لم يعد دعم الشركات لقضايا المناخ متعلقاً بالمبادرات فقط، بل أصبح ضرورة قصوى خاصة مع تأثيرات تغير المناخ، وموجات الطقس الأسوأ التي شهدها العالم خلال العام الجاري.
تسعى العديد من الشركات إلى تبني تدابير الاستدامة البيئية في ظل هذه التداعيات الصعبة التي تواجهها جراء التغير المناخي، وتعهدت نحو ثلث أكبر الشركات في العالم بالالتزام بالوصول إلى صافي الانبعاثات الكربونية.
لكن على الرغم من هذه التعهدات، فإن 7 في المئة فقط من هذه الشركات تسير على الطريق الصحيح نحو خفض نسبة الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة الناجمة عن أعمالها، وفقاً لما أورده تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي.
وأضاف التقرير أن الأمر يتطلب إجراءات أكثر جرأة من قبل القطاع الخاص؛ لتحقيق أهداف الشركات المتعلقة بالاستدامة، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
قد يكون نصف الكرة الشمالي في مرحلة الترحيب بالخريف، لكن الحرارة الشديدة لم تهدأ، وبالتالي فإن أزمة المناخ تتفاقم مع مرور الوقت، إذ تُظهر البيانات الجديدة أن شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي كان أعلى حرارة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصبح الشهر الخامس على التوالي بعد سبتمبر أيلول في قائمة الأكثر سخونة مقارنة بالفترات نفسها من الأعوام الماضية، وبالتالي فإن الكوكب لم يشهد مثل هذه الحرارة غير المسبوقة؛ ما يضع عام 2023 على مسار مقلق ليكون العام الأكثر سخونة في التاريخ.
من هنا، كشف تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عن تبني بعض الشركات نهجاً تدريجياً، باستخدام أشكال مختلفة من رأس المال، بما في ذلك العمل الخيري، ورأس المال الاستثماري، والقوة الشرائية، وسندات الاستدامة، وأرصدة الكربون، بهدف تسخير القوة الكاملة لأعمالها بشكل أكثر فاعلية في العمل المناخي.
وأفاد التقرير بخمسة طرق يمكنها دعم تمويل الشركات للمناخ، واستناداً إلى محادثات مع 18 شركة مختلفة.
افهم أهدافك
لا يوجد حلٌّ سحري عندما يتعلق الأمر بتمويل المناخ، تحتاج الشركات أولاً إلى توضيح أهدافها المناخية والتجارية حتى تفهم بشكل أفضل ما يجب تحسينه في استراتيجية تمويل قضايا المناخ، الأمر الذي يسهّل عملية تحديد أولويات الاعتبارات المعقدة، مثل مدى حاجة الشركات إلى العوائد المالية، ونوع التأثير المناخي الذي تبحث عنه.
العمل مع أصحاب المصلحة
سلط التقرير أيضاً الضوء على أهمية التعاون مع المحامين الذين يمكنهم تحديد المخاطر وتخفيفها والمساعدة في هيكلة ما يتطلبه تمويل قضايا المناخ.
استكشف خيارات تمويل قضايا المناخ
على الرغم من معرفة كل شركة بآليات تمويل المناخ لدى الشركات المنافسة، فإنها قد تحتاج إلى اتباع آلية جديدة، على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالسندات الخضراء المرتبطة بالاستدامة، وجدت بعض الشركات أن الأداة ذات أهمية كبيرة إذا كانت في مرحلة النمو والتوسع.
بناء استراتيجية شاملة
تستفيد بعض الشركات من مزيج من الموارد الرأسمالية اعتماداً على احتياجات الابتكار المناخي، وتمويل رواد الأعمال في مجال المناخ.
الاستعداد بشكل استباقي للأزمات المناخية
أفاد التقرير بضرورة الاستعداد المسبق لصناع القرار من خلال النظر إلى ما يلوح في الأفق، ومطابقة البرامج الحالية أو الجديدة مع أولويات الشركات.
تمكين القطاع الخاص
لتحقيق أهداف المناخ، تحتاج الشركات إلى اتباع نهج شامل ومتكامل في التعامل مع تمويل المناخ، ونشر أشكال متعددة من رأس مال الشركات بالتنسيق مع بعضها بعضاً.
إحدى الطرق التي يمكن للشركات اتباعها هي استخدام العمل الخيري لجذب أشكال مختلفة من رأس المال؛ فالعمل الخيري يتسم بالصبر، والقدرة على تحمل المخاطر، والمرونة، ما يجعله في وضع جيد يسمح له بإزالة مخاطر الاستثمارات من الممولين الآخرين.
تقرير يمهد لدور (كوب 28)
يأتي تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي قبل أيام من انطلاق النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب 28، الذي سيُعقد في الإمارات في نوفمبر تشرين الثاني.
وكانت اللجنة الانتقالية المعنية بصندوق تعويض الخسائر والأضرار، توصلت إلى اتفاق يضمن توصيات حاسمة لتفعيل الصندوق، ووضع عدة ترتيبات لتمويله، إذ سيطر هذا المصطلح على كوب 27.
وتشير الخسائر والأضرار إلى العواقب السلبية التي تنشأ عن مخاطر تغيّر المناخ التي لا يمكن تجنبها، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر، وموجات الحر الطويلة، والتصحر، وزيادة حموضة المحيطات والأحداث المناخية المتطرفة، مثل حرائق الغابات، وانقراض الأنواع، وفشل المحاصيل الزراعية.