشروع من ممرين منفصلين هما الممر الشرقي الذي يربط الهند بالخليج العربي والممر الشمالي الذي يربط الخليج بأوروبا.

وسيعمل المشاركون على تقييم إمكانية تصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف لتعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية كونه جزءاً من الجهود المشتركة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ودمج جوانب الحفاظ على البيئة في المبادرة، ويتضمن الاستثمار في سلاسل الإمداد المحلية والطاقة النظيفة واليد العاملة.

صندوق طريق الحرير يستثمر 10.28 مليار درهم

وقّعت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، وصندوق طريق الحرير الصيني، مذكرة تفاهم لاستكشاف فرص الاستثمار المشترك في مشاريع طاقة متجددة في دول تقع ضمن مبادرة الحزام والطريق، مع التركيز بشكل رئيسي على الدول النامية ودول الجنوب العالمي.

وتؤسسان شراكة استراتيجية تركز على استكشاف الفرص المتاحة للاستثمار المشترك في مشاريع طاقة متجددة تشارك فيها مصدر كمستثمر أو تتولى مهمة تطويرها وتشغيلها، إذ يعتزم صندوق طريق الحرير استثمار ما يصل إلى 20 مليار يوان صيني (ما يُعادل 10.28 مليار درهم/ 2.8 مليار دولار) في مشاريع مشتركة مع مصدر.

ممر الأمن الغذائي الإماراتي الهندي

كانت البداية في عام 2017 عندما وقعت دولة الإمارات 14 اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع الهند، التي تعد ثالث أكبر شريك تجاري لها.

وأعلنت دولتا الإمارات والهند عن إنشاء ممر للأمن الغذائي يتناسب مع مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

وتعمل الإمارات والهند على تعزيز التعاون من خلال إقامة ممر للأمن الغذائي بقيمة 7 مليارات دولار، وجرى التوقيع عليه في 18 فبراير 2022 على هامش اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 1 مايو 2022.

وقامت موانئ دبي العالمية والصندوق الوطني للاستثمار والبنية التحتية الهندي، في عام 2018، بوضع الأساس لهذه الاستثمارات عندما تم تشكيل منصة للاستثمار في الموانئ والخدمات اللوجستية بقيمة 3 مليارات دولار تسمى "هندوستان إنفرالوج الخاصة المحدودة".

وتولت مجموعة إعمار مهمة تنسيق استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار في الممر من قبل كيانات إماراتية مختلفة في سبتمبر أيلول 2019.

وأعلنت مجموعة شرف الإماراتية في ديسمبر 2020، وتعمل في 60 دولة عبر الشرق الأوسط وإفريقيا وشبه القارة الهندية وآسيا، أنها تخطط لاستثمار ما يزيد على مليار دولار في ممر الغذاء.

وقد وقعت دولة الإمارات اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الهند تلغي الرسوم الجمركية على نحو 90 في المئة من المنتجات المتداولة.

الإمارات لاعب رئيسي

تعد دولة الإمارات من أهم الدول التي شاركت في وضع الأسس القوية لتنفيذ مبادرة طريق الحرير، وذلك من خلال مشاركتها في تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومقره بكين في نهاية عام 2015، برأس مال مرخص 100 مليار دولار، ويركز على الاستثمارات في الطاقة وتوليد الكهرباء والمواصلات والبنية التحتية الريفية والحماية البيئية واللوجستيات.

وترتبط دولة الإمارات بعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة ومتعددة مع جمهورية الصين الشعبية التي تعد من أهم الشركاء الاستراتيجيين للدولة على المستوى العالمي وكذلك مع الدول التي ستكون مساهمة في الممرات التجارية لطريق الحرير التي ستربط الشرق بالغرب.

الحزام والطريق.. 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني

منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق في 2013 ودولة الإمارات تعد شريكاً فاعلاً، وذلك من خلال إمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة.

وضخّت الدولة نحو 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني- إماراتي مشترك لدعم مشروعات المبادرة في شرق إفريقيا، كما وقّعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018 للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.

وتُعد الصين ثالث أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات بقيمة 6.3 مليار دولار، مع ارتفاع الاستثمار الثنائي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى مستوى قياسي قدره 15 مليار دولار في عام 2022.

وتعتبر دولة الإمارات الشريك الأكبر للصين على مستوى العالم العربي في مجال التجارة غير النفطية، في حين تعد الصين الشريك التجاري الأول للإمارات، وتجاوز حجم التجارة غير النفطية بين البلدين في النصف الأول من العام الماضي 224 مليار دولار، مقارنة بـ 199.3 مليار دولار في عام 2023

15.5 ألف شركة صينية تعمل في السوق الإماراتية

وترتبط دولة الإمارات والصين بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية، إذ تعد الصين أكبر شريك تجاري للإمارات، وبالمقابل تمثل الإمارات أكبر شريك للصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما مع وجود قرابة الـ15500 شركة صينية عاملة في الأسواق الإماراتية حتى الآن، وفقاً لعبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي، رئيس إنفستوبيا.

ونجحت الإمارات خلال العقود الماضية في جذب استثمارات صينية كبيرة إذ استثمرت مئات الشركات الصينية أكثر من 6 مليارات دولار في قطاعات متنوعة مثل التجزئة والخدمات المالية والعقارات والبناء، مستفيدةً من بيئة الأعمال التنافسية التي طورتها الدولة، مثل برامج الإقامة طويلة الأجل وإتاحة التملك الأجنبي للشركات بنسبة 100 في المئة.

يشار إلى أن فعاليات الدورة الرابعة من مبادرة «اصنع في الإمارات»، انطلقت يوم الاثنين وتستمر حتى 22 مايو أيار الحالي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، تحت شعار «تسريع الصناعات المتقدمة».

ويأتي ذلك بمشاركة 671 شركة محلية ودولية، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالدورات السابقة، كما ارتفعت مساحة المعرض إلى أكثر من 68 ألف متر مربع، ومن المتوقع أن تستقطب الفعالية أكثر من 30 ألف زائر.