رغم وفرة الإنتاج العالمي.. أسعار الغذاء تواصل الارتفاع

رغم وفرة الإنتاج العالمي.. أسعار الغذاء تواصل الارتفاع بقيادة اللحوم والزيوت (شترستوك)
رغم وفرة الإنتاج العالمي..أسعار الغذاء تواصل الارتفاع بقيادة اللحوم والزيوت
رغم وفرة الإنتاج العالمي.. أسعار الغذاء تواصل الارتفاع بقيادة اللحوم والزيوت (شترستوك)

الطلب القوي من آسيا وأميركا يرفع الأسعار، والقمح يتجاهل وفرة الإنتاج بسبب طقس روسيا وأوروبا.. وأسواق الشرق الأوسط تترقب التأثير.

ارتفع مؤشر أسعار الغذاء العالمي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للشهر الثاني على التوالي، ليسجل 128 نقطة خلال يونيو حزيران، مدفوعاً بصعود أسعار اللحوم والزيوت ومنتجات الألبان، وذلك رغم تراجع أسعار الحبوب والسكر.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ويعكس هذا الارتفاع المستمر وجود ضغوط تضخمية عالمية لا تزال تؤثر على الأسواق، بما فيها أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفرة في إنتاج الحبوب لكن الأسعار لم تتراجع

رغم إعلان الفاو عن توقعات بإنتاج قياسي من الحبوب عالمياً يبلغ 2.925 مليار طن في 2025، بزيادة تقارب 14 مليون طن عن تقديرات يونيو حزيران الماضي، لم ينعكس ذلك في شكل انخفاض في الأسعار، بل على العكس.

سجّل مؤشر أسعار الحبوب 107.4 نقطة في يونيو حزيران 2025، منخفضاً بنسبة 1.5 في المئة من  109 نقطة عن مايو أيار، لكنه لا يزال يواجه ضغوطاً في بعض الأنواع، وأبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره بشكل طفيف مقارنة بالشهر السابق، رغم دخول موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي.

جاء الارتفاع مدفوعاً بمخاوف الطقس في روسيا والاتحاد الأوروبي وأميركا، وهي دول تعد من كبار المصدرين، ما يعني أن دولاً مستوردة رئيسية في المنطقة مثل مصر والمغرب وتونس قد لا تستفيد من وفرة الإنتاج بالقدر المأمول، بسبب استمرار الأسعار العالمية عند مستويات مرتفعة نسبياً.

وفي المقابل، انخفضت أسعار الذرة، التي تشكل غالبية الحبوب الخشنة، للشهر الثاني على التوالي، بفعل زيادة الإمدادات من البرازيل والأرجنتين، وهي نقطة إيجابية نسبياً لبعض الصناعات الغذائية والعلفية في الدول العربية.

أسعار الزيوت والزبدة واللحوم ترتفع عالمياً

قفزت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 2.3 في المئة خلال يونيو حزيران، مدفوعة بارتفاع أسعار زيت النخيل والصويا والكانولا، في وقت تعتمد فيه دول الشرق الأوسط، خاصة الجزائر والسعودية والإمارات ومصر، على هذه الزيوت في الصناعة والاستهلاك اليومي.

ويأتي هذا الارتفاع في ظل توقعات بزيادة استخدام الزيوت في إنتاج الوقود الحيوي في أميركا والبرازيل، مما يقلّص المعروض الموجه للاستهلاك الغذائي.

سجّل مؤشر اللحوم العالمي أعلى مستوى له على الإطلاق عند 126 نقطة، وسط ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء تحديداً، والتي تُعد ذات تكلفة مرتفعة أصلاً في الدول العربية، خاصة في الأسواق التي تعتمد على الاستيراد مثل دول الخليج ومصر ولبنان.

ارتفاع الأسعار جاء نتيجة تراجع الصادرات من البرازيل وزيادة الطلب من أميركا، في حين أن أسعار لحوم الدواجن تراجعت في البرازيل مؤقتاً بسبب قيود الإنفلونزا، لكنها بدأت في التعافي نهاية الشهر، ما قد ينعكس على الصادرات المتجهة إلى الشرق الأوسط.

وسط هذا الارتفاع العام، شهد مؤشر السكر تراجعاً بنسبة 5.2 في المئة ليصل إلى أدنى مستوياته منذ أبريل نيسان 2021، ما يشكل خبراً جيداً نسبياً للمستهلك في دول عربية تعتمد على الاستيراد مثل المغرب ومصر.

تسارع الحصاد في البرازيل وتحسّن التوقعات في الهند وتايلاند لعبا دوراً محورياً في انخفاض الأسعار، لكن استمرار هذا الاتجاه يبقى رهناً بالمناخ ومستوى التصدير.

شهدت أسعار الألبان زيادة طفيفة بنحو 0.5 في المئة، لكن أسعار الزبدة تحديداً ارتفعت بنسبة 2.8 في المئة إلى مستوى قياسي.

ويرجع ذلك إلى تراجع الإنتاج في نيوزيلندا وأوروبا بسبب قيود بيئية وأثر فيروس البلوتانغ في الأبقار.

هذه الزيادات قد تؤثر على دول الخليج ومصر ولبنان والأردن التي تستورد كميات كبيرة من منتجات الألبان الأوروبية.

وفرة المعروض لا تكفي لضبط الأسعار

باختصار، على الرغم من التوقعات المتفائلة من الفاو بشأن الإنتاج والمخزونات، خاصة من القمح والذرة والأرز، فإن الأسواق لا تتجاوب بشكل مباشر مع هذه الوفرة، بفعل التحديات المناخية والجيوسياسية والطلب الصناعي، خاصة في قطاع الطاقة الحيوية.

بالنسبة للدول العربية فإن مزيجاً من الاعتماد على الاستيراد وتقلبات أسعار الشحن وضعف العملة المحلية في بعض البلدان يجعل من التأثير الفعلي لهذه المؤشرات محدوداً ويعني استمرار الضغط على المستهلك.