انهيار دبلوماسية الباندا الصينية يدمّر اقتصاد «شيراهاما» اليابانية

تُعير الصين الباندا لدول كسفراء للنوايا الحسنة ولتعزيز العلاقات التجارية لكن يبدو أن "دبلوماسية الباندا" قد بدأت تفقد دورها في اليابان. شاتر ستوك
انهيار دبلوماسية الباندا الصينية يدمّر اقتصاد «شيراهاما» اليابانية
تُعير الصين الباندا لدول كسفراء للنوايا الحسنة ولتعزيز العلاقات التجارية لكن يبدو أن "دبلوماسية الباندا" قد بدأت تفقد دورها في اليابان. شاتر ستوك

على مدار 3 عقود كانت حيوانات الباندا العلامة المميزة لمدينة شيراهاما اليابانية، واجتذبت حديقة حيوانات «أدفنتشر وورلد» المحلية مئات الآلاف من الزوار العاشقين لهذه المخلوقات اللطيفة، ما رفع المدينة إلى مكانة مميزة على خريطة السياحة اليابانية، لكن الآن تغادر آخر 4 دببة باندا من شيراهاما.

وعلى الرغم من أنها جميعاً وُلِدت في هذه المدينة، فإن حيوانات الباندا تنتمي في النهاية إلى الصين، التي بدأت إعارتها لشيراهاما عام 1994.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

هذا العام رفضت الصين تمديد الاتفاقية واستدعت حيوانات الباندا الأخرى إلى موطنها الأصلي، ولن يحل محلها أي حيوان آخر في (مدينة الباندا اليابانية)، كما يُطلق على شيراهاما التي تواجه مستقبلاً بلا دببة.

تقع شيراهاما، على الساحل الجنوبي لليابان، وتتواجد وجوه الباندا الرقيقة، ذات اللونين الأبيض والأسود، في كل مكان بالمدينة، من القطارات والحافلات إلى المطاعم ومحلات بيع التذكارات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

تُعرف هذه المدينة باسم «مدينة الباندا»، وقد استضافت منذ فترة طويلة حشوداً من الزوار الباحثين عن عطلات مميزة، من أبرزها مشاهدة دببة الباندا المفضلة لديهم وهي تعانق الأشجار، وتمضغ الخيزران، وتتمايل في أقفاصها.

لطالما كانت الدببة شريان حياة اقتصادياً لسكان المدينة البالغ عددهم 20 ألف نسمة، ومع رحيل آخر أربعة من حيوانات الباندا تغرق المدينة في حالة من الغموض.

يُقدّر كاتسوهيرو مياموتو، الأستاذ الفخري للاقتصاد في جامعة كانساي، أن المدينة قد حققت 125.6 مليار ين (870 مليون دولار) من الإيرادات من اقتصاد الباندا على مدى العقود الثلاثة الماضية، وصرّح لشبكة CNN «الباندا هي أكبر عامل جذب للسياحة، وبدونها، سينخفض عدد السياح»، وبدون الحيوانات، ستخسر المدينة ما يصل إلى 6 مليارات ين (41 مليون دولار) سنوياً، أي ما يعادل 40 في المئة من ميزانية شيراهاما السنوية، كما يقول.

ويُقدّر أن شيراهاما ستخسر 200 ألف سائح سنوياً، وأن هذا التراجع سيؤدي إلى فقدان الوظائف وتسريع وتيرة تناقص عدد السكان، ما يجبر الأجيال الشابة على الانتقال إلى مدن أخرى بحثاً عن فرص عمل أفضل.

يكشف التجول في المدينة مدى اعتماد صناعة السياحة في شيراهاما على هذه الدببة المستعارة من الصين، حيث توفر الفنادق غرفاً بطابع الباندا، وتُزيّن آلات البيع نسخاً من الدببة من قصص المانغا، وتقدم المطاعم أطباق رامين وحلويات بلمسات مميزة على شكل الباندا.

كانت شيراهاما تشتهر في السابق بينابيعها الساخنة، التي يُقال إنها من بين أقدم الينابيع في اليابان. ولكن بعد أن بدأت الينابيع بالتلاشي في أواخر القرن العشرين، أعادت المدينة تسويق نفسها من خلال تركيز جاذبيتها على يوهين وإيمي، أول حيواني باندا استلمتهما من الصين عام 1994.

على مدار 31 عاماً، أثمر هذا الرهان عن نجاح كبير، بفضل حب الشعب الياباني لهذه الحيوانات، ويبدو أن الأمر كان جيداً للباندا أيضاً، فقد أنجب الدب إيمي، 16 شبلاً، وهو أنجح ذكر باندا خارج الصين.

دبلوماسية الباندا

تُعير الصين الباندا لدول، بما فيها الولايات المتحدة، كسفراء للنوايا الحسنة ولتعزيز العلاقات التجارية، لكن في شيراهاما، يبدو أن «دبلوماسية الباندا» قد فقدت دورها.

يرى ماساكي إيناغا، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة طوكيو، أن السياسة قد تكون عاملاً مؤثراً في هذا القرار، ففي العام الماضي، انتخب سكان شيراهاما، ياسوهيرو أوي، كعمدة للمدينة، وهو سياسي مؤيد لتايوان.

يقول إيناغا «الصين ترى أن قضية تايوان أمر لا يمكن تجاهله».

انتقد أوي، العمدة الجديد، القرار الصيني، وصرّح لشبكة CNN «أنا رئيس بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة، ولمجرد أن لي علاقات مع تايوان، تقول الصين (أعيدوا الباندا)؟»

ورداً على استفسارات CNN، أكدت وزارة الخارجية الصينية مجدداً أن تايوان «شأن داخلي صيني بحت، وينبغي للسياسيين اليابانيين أن يتحلوا بفهم دروس التاريخ، وأن يكونوا حذرين في أقوالهم وأفعالهم بشأن قضية تايوان».

وأضاف مكتب المتحدث الرسمي أن الصين واليابان حافظتا على تواصل مستمر بشأن حماية الباندا.

لكن إيناغا أشار إلى أنه حتى لو قررت بكين إرسال المزيد من الباندا إلى اليابان، فمن غير المرجح أن تعود الباندا إلى مدينة شيراهاما.

ويقول أوي إنه يمتلك بعض الحلول لأزمة السياحة الوشيكة، أحدها يتمثل في استغلال نقطة الخلاف نفسها لجذب المزيد من المسافرين من تايوان.

ورغم رحيل الدببة، أعلنت شركة تشغيل القطارات اليابانية «جي آر ويست» أنها ستواصل تشغيل خدمة قطارات تحمل شعار الباندا تربط مدينة شيراهاما بمدينتي كيوتو وأوساكا، وعند مدخل مبنى حكومة شيراهاما، تُوجد لافتة كُتب عليها «شيراهاما.. مدينة الباندا».

لا يزال لدى اليابان اثنان من الباندا في حديقة حيوان أوينو بطوكيو، لكن من المقرر أن ينتهي عقد إعارتهما العام المقبل.
(CNN)