في لحظة توتر سياسي واقتصادي شديد، تمكّن الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي فجر الخميس من تخطي العقبة الإجرائية الأخيرة تمهيداً للتصويت النهائي على مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب الذي وصفه بـ«الكبير والجميل». وهو مشروع يشمل خفضاً واسعاً في الضرائب وزيادة في الإنفاق، ويعد من أضخم تشريعات الولاية الثانية للرئيس.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
تم التصويت الإجرائي بعد سلسلة من الاجتماعات المغلقة بين البيت الأبيض والكونغرس، وأسفر عن موافقة 219 نائباً مقابل 213، وهو فارق ضئيل يعكس هشاشة الإجماع داخل الحزب الجمهوري.
يأتي ذلك بعد ساعات من التردد والانقسام بين جناحي الحزب، وهما المحافظون المتشددون الذين حذروا من اتساع العجز، والجمهوريين الوسطيين القلقين من تأثيرات التخفيضات على برامج الرعاية للفئات الأكثر ضعفاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
المفارقة أن ترامب نفسه تدخل شخصياً لإقناع المترددين، عبر اتصالات هاتفية وحتى منشورات غاضبة على منصة «تروث سوشال» قال فيها «ما الذي تنتظرونه أيها الجمهوريون؟ ما يحدث سخيف ومكلف!»، ما ساعد في كسر الجمود وتمرير التصويت الإجرائي.
الرقم الذي يخيف الجميع؟
تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن المشروع، بصيغته الحالية، سيضيف نحو 3.4 تريليون دولار إلى الدين العام الأميركي، الذي تجاوز فعلياً 36.2 تريليون دولار.
هذا يمثل زيادة قدرها تريليون دولار على النسخة السابقة التي أقرها مجلس النواب في مايو أيار الماضي.
يشمل المشروع تمديداً لتخفيضات ترامب الضريبية لعام 2017، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية على البقشيش والعمل الإضافي، وتمويل سياسات صارمة للهجرة، وتوسيع الإنفاق على الأمن الداخلي.
في المقابل، تتضمن الخطة تخفيضات كبيرة في برامج «ميديكيد» للرعاية الصحية ومساعدات التغذية، إلى جانب إلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة الخضراء.
مخاوف حقيقية داخل الحزب الجمهوري
بعض الجمهوريين، خصوصاً من «تكتل الحرية» المحافظ، عبّروا عن استيائهم من مشروع القانون، ووصفوه بأنه «تراجع عن المبادئ المالية» بسبب العجز المتزايد.
أما النواب الوسطيون فحذروا من فقدان الدعم الشعبي في دوائرهم الانتخابية، خاصة في حال تمرير التخفيضات التي قد تؤدي إلى فقدان نحو 12 مليون أميركي تأمينهم الصحي بحلول عام 2034، وفقاً لمكتب الميزانية.
رغم هذه التحفظات، نجح ترامب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون في احتواء الخلافات مؤقتاً، وهو ما سمح بالتصويت.
لكن الكتلة الداعمة للمشروع تظل هشة، وأي تعديل في مجلس النواب سيُلزم بعودة المشروع لمجلس الشيوخ، ما يهدد مهلة 4 يوليو تموز التي حددها ترامب.
الذكاء الاصطناعي.. ساحة معركة جديدة داخل الحزب
ومن بين النقاط المثيرة للجدل التي تم استبعادها في اللحظات الأخيرة، بند لمنع الولايات من إصدار قوانين تنظم الذكاء الاصطناعي لعقد من الزمن.
هذا المقترح واجه مقاومة شديدة من تيارات محافظة تخشى من منح «كارت أبيض» لكبرى شركات التكنولوجيا، وتحذر من تهميش دور الولايات في حماية المواطنين، خاصة الأطفال، من تبعات التقنية.
تم إسقاط البند بأغلبية شبه كاملة بعد حملة شرسة من ناشطين محافظين، ومؤسسات فكرية، وحكام جمهوريين، لتظهر بذلك ملامح انقسام جديد في قلب الحركة المحافظة.. هل الأولوية لكبح جماح التكنولوجيا؟ أم لتعزيز الابتكار واللحاق بالصين في سباق الذكاء الاصطناعي؟
يأتي هذا القانون في سياق استعادة ترامب للبيت الأبيض في يناير كانون الثاني الماضي، وسعيه لتكريس إرثه الاقتصادي بمزيج من التخفيضات الضريبية، وسياسات الحمائية، وضبط الهجرة.
لكنه يواجه واقعاً سياسياً أكثر تعقيداً من ولايته الأولى، إذ لم يعد الانقسام بين الحزبين فقط، بل داخل الحزب الجمهوري ذاته.
يعكس الجدل حول القانون معركة أكبر حول هوية الحزب، وحدود التدخل الحكومي، وأولويات الاقتصاد الأميركي في زمن ما بعد الجائحة، والتضخم، والذكاء الاصطناعي.